رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كواليس افتتاح أهم المقابر الفرعونية بالأقصر بعد اكتشافها بربع قرن.. وأثرى: انتظروا مفاجآت جديدة

مقبرة نفر حتب
مقبرة نفر حتب

يومًا تلو الآخر تخرج إلى النور اكتشافات أثرية جديدة تثبت عظمة الحضارة المصرية القديمة، لعل أحدثها افتتاح إحدى أهم المقابر الفرعونية فى منطقة الخوخة فى البر الغربى بمحافظة الأقصر، حيث تقع مقبرة "نفر حتب"،، التى بدأ العمل بها منذ 24 سنة على يد بعثة جامعة بوينس آيرس الأرجنتينية بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار.

تمت أعمال افتتاح المقبرة الفرعونية، الأحد الماضى، بحضور الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وجونزالو أوريولابيتا، سفير الأرجنتين بالقاهرة، وذلك بعد الانتهاء من أعمال الترميم التي أجرتها البعثة الأرجنتينية تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار.

بداية مشروع ترميم وصيانة المقبرة

وطبقًا لما نشرته وزارة السياحة والآثار، أشار د. فتحي ياسين، مدير عام آثار مصر العليا، إلى أن مشروع ترميم وصيانة المقبرة بدأ عام 2000، حيث قامت جامعة بوينس آيرس (الأرجنتينية) بتسجيل ودراسة النصوص الموجودة بالمقبرة قبل البدء في ترميمها، إلا أن أعمال الترميم الفعلي بدأت عام 2013، حيث قام فريق من المرممين الألمان بصيانة وتنظيف اللوحات الجدارية بالمقبرة، ومعالجة الأجزاء الحجرية المفككة والشروخ وتثبيت الملاط المنفصل وطبقات الألوان على النقوش.

وقد أعربت د. Violeta Pereyra عن سعادتها بالانتهاء من ترميم المقبرة وافتتاحها بعد سنوات من أعمال الترميم بها، مثنية على التعاون الكبير مع المجلس الأعلى للآثار خلال فترة ترميم المقبرة.

معلومات عن المقبرة التاريخية

وحول افتتاح المقبرة، قال الدكتور أحمد بدران، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة: "إن نفر حتب هو أحد كبار رجال الدولة، ويعد من كبار الموظفين في عصر الأسرة الـ١٨، تحديدًا عهد الملك أي ١٣٢٧: ١٣٢٣ ق.م، ومن ألقاب نفر حتب، كاتب آمون "المعبود الرئيسي وقتها"، وكان المشرف على أملاك الزوجة الآلهية "أحمس نفرتاري" زوجة الملك أحمس الأول الذي قاد آخر مرحلة من مراحل تحرير مصر من احتلال الهكسوس، وكان المشرف على نساجات آمون الجميلات "السيدات التي يعملن في أعمال النسيج الخاصة بالأقمشة".

وتابع: "زوجته، وهي ميريت آمون بمعنى محبوبة آمون، كانت تعمل منشدة (مغنية) في معبد آمون، كانت تغني ضمن الكورال الذي يؤدي الأناشيد في المعبد أثناء احتفالات آمون".

وتابع: "المقبرة موجودة في منطقة الخوخة بالبر الغربي في الأقصر، وهى واحدة من الجبانات الخاصة بدفن الأشراف والنبلاء في عصر الدولة الحديثة، ومن هذه الجبانات (الخوخة، دراع أبوالنجا، الطارف، الأورنة، العساسيف)، غير الجبانتين الرئيسيتين الخاصتين بدفن الملوك، الأولى وادي الملوك "الملوك الحكام فقط"، ووادي الملكات "ملكات الدولة الحديثة".

وأوضح "بدران"، فى تصريح لـ"الدستور"، أن أعمال الترميم قامت بها البعثة الأرجنتينية تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار، حيث قامت جامعة بوينس آيرس (الأرجنتينية) عام ٢٠٠٠م بدراسة من الناحية المعمارية للمقبرة والتخطيط المعماري لها، وقامت بتصوير وتوثيق لكل غرف المقبرة ومبانيها، واستمرت الدراسة المبدئية حتى عام ٢٠١٣م.

بداية عملية ترميم المقبرة

وتابع: "عملية الترميم الفعلي بدأت منذ عام ٢٠١٣، وشملت عملية الترميم الدقيق عدة مراحل، من تنظيف النقوش والمناظر الموجودة على الجدران، نظرًا لأن المقبرة كانت مغلقة لفترة طويلة من الزمن تعرضت ألوانها لبعض التغييرات والاتساخات التي غيرت من طبيعة الألوان، واستخدم أفراد البعثة تطبيقات الليزر الحديثة لإزالة الاتساخات وعوامل التلف، وقاموا بعلاج الأجزاء الحجرية المفككة نظرًا لأن بعض الكتل سقطت من المقبرة، كما قاموا بعلاج الشروخ والكسور وتقوية الألوان".

وأكمل "بدران": "من التخطيط المعماري وتوزيع المناظر تعتبر المقبرة مرحلة من مراحل الفن المصري القديم في عصر الدولة الحديثة، خاصة أنه ظهر بها التجديد في عملية تقديم الشعائر الجنائزية وعملية تقديم القرابين".

وتتميز المقبرة بوجود مقصورة بها تمثالان، لصاحب المقبرة وزوجته، ظهر "نفر حتب" يرتدي عباءة كتانية درجة أولى، تغطي الجسم وشفافة من عند القدمين، بينما زوجته ترتدي عباءة كتانية تغطي الجسم بالكامل.

وقال "بدران": "من ملابس نفر حتب وزوجته يتضح لدينا مدى مهارة المصري القديم في عملية نسيج الأزياء وتميزه بها، واستخدامه منسوجات تتماشى مع طبيعة البيئة المصرية"، وحتى الآن ما زال الكثير من الأماكن، مثل "الفيوم، الجيزة، أسيوط، سيناء، وأماكن في الدلتا" تعمل فيها السيدات في نسيج الأقمشة والسجاد اليدوي، وهذه الحرف التراثية التي تفوق فيها المصري القديم تعمل الدولة على إحيائها من خلال عمل المشاغل والورش الخاصة بها.

وتابع "بدران": "تزامن افتتاح المقبرة للزيارة مع الانتهاء من عملية إظهار الألوان وترميمها في صالة الـ١٣٤ عمودا بمعبد الكرنك، والتي تعد من أكبر الصالات التي تم إنشاؤها في العالم كله، وأقامها الملك سيتي الأول وابنه رمسيس الثاني، وعادت بها الألوان كما كانت أيام المصري القديم في أبهى صورة".

وأوضح: إن اكتشاف المقبرة يعد عامل جذب للسياحة، حيث أضافت للبرنامج السياحي مقبرة جديدة يزورها السياح، ما يزيد من الترويج والإقبال السياحي، خاصة أننا في فصل الشتاء وهو ذروة الموسم السياحي في مصر، حيث يأتي السياح بعيدًا عن الثلوج والعواصف والجو البارد في أوروبا، للاستمتاع بالآثار والثقافة والتراث المصري، والطبيعة والجو المناسب، خاصة أن شعب مصر بطبيعته شعب كريم مضياف".

مشاريع أثرية قريبة

وصرّح "بدران": "إن المجلس الأعلى للآثار والبعثات الأجنبية تعمل على أكثر من مشروع، من أهمها: بعثة إسبانية تعمل على مقبرة لموظف كبير يدعى (جي حوتي)، وبعثة بولندية تعمل على ترميم معبد الملكة (حتشبسوت)، معبد الدير البحري، والدكتور زاهي حواس في بعثة يبحث فيها عن مقبرة الملكة (نفرتيتي)، وزوجة الملك توت عنخ آمون "عنخ إس إن آمون"، والعمل مستمر في الأقصر، تحديدًا في البر الغربي، من أعمال ترميم، وافتتاح مقابر جديدة، وتهيئة المواقع الأثرية كمزارات".

وأشاد "بدران" بالجهود المبذولة في الفترة الأخيرة من المجلس الأعلى للآثار، واهتمام القيادة السياسية والرئيس عبدالفتاح السيسي والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بنهضة قطاع الآثار، وظهرت تلك الجهود في: افتتاح متحف سوهاج القومي بعد ٣٠ عاما من توقفه عن العمل، وافتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط، وموكب المومياوات، واحتفالية طريق الكباش، الذي يعد حدثا عالميا شاهده العالم كله، وقرب انتهاء العمل والافتتاح القريب للمتحف المصري الكبير "هدية مصر للعالم"، والانتهاء من "متحف العواصم" الموجود في العاصمة الإدارية بجميع الآثار الموجودة بداخله، ومتوقف على الافتتاح، ويعتبر متحفا متفردا، ومتحف شرم الشيخ، ومتحف الغردقة، ولأول مرة يدخل القطاع الخاص إلى العمل الثقافي حيث ساعد في تأسيسه "جمعية الرجال المستثمرين في الغردقة"، تحت إشراف وزارة السياحة والآثار، و"المتحف الآتوني" بالمنيا، على الكورنيش.