رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يروّض الفراعنة «الفهود» فى انطلاق مشوار الأدوار الإقصائية بـ«الأمم الإفريقية»؟

منتخب مصر
منتخب مصر

من قلب الأزمات يولد الأبطال وتظهر معادن الرجال.. هكذا اعتدنا من منتخب مصر الأول لكرة القدم فى غالبية البطولات السابقة، ففى كل لحظة تشكيك بقدرات لاعبيه، يخرجون أفضل ما لديهم، ليقارعوا الأفضل فى القارة، ويظهروا بأفضل مستوياتهم فى المراحل الحاسمة.

يبدأ منتخبنا الوطنى مرحلة الأدوار الإقصائية فى بطولة كأس الأمم الإفريقية، مساء الأحد، بمواجهة الكونغو الديمقراطية فى دور الـ١٦، بعدما حقق كلا المنتخبين ٣ تعادلات فى دور المجموعات، دون أى انتصار.

وبسيناريو مشابه للنسخة الماضية، ضربت الإصابات معسكر «الفراعنة» من دور المجموعات، بداية من إصابة محمد صلاح، ثم إصابة محمد الشناوى الذى أجرى عملية جراحية بالمنظار فى ألمانيا، وصولًا إلى سقوط إمام عاشور وإصابته بارتجاج فى المخ، ليبدأ المصريون فى الالتفاف خلف منتخبهم مرة أخرى، وتتعالى أصواتهم بالهتاف للاعبيهم ودعمهم بقوة.

وعلى الرغم من اهتزاز الأداء فى أول مباراتين، استعاد منتخب مصر الثقة فى مباراة كاب فيردى، واستطاع حسم التأهل بأقدام لاعبيه، دون انتظار نتائج الخصوم، فماذا ينقص منتخب مصر للفوز على الكونغو الديمقراطية؟ وكيف يستغل روى فيتوريا ولاعبوه نقاط ضعف المنافس للفوز؟ وما أفضل السبل لتعويض غياب إمام عاشور؟

لا يخفى على أحد من مشجعى المنتخب الوطنى اهتزاز مستوى أحمد حجازى، مدافع اتحاد جدة قائد «الفراعنة» الحالى، وانتقال هذا الاهتزاز لرفيقه محمد عبدالمنعم والظهيرين، ما تسبب فى تلقى ٦ أهداف بالدور الأول.

وتحول «حجازى» من صمام أمان خط الدفاع إلى «الثغرة الأكبر» فى صفوف «الفراعنة»، ويرجع هذا إلى قلة مشاركاته مع اتحاد جدة بعد عودته من الإصابة، مرورًا بأخطاء وسط الملعب، وأزمة فقدان نقطة الاتصال بين خطى الوسط والدفاع. وبدأ «فيتوريا» عملية تصحيح الأخطاء فى مباراة كاب فيردى، بعدما دفع بمروان عطية فى وسط الملعب الدفاعى، لكنه سرعان ما تلقى ضربة قاصمة، قبل أيام قليلة من مواجهة الكونغو، بإصابة إمام عاشور وغيابه عن دور الـ١٦.

وعلى الرغم من كون إصابة «عاشور» ضربة قوية لصفوف المنتخب الوطنى، يملك روى فيتوريا فرصة ممتازة لاستغلال هذا الغياب فى إجراء بعض التعديلات على تكتيك «الفراعنة» لتحقيق الفوز.

لدى المدرب البرتغالى على دكة البدلاء محمود حسن «تريزيجيه»، الذى كان فى الأساس لاعب وسط مساندًا، قبل أن يتحول إلى مركز الجناح مع جاريدو فى الأهلى، وبالتالى يمكنه أن يصبح ورقة رابحة لـ«الفراعنة»، من خلال إجادته اللعب فى الوسط، بجانب قدراته الهجومية، وهنا يأتى دور «فيتوريا» فى الدفع به، للاستفادة من إجادته الأدوار الدفاعية، بجانب سرعة التحولات وإجادته نقل الكرة من الدفاع للهجوم.

وجود «تريزيجيه» فى هذا المكان من الملعب، خاصة على الجانب الأيسر، سيكون إضافة قوية على المستوى الدفاعى، لأنه يسمح بتقديم الدعم للظهير الأيسر الموجود خلفه، بالإضافة إلى قدرته على التحول لمركز الجناح الأيسر، وبالتالى تغيير شكل «الفراعنة» من «٤-٣-٣» لـ«٤-٤-٢»، مع ترحيل عمر مرموش إلى مركز المهاجم الصريح بجوار مصطفى محمد، للضغط على دفاع الكونغو.

بوجود مصطفى محمد وعمر مرموش فى عمق الهجوم ستزداد فرصة «الفراعنة» فى اختراق دفاعات الكونغو، وحرمانهم من التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم، وغلق المساحات أمام الكرات الطولية مبكرًا.

وفى حالة إصرار روى فيتوريا على الـ«٤-٣-٣»، فإن وجود «تريزيجيه» فى وسط الملعب سيمنح المنتخب فرصة أفضل للضغط على دفاعات الكونغو فى حالة عدم الاستحواذ، بالتحرك إلى لاعب وسط الملعب المدافع وحرمانه من استلام الكرة، وقطع نقطة التواصل بينه وبين الدفاع، وبينه وبين زملائه فى الخط الأمامى.

ورغم عدم تحقيقه أى انتصار فى دور المجموعات، ظهر منتخب الكونغو بشكل هجومى مميز خلال ٣ مباريات بدور المجموعات، انتهج خلالها خطة الـ«٤-١-٤-١» الهجومية، ليسجل هدفين وتسكن شباكه مثلهما، ويتأهل بـ٣ تعادلات.

ويقوم الأسلوب الهجومى لمنتخب الكونغو على المرتدات والانطلاقات الهجومية من لاعبى الجناح، خاصة يوان ويسا، جناح برينتفورد، مع الاعتماد على امتيازهم فى السرعات، واختراقات الرباعى خلف المهاجم لمنطقة الجزاء.

هنا تزداد ضرورة خروج أحمد حجازى من تشكيل «الفراعنة»، والاعتماد على ياسر إبراهيم الأكثر جاهزية وسرعة فى قلب الدفاع، بجوار محمد عبدالمنعم، وبالتالى الاستفادة من إجادة ثنائى الأهلى الصراعات الهوائية والثنائية على الكرة، وفى ظل أن «ياسر» أسرع من «حجازى»، مع توجيه الظهيرين بالتركيز فى المساحة خلفهما، والارتداد سريعًا من الهجوم، لغلق المساحات التى يجيد استغلالها لاعبو الكونغو.

كما تتضاعف أهمية خنق المساحات بين وسط ملعب ودفاع «الفراعنة» فى مباراة الغد، لاعتماد رجال «ديسابر» على التسديدات من خارج المنطقة كأحد الحلول الهجومية، بالإضافة إلى تميزهم بالزيادة العددية فى الحالة الهجومية، والتى تمنحهم الأفضلية فى استعادة الكرة الثانية.

أما على المستوى الدفاعى، فعلى الرغم من تلقى شباكه هدفين فقط فى ٣ مباريات، إلا أن المنتخب الكونغولى لديه العديد من الأخطاء الدفاعية، أبرزها التمركزات الخاطئة لقلبى الدفاع، والتى تظهر مساحات داخل منطقة الجزاء يمكن استغلالها، خاصة فى الكرات العرضية والهجمات المرتدة، بالإضافة إلى سوء التمركز فى الركلات الركنية، وضعف التغطية العكسية من ظهيرى الجنب.

ويتسبب تأخر ارتداد لاعبى الجناحين إلى الحالة الدفاعية فى ظهور الظهيرين فى موقف «١-١» مع جناحى الخصم، وأحيانًا تنقلب إلى زيادة عددية للخصم حال تقدم أحد لاعبى الوسط، كما أن تأخر ارتداد لاعبى الوسط إلى الدفاع، وبشكل خاص لاعب الوسط المدافع صامويل موتوسامى، يظهر مساحة بين الدفاع والوسط، يمكن استغلالها بالتسديد من خارج المنطقة.

لذا فإن استمرار تحرير مصطفى محمد من الأدوار الدفاعية هو أولى خطوات الفوز للمنتخب المصرى، لاستغلال المساحات بين قلوب الدفاع، إلى جانب الاعتماد على قدرته فى استلام الكرة تحت ضغط.

وعلى الرغم من عدم الرضا عن الأداء فى المباريات الثلاث بدور المجموعات، ما زال منتخب مصر قادرًا على العبور إلى ربع النهائى، ومواصلة التواجد فى مكانه بين كبار القارة، لكن بشرط أن يؤمن لاعبونا بقدراتهم على تحقيق الفوز والعبور، واعتبار مباراة الليلة معركة «نكون أو لا نكون»، ودفاعًا عن هيبة قميص «الفراعنة» فى أمم إفريقيا.