رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحليل: حرب غزة تختفى من الإعلام الفرنسى وسط مخاوف من التحيز

غزة التي دمرها الاحتلال
غزة التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي

انخفضت التغطية التليفزيونية للحرب الدموية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة بشكل حاد في فرنسا، بعد خمسة أشهر من بدء العدوان الذي خلف أكثر من 30 ألفًا و700 فلسطيني حتى الآن، واستقطاب الناس في جميع أنحاء العالم.

وأثار هذا التراجع في التغطية مخاوف بشأن تحيز وسائل الإعلام والرقابة الذاتية مع لجوء المزيد من المشاهدين الفرنسيين إلى القنوات الدولية للبقاء على اطلاع، وذلك وفقًا لتحليل استعرضته إذاعة فرنسا الدولية (آر إف إيه)، اليوم الخميس.

ويظهر التحليل أن حرب غزة والكارثة الإنسانية التي تلتها قد اختفت إلى حد كبير من الشاشات الفرنسية- وتحديدًا نشرة الأخبار اليومية في أوقات الذروة في الساعة الثامنة مساءً- على القنوات TF1 وFrance 2 وM6، والتي تصل مجتمعة إلى 12.5 مليون مشاهد.

انتهاك لواجب تقديم المعلومات

وتقول باحثة الأنثروبولوجيا الإعلامية، سيليا شيرول، وهي أول من درس التغطية الفرنسية للأحداث: إن "هذا انتهاك حقيقي لواجب تقديم المعلومات".

وأضافت أنه "من بين البرامج الإخبارية العشرين التي تم تحليلها في الفترة من 8 إلى 14 يناير، تم تخصيص 29 ثانية فقط من البث لغزة ومصير الفلسطينيين، وإذا تم تقسيم هذه الأرقام بشكل فردي، فإنها تظهر خمس ثوانٍ لقناة TF1، و10 ثوانٍ لقناة  M6، و14 ثانية لتليفزيون France 2 العام".

وتشير الباحثة إلى أن هذا "الاختفاء" للفلسطينيين والتقاريرعن الحرب بشكل عام جاءت في الوقت الذي حققت فيه السينما الفرنسية وأحدث أفلام جينيفر لوبيز أعلى المبيعات.

تحيز واضح في تجاهل إحصاءات شهداء غزة

وبعد متابعة بحثها، توصل برنامج لشركة Arrêt Sur Images (إطار التجميد)، وهو برنامج يدرس التحيزات الإعلامية وتأثير وسائل الإعلام على الإدراك العام، إلى نتائج مماثلة.

لمدة 10 أيام من 4 إلى 15 فبراير، قام البرنامج بفحص البث الإخباري على TF1 وFrance 2،  ووجد أنه خلال 30 ساعة من البث و46 نشرة إخبارية، تم تخصيص خمس دقائق فقط للوضع في غزة.

ولم تكن هناك أي أجزاء أو تقارير مخصصة عن غزة خلال نشرات الأخبار الرئيسية في الساعة الواحدة ظهرًا والساعة الثامنة مساءً.

بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم أي قناة إخبارية فرنسية إحصاء شاملًا لعدد الشهداء في غزة خلال تلك الفترة، وبدلًا من ذلك، ركزت التغطية على المحتجزين الإسرائيليين، والعديد منهم فرنسيون، وعلى إعلانات الحكومة الإسرائيلية.

وخلصت شركة Arrêt Sur Images إلى أن الاختيارات التحريرية تعكس على الأرجح الاهتمامات المتصورة للجمهور المستهدف.

الصراع معقد للغاية بحيث لا يمكن فهمه

وقد أجرت منظمة "أكريمد" الفرنسية لمراقبة الإعلام، والتي تعمل على تعزيز التعددية والديمقراطية والنزاهة الصحفية، دراستها الخاصة حول كيفية تأطير وسائل الإعلام الفرنسية للصراع في الأيام والأسابيع التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر.

وقالت "أكريميد"، وهي توثق "عملية تهميش" قطاع غزة المحاصر: "قد يبدو هذا متناقضًا للوهلة الأولى، لكن الصمت جزء من الضجيج الإعلامي، وما يتم الصمت عنه لا يقل إثارة للاهتمام عما يقال من الفلسطينيين أنفسهم".

وقالت: "قد يكون أيضًا الإرهاق العام الناتج عن الصراع الذي طال أمده، أو التصور بأن الأمر معقد للغاية بحيث لا يمكن فهمه، قد ساهم أيضًا في انخفاض التغطية".

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني طال أمده وكأنه قضية ميؤوس منها

وصرح عالم الاجتماع الإعلامي، جان ماري شارون، لإذاعة ( RFI)، بأنه عندما يحدث حدث عالمي كبير، يبدأ "الإرهاق" حتمًا، وقد يكون من الصعب على الجمهور الاستمرار في المشاركة.

وقال شارون: "إنها ظاهرة كلاسيكية إلى حد ما نجدها بشكل خاص في حالات الحرب أو الأزمات"، مضيفًا أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده بدا منذ فترة طويلة وكأنه قضية ميؤوس منها.

وتابع: "إن الحرب في الشرق الأوسط أكثر تعقيدًا بكثير من الحرب في أوكرانيا، والتي لا تزال تتصدر عناوين الأخبار على الرغم من خلفيتها الاجتماعية والسياسية المعقدة".

وأشار إلى أن الفرنسيين قد يشعرون أيضًا بمزيد من الانخراط في أوكرانيا، لأنهم أقرب إليها جغرافيًا.