رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أرواح على حافة الهاوية.. "الدستور" تفتح ملف الابتزاز الإلكتروني

الابتزاز الإلكتروني
الابتزاز الإلكتروني

فتحت قضية نيرة صلاح الطالبة بكلية الطب البيطري في جامعة العريش بشمال سيناء، قضية الابتزاز الإلكتروني مرة أخرى بعد تعرضها لابتزاز أودى بحياتها داخل سكنها الجامعي عن طريق تناول "حبة غلال"، حسب قول أصدقائها.

وكشف التقرير الطبي الصادر من مستشفى العريش العام أن الطالبة 19 عامًا، حضرت للمستشفى وتم نقلها إلى قسم الاستقبال نتيجة اضطراب في درجة الوعي وهبوط حاد في ضغط الدم ونبض ضعيف ناتج عن ادعاء تناول مادة سامة غير معلومة المصدر والكمية وتم إجراء الإسعافات الأولية للطالبة ودخول العناية المركزة وإعطائها الأدوية المناسبة، لكنها توفت نتيجة سوء حالتها.

وفي بيان لوزارة الداخلية، قالت إنها أنهت فحص موقف الطالبة شروق أحمد و5 من زملائها ومشرفة المدينة الجامعية بجامعة العريش وأحد أصدقاء الطالبة الراحلة، تمهيدًا لعرضهم على النيابة  لكشف ملابسات الواقعة، ومع وقف والد الطالبة شروق رائد الشرطة عن العمل، لحين انتهاء التحقيقات حرصًا على نزاهتها. 

وقررت النيابة إعادة فتح التحقيقات في واقعة وفاة طالبة جامعة العريش، مرجعة الأمر إلى ما تم تداوله على مواقع التواصل وأقوال والدي المجني عليها وشقيقتها في إعادة التحقيقات بتشككهم في وجود شبهة جنائية في الواقعة.

وأصدرت النيابة العامة قرارًا باستخراج جثمان المجني عليها وتشريحه لبيان سبب الوفاة، واستدعت كل من أشارت إليه وسائل التواصل وتحريات الشرطة أن له صلة بالواقعة سواء من نسب إليه ثمة اتهام أو لديه معلومات عن الواقعة وجاري سؤالهم.

"الدستور" فتحت ملف الابتزاز الإلكتروني وتواصلت مع عدد من الفتيات اللاتي تم ابتزازهم خلال الفترة الماضية، حكت بعضهم عن واقعة الابتزاز وكيف استطاعت الحصول على حقها بشكل قانوني، وتحدثت مع عدد من المصادر المعنية بالقضية كي لا تقع أي فتاة فريسة لابتزاز الكتروني، يكون نتيجته إنهاء حياتها. 

ابتزاز وتدخل شرطي 

في البداية تحكي رشا محمد "عندما قررت السفر مع أصدقائي في رحلة سياحية، كنت سعيدة للغاية، كنت أتوقع الاستمتاع والابتعاد عن ضغوطات الحياة اليومية، ولكنني لم أكن أتوقع أن تتحول هذه الرحلة إلى كابوس حقيقي".

وتابعت "أثناء إقامتي بعيدًا عن الوطن والمألوف، بدأت أتلقى رسائل غريبة على هاتفي المحمول، تهددني بنشر صوري الشخصية إذا لم أدفع مبالغ مالية ضخمة. كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، وكنت محتارة حول كيفية التعامل مع هذه الوضعية المرعبة".

وأكدت رشا، لـ"الدستور": "لحسن الحظ، كانت لدي الشجاعة للتحدث مع أصدقائي واتخاذ قرار بالتواصل مع الشرطة في البلد الذي كنا فيه. بدأوا في التحقيق في القضية دون تأخير، ما منحني الأمل والقوة في مواجهة هذا التحدي". 

وأشارت الفتاة المصرية إلى أنه في الوقت نفسه، قامت باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية نفسها، بتغيير كلمات المرور وتأمين حساباتها على وسائل التواصل:"بفضل دعم أصدقائي وجهود الشرطة، تمكنا من التغلب على هذا الكابوس بنجاح، وعدت إلى بيتي بسلام"، منوهة إلى أنها اليوم تشعر بالثقة والقوة، وتدرك أنها قادرة على التعامل بشجاعة مع أي مشكلة قد تواجهها في المستقبل.

حقوقي: عقوبات الابتزاز الإلكتروني بين عام وسبع سنوات

ويرى عبدالرازق مصطفى، المحامي والباحث والخبير الحقوقي أن السياق العام، يُلاحظ فيه أن الوعي القانوني غير متاح لدى العديد من الأفراد، ما يؤدي إلى ارتكابهم لجرائم مثل الابتزاز الإلكتروني لتحقيق مكاسب مادية أو جسدية. 

وتابع مصطفى أنّ "في مصر تتراوح عقوبات الابتزاز الإلكتروني بين عام وسبع سنوات، وتشير الإحصائيات إلى أن معظم الجناة في هذا المجال من الرجال الذين يستهدفون النساء بسبب خوفهم من الفضيحة في المجتمع الشرقي".

أوضح الخبير الحقوقي أن المجني عليها لكي تحصل عليها على حقوقها، ينبغي أن تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة، في البداية، يجب عليها عدم الرد على الابتزاز وتجنب التفاعل مع المبتز، ثم التقاط لقطات شاشة للرسائل التي تم استلامها والتي تحتوي على التهديدات".

وتابع "بعد ذلك يمكنها تقديم بلاغ لمباحث الإنترنت في مدة تصل إلى 90 يومًا من وقوع الجريمة، يتم استقبالها هناك وسماع شهادتها، وتسجيل تفاصيل الواقعة، وطباعة اللقطات التي التقطتها للرسائل ومحتوى الهاتف المتعلق بالابتزاز".

وأكد مصطفى أن رجال الشرطة يقومون بتحليل المحتوى والروابط التي تم إرسالها لتحديد هوية الجاني وموقعه، وبعد ذلك يتم تقديم التقرير إلى النيابة العامة التي تقوم بفتح تحقيق وجمع الأدلة وسماع أقوال المجني عليها، وبناءً على التحقيقات يتم إحالة القضية إلى المحكمة الاقتصادية التي تقوم بالنظر في القضية واتخاذ القرارات القانونية المناسبة بناءً على الأدلة المقدمة".

أروى تحكي واقة ابتزاز إلكتروني 

واقعة آخرى من الفتيات الذين حدث لهم ابتزاز الكتروني، هي أروى حاتم التي تحكي لـ"الدستور": "أشعر حقًا بضرورة وجود إجراءات صارمة لمواجهة الأشخاص الذين يحاولون فرض التهديد والاستغلال علينا بشكل متكرر، فنحن بحاجة ماسة إلى الدعم والتضامن في مثل هذه الحالات الصعبة"، منوهة: "كنت على علاقة بشخص كان في البداية متفهمًا ومحفزًا لي في دراستي وأهدافي، لكن بدأ يتغير ويظهر نمطًا من السلوكيات الغير مقبولة، مثل التلاعب والاستهتار".

وتابعت الفتاة "كان يعترف بأخطائه عندما أنبهه إليها، ويعد بالتغيير والتصالح، لكن هذه الوعود كانت تتكرر دون أي تحسن فعلي. بالرغم من تعبيري عن عدم رضاي وقراري بالانفصال، إلا أنه أصر على استمرار العلاقة مبررًا بأسباب مختلفة، ولم أكن أقبل أي تبرير لسلوكه المتهاون والمستفز".

واستطردت حاتم: "اضطررت لإخبار والدي بالموقف، ورفضوا تمامًا استمرار العلاقة، لكن الأمور لم تتوقف هنا، فبعد فترة وجدت أنه يتجسس على محادثاتي ويرسل رسائل من هاتفي دون علمي، مما جعلني أشعر بالقلق والخوف بشدة، واقترح أصدقائي أن أقوم بعمل إعادة ضبط لهاتفي وتغيير رقم التعريف الخاص به، وآمل أن يتم حل المشكلة بشكل نهائي. أنا حقًا لا أعلم إذا ما كنت في أمان الآن أم لا، وهذا ما يسبب لي قلقًا وتوترًا شديدين".

برلمانية: القانون الموحد لمكافحة العنف يتضمن إجراءات خاصة بالابتزاز الإلكتروني

في الوقت نفسه تقول نشوى الديب، عضو مجلس النواب: "قمت بتقديم القانون المقترح إلى المجلس من قرابة السنتين، لكنه لم يحال بعد إلى اللجنة المختصة بالتشريع، وآمل أن يتم الإقرار به قريًبا". 

أوضحت الديب "الدستور": "يلملم القانون الموحد لمكافحة العنف ضد المرأة شتات المواد الموجودة في القانون الحالي، إضافة إلى المزيد من المواد المستحدثة للتعامل مع كافة أشكال العنف ضد المرأة". 

أكدت النائبة أن القانون الموحد لمكافحة العنف ضد المرأة يتضمن إجراءات خاصة لمكافحة العنف الإلكتروني باعتباره من أهم الجرائم المستحدثة طبقًا لمعطيات العصر. 

دور كبير لمكتب شكاوى المرأة 

وأوضحت أمل عبدالمنعم، عضو المجلس القومي للمرأة، مفهوم الجريمة قائلة: "الابتزاز الإلكتروني أو كما يعرف بـ التهديد بواسطة وسيلة الكترونية تتعدد صوره وأشكاله، فيمكن أن يحدث من الزوج أو من صديق سابق، أو شخص مجهول، ويكون المبتز يهدد بالإفصاح عن بيانات أو معلومات أو صور أو ما في حكمها بغرض فعل شيء أو الامتناع عن فعل شئ مثل طلب إقامة علاقة جنسية أوالحصول عن منفعة مالية، فتعدد الصور ولكن العقوبة والجريمة واحدة".

وتابعت عبد المنعم لـ"الدستور" أنّ هناك دور لمكتب شكاوى المرأة، حيث يتم تلقى شكاوى جرائم الإنترنت بصفه عامة على إحدى قنوات الاتصال بالمجلس، سواء الخط الساخن رقم ١٥١١٥ أو من خلال صفحات السوشيل ميديا، أو من خلال المقابلة الشخصية في فروع المكتب بكل محافظات الجمهورية.

وتابعت عضو المجلس القومي للمرأة، "يتم تلقى الشكوى ودراستها وإعطاء الضحية المشورة القانونية اللازمة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للشاكية، وفي حالة اتخاذ إجراء يتم تصبير الشاكية بالمعلومات المافية لكي يتم الاحتفاظ بالدليل الرقمي وإعطاء المشورة الكافية لحفظه وتقديمه لجهات إنفاذ القانون".

أشارت عبد المنعم إلى أنه "يتم التعاون والتنسيق مع قطاع تكنولوجيا المعلومات قسم المساعدات الفنية بوزارة الداخلية لكي يتم الحصول على الدليل الرقمي، ويتم إحالة البلاغ إلى النيابة العامة لإجراء تحقيق الواقعة تحقيقًا قضائيا ثم الإحالة إلى المحاكمة، وتقديم المساعدة القانونيه سواءً بالاستشارة أو الاستعانة بمحامين لحضور إجراءات القضية أمام النيابة العامة والمحاكمة وحتى إغلاق الملف".