رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وسيم السيسى: 88.6% من المصريين لديهم جينات توت عنخ آمون وفلاسفة اليونان وعلماء الرياضيات درسوا فى المعابد المصرية

وسيم السيسى
وسيم السيسى

قال الدكتور وسيم السيسى، المفكر وعالم المصريات، إن الأبحاث العلمية أثبتت أن المصريين الحاليين هم أحفاد المصريين القدماء، وأن ادعاءات الأفروسنتريك بأن العرق الزنجى هو أصل الحضارة المصرية كذب وتضليل، وأن أمريكا تخطط للتخلص من الأمريكان السود على طريقة تخلص أوروبا من اليهود بالتهجير واستحداث وطن لهم فى فلسطين، وأن الهدف من الترويج لادعاءات الأفروسنتريك إيجاد وطن بديل للأمريكان السود فى مصر بعد ١٠٠ عام من وقتنا الحالى.

وأضاف «السيسى»، خلال حواره لبرنامج «الشاهد» مع الإعلامى الدكتور محمد الباز على قناة «إكسترا نيوز»، أن نابليون بونابرت قال لو أن نصف جيوشى من المصريين لكنت غيرت العالم.

■ كيف بدأ اهتمامك بعلم المصريات والتاريخ المصرى القديم؟

- كنت فى إنجلترا ورأيت شخصًا إنجليزيًا يتفاخر ويقول نحن نور العالم، ويؤكد كلامه بأن أول برلمانى فى تاريخ البشرية منذ ٤٠٠ سنة كان أوليفر كرومويل الإنجليزى عام ١٦٤٢.

وقال نحن من اكتشف التعقيم و«الأنتيميتر» والعديد من الاكتشافات الأخرى، كنا حوالى ٥٠ شخصًا نقف حوله، ثم بهدوء شديد قال له شخص إفريقى: «أرجوك كفّ عن التفاخر لأن أنا الذى أعطيتك الحضارة»، فسأله: «ما الدليل على كلامك؟» فرد الإفريقى: «حضارتكم مأخوذة من الرومان، والرومان أخذوها من اليونان، واليونان أخذوها من مصر القديمة، وأفلاطون مكث ١٣ سنة فى الإسكندرية لكى يتعلم الفلسفة، وترك فى كتابه القوانين: ما من علم لدينا إلا وأخذناه عن مصر.

وجاء سولون من اليونان واعتنق الآمونية لكى يتمكن من دخول المعابد لأن بها المكتبات، وفى ٣ سنوات تعلم القانون وأخذه وأطلق عليه قانون سولون، وفيثاغورس نفسه تعلم الرياضيات والهندسة فى مدرسة صغيرة بمصر القديمة لمدة ٢٢ سنة وأصبح فيثاغورس العظيم».

الإنجليزى سمع هذا الكلام وقال: هل أنت مصرى، فرد: لا، أنا من نيجيريا وهى من إفريقيا التى بها مصر، إذن فأنا من علمك، وظل الإنجليزى يصفق، وأصبحت أنا «فوق السحاب لكن مكسوف من نفسى»؛ لأنى لا أعرف شيئًا مما يُقال، وحينها أصبحت مهتمًا جدًا بالدراسة.

وفى المساء عرفت أن الأمير فيليب سُحبت منه رخصة القيادة، وأنه طالب برد الرخصة لأنه لم يتسبب فى حادثة كبيرة، هو فقط تجاوز السرعة، فكان رد المسئولين: «لا.. مش علشان على راسك ريشة»، فسألت زميلًا إنجليزيًا كيف وصلت إليكم عبارة «على راسه ريشة»؟، فأخبرنى بأنها ريشة ماعت ربة العدالة عند قدماء المصريين.

ريشة ماعت ربة العدالة عند المصريين القدماء تعبر عن العدالة، ويجب أن تكون ريشة نعامة لأنها الوحيدة متساوية الجانبين، وريشة النعامة موجودة على تيجان الملوك والأمراء والقضاة فى إنجلترا.

هذه كانت ثانى إشارة، فى الصباح أقابل شخصًا نيجيريًا يعرف تاريخ بلدى، وفى المساء طبيبًا إنجليزيًا يعرف تاريخ بلدى وأنا لا أعرف غير خوفو وخفرع ومنقرع.

رجعت إلى مصر، وتواصل معى الكاتب الصحفى الكبير عبدالوهاب مطاوع، وطلب منى الانضمام إلى جمعية أصدقاء بريد الأهرام، وكتبت عدة كتابات تحت عنوان «مصر التى لا تعرفونها» بطريقة لطيفة.

أول معاهدة سلام فى التاريخ كانت معاهدة «قادش» بين مصر والحيثيين، وأول من عرف البلهارسيا المصريون، وأول من عرف الأنتيمون كعلاج للبلهارسيا مصر، وأول من كتب السلم الموسيقى السباعى مصرى.

كتبت ٣٠ أو ٤٠ مقالًا فى الأهرام، وكأننى فتحت قلوب المصريين على حب مصر فانتشرت الكتابات عن مصر القديمة.

فى أواخر التسعينيات من القرن الماضى فوجئت بأن الأستاذ محمد عبدالمنعم، رئيس مجلس إدارة «روزاليوسف» فى هذا الوقت يتواصل معى ويطلب منى أن أكتب مقالة أسبوعية عن المصريات، وقلت له «هذه مهمة صعبة»، فقال لى «هذا واجب قومى»، وأنت لك طريقة فى الكتابة مميزة، فى البداية اعتذرت، فقال لى أرجوك «بطّل دلع» ووافقت بعدها، لكن قلت لنفسى سأعتذر إذا لم تتوافر المعلومات. ذهبت إلى المتحف المصرى لقراءة المراجع واشتريت كمية هائلة، وقرأت كتاب رياضيات الهرم الأكبر لجون تيلور ولخصته فى مقالة.

هذا الكتاب يؤكد أن الهرم الأكبر كان مرصدًا فلكيًا، واستمررت فى الكتابة فى روزاليوسف لمدة ١٠ سنوات ثم كتبت فى المصرى اليوم إلى الآن.

■ لديك كتاب مهم عن الطب فى مصر القديمة، ما السبب وراء كتابته؟

- أصدرت كتابًا عن الطب فى مصر القديمة فى مكتبة الكونجرس الأمريكى بطلب من المكتبة ضمن سلسلة عن الطب عبر العصور.

وكان من أبسط أهدافى تعريف الأجيال الجديدة بقانون الأخلاق فى مصر القديمة، حتى إن عمدة برلين الحالية سألت: «كيف كان سيكون شكل العالم اليوم لولا قانون الأخلاق فى مصر القديمة؟».

كل مصرى ومصرية كانوا يعرفون قانون الأخلاق، وعالم مصريات بريطانى قال عنه إننا فى حاجة لقرنين من الزمان لكى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة الإنسانية.

قانون الأخلاق فى مصر القديمة كان يحترم الروح والحياة فى النبات والحيوان والإنسان، وهناك ٤٢ قاضيًا يحاكمون المصرى القديم فى محكمة الروح بالعالم الآخر، ويسألونه عن تلويث مياه النيل والسرقة وغيرهما من الأمور.

والاس بادج عالم مصريات بريطانى قال: «نحن فى حاجة إلى ٢٠٠ عام للوصول إلى رقى الحضارة الإنسانية فى مصر القديمة».

ومن ضمن الأسئلة فى قانون الأخلاق: هل كنت سببًا فى دموع إنسان؟ هل كنت سببًا فى شقاء حيوان؟ هل عذبت نباتًا بأن نسيت تسقيه الماء؟ هل كنت تحترم عقائد غيرك؟ هل كنت عينًا للأعمى؟ هل تعاليت على غيرك بسبب علو منصبك؟ هل أحسست بالغيرة بسبب الخير لغيرك؟ وأمور كلها راقية جدًا، الحضارة المصرية القديمة حضارة غير مسبوقة.

الحضارة المصرية القديمة قامت على قانون مثالى فى قواعده، عادل فى أحكامه، صافٍ فى مواده، نقى فى مبادئه، ومن الضرورى أن نُدرّس هذا القانون فى المدارس حاليًا.

قانون الأخلاق فى مصر القديمة سبّب دهشة للمؤرخين حيث قام على دعامتين هما العدل أساس الملك، والعدالة الاجتماعية، أى أن الكل سواء أمام القانون.

ابن رمسيس الثالث اتُهم بالخيانة فجرى تشكيل محكمة من ١٤ قاضيًا وثبتت خيانته وحكم عليه بالإعدام، وتم إعدام ابن الملك، وتبين للمحكمة أن اثنين من القضاة كانا يسهران فى القصر فحُكم عليهما بالإعدام فانتحرا قبل تنفيذ الحكم.

تحتمس الثالث مؤسس الإمبراطورية العظيمة أراد أن يغير فقرة فى القانون، فتصدى له كبير القضاة، وقال: «يا جلالة الملك لا يجب أن تعلو كلمة الحاكم فوق كلمة القانون»، ليعتذر تحتمس الثالث مؤسس أول إمبراطورية على سطح الأرض ويطلب المغفرة من كبير القضاة.

أيضًا رسائل الفلاح الفصيح موجودة ودخلت فى نطاق الأدب العالمى لجمالها وقوتها، وتدل على الحرية التى كانت موجودة فى مصر القديمة.

■ هل اختفى الجين المصرى الذى أنتج الحضارة المصرية القديمة من خريطة جينات المصريين حاليًا؟

- من يقول هذا الكلام ليست لديه فكرة عن الدراسات الحديثة التى أيدت ما وصل إليه العلماء منذ ٩٠ سنة مضت. الباحثون يرون أن المشكلة فى مصر ليست فى غزوها، ولكن فى الوصول إليها، لأنه نادرًا ما تجد شعبًا متماثلًا فى شكله الظاهرى وطباعه وأخلاقه ومزاجه مثل الشعب المصرى.

عالم مصريات بريطانى قال إنه بالرغم من الغزوات الكثيرة التى مرت على مصر طوال ٢٥٠٠ سنة، إلا أنه كان تغييرًا فى الحكام ولم يكن تغييرًا فى جنسية مصر.

نجد فى العلم الحديث أن مارجريت كيندل، عالمة الجينات الأمريكية، جاءت لمصر من ١٩٩٤ إلى ١٩٩٩ وأخذت عينات من المصريين المسلمين والمسيحيين من العواصم والنجوع ومن القرى والكفور وحتى من عيادات الأطباء.

وقالت إن ٩٧٪ من جينات المصريين، مسلمين ومسيحيين، واحدة ومتطابقة وشعب واحد كان يعتنق الآمونية، وجاءت المسيحية فاعتنقه، ثم جاء الإسلام فاعتنقه، باستثناء المسيحيين الذين ظلوا على ديانتهم حتى الآن، وإنما جميعًا شعب واحد، وهذا سبب قوة الشعب المصرى.

وهذا يظهر فى وحدة الشعب فى المعارك مثل ٦ أكتوبر ١٩٧٣ وفى ثورة ٣٠ يونيو، والمسيحيون كانوا يصبون ماء الوضوء فى صنابير المياه ويحمون الجنود وهم يؤدون الصلاة، وفى سنة ٢٠١٠ أجرى زاهى حواس مع يحيى زكريا عالم الجينات، وسمية إسماعيل دراسة على المومياوات الخاصة بأسرة توت عنخ آمون ونفرتيتى ونشروا الخريطة الجينية فى أكبر مجلة علمية وهى «جاما»، وبعدها أجرت مجموعة أخرى، على رأسها طارق طه، دراسة لجينات المصريين الحاليين مع جينات أسرة توت عنخ آمون، وتوصلت إلى أن ٨٨.٦٪ من المصريين لديهم جينات توت عنخ آمون، الأمر الذى يثبت أننا أحفاد هؤلاء العظماء، وأكد هذا أخيرًا بحث خطير جدًا فى ألمانيا أخذ جائزة نوبل، عن مومياوات ١٩٠٠ قبل الميلاد إلى ٦٠٠ بعد الميلاد، وقارنوها بالمصريين الحاليين ووجدوا نفس النتيجة وهى أن الجينات متطابقة، وخرجوا بنتيجة خطيرة هى أن الجين الأسود لم يكن له وجود فى مصر حتى ٦٠٠ ميلادية، ثم ظهر على استحياء بعد ٦٠٠ ميلادية، بسبب تجارة العبيد، وهذا يهدم ادعاءات «الأفروسنتريك».

■ هل تم الرد المصرى على ادعاءات الأفروسنتريك؟

- نعم تم الرد، حيث إن مدعى الأفروسنتريك أرادوا تنظيم احتفالية وترديد هذا الكلام الفارغ فى مدينة أسوان، ولكن الحكومة المصرية رفضت ومنعت الحفل، وكتبت عن هذا الحدث، وأخيرًا كانوا يريدون الاحتفال فى القاهرة والحكومة منعت الأمر.

ودراسة معهد ماكس بلانك تدحض كل ادعاءات «الأفروسنتريك»، وتم الدفع العلمى فى مواجهة هذه الادعاءات منها مؤسسة كبيرة جدًا على رأسها الدكتور طارق طه، وتم تفنيد هذا الأمر الخطير، وخطورة الأمر نفس خطورة ما خرج به تيودور هرتزل عام ١٨٩٧ حين قال إنه بعد ٥٠ سنة لا بد أن يكون لليهود وطن فى فلسطين، وبالفعل فى عام ١٩٤٨ حدثت هجرة اليهود لفلسطين وجرى إعلان قيام دولة إسرائيل، ونفس الأمر لـ«الأفروسنتريك»، لأن الصهيونية العالمية تضع فى عقل الأفارقة فى أمريكا أن مصر ملك لهم حتى يكون لهم تحرك بعد ١٠٠ سنة مثلًا، وتتم إضافتهم إلى مصر مثلما فعلوا مع اليهود وفرضهم على فلسطين، واليهود تمت إهانتهم بشكل وحشى فى أوروبا، ولم يكرمهم أحد سوى العرب، وأمريكا تريد التخلص من الأفارقة السود فيتم التحضير للأمر بزعم أن مصر ملك لهم، ولا بد من الاهتمام السياسى بهذه الدعوات، إذ إنها تمهيد لصناعة وطن.

وقد خرج برنارد لويس، أحد أهم صنّاع السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، فى ١٩٨٠ بمخطط انفصال جنوب السودان وعاصمتها جوبا، وتكون دولة مسيحية فى عام ١٩٨٠، وتقدم لمستشار الأمن القومى الأمريكى بالمخطط وتم تنفيذه عام ٢٠١١ بعد ٣١ سنة، فالأمريكان نفسهم طويل، ولا بد من الانتباه لخطورة هذا الأمر، خاصة دعوات الأفروسنتريك، والحديث أن مصر بلدهم حتى يتم تنفيذ المخطط ويصبح المصريون على شكل جالية، وهذا مثل ما قاله بيجن فى احتفالية معاهدة السلام من أنه «تعب فى المفاوضات مثلما تعب أجداده فى بناء الأهرامات»، وهذا كلام خطير يسوقون له على أن اليهود هم من قاموا ببناء الأهرامات، ويبرر الحكاية بخبث شديد، وكان من المفترض أن يرد عليه السادات ويقول له «يا بيجن أبو الآباء وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام جاء بعد بناء الأهرامات بـ١١٠٠ سنة»، ولكن واضح أن الرئيس السادات كان «ياخده على قد عقله، وعدى الموضوع»، والدليل على هذا أن صحفية الجمهورية فى هذا اللقاء سألت بيجن: «من بنى الأهرامات؟»، فرد: المصريون، وهذا دليل على أن بيجن تراجع عن مقولته الخبيثة بأنه لا يوجد دليل على ذلك إلا نبوءة سيدنا إبراهيم، لكن هناك دليلًا قويًا وهو بردية وادى جرف، والتى ذُكر فيها أن كل العمال الذين قاموا ببناء الأهرامات مصريون ولا أحد منهم أجنبى.

■ عندما تقرأ للبعض ومنهم أنيس منصور «الذين هبطوا من السماء» يقولون إن بناة الأهرامات كانوا كائنات فضائية، ماذا تعتقد؟

- أنا مؤمن بالكائنات الفضائية وأن هناك حضارات على كوكب آخر، والدليل على ذلك أن البنتاجون ذكر أنه يتلقى تقارير كل شهر من كل أنحاء العالم عن وجود أجسام فضائية ومجهولة الهوية فى السماء، لكن لدينا أدلة على أن من بنى الأهرامات مصريون، وهناك بردية فى الفاتيكان عن تحتمس الثالث مؤسس الإمبراطورية، يقول فيها: «فى السنة الـ٢٢ من حكمى فى فصل الشتاء، أخبرنى الكهنة بأن سماء البلاد امتلأت بأجسام فضية لامعة، وقد أمرت بتسجيل هذه الظاهرة النادرة للأجيال القادمة»، وهذا شىء غريب لأنه لو أسهمت الكائنات الفضائية فى بناء الأهرامات لما كانت عجيبة من عجائب الزمن، كما أن ٤ علماء جمعوا ٣٦ وثيقة أصلية فى الرياضيات المصرية القديمة وقسّموها إلى رياضيات خاصة بالدائرة وقوانين خاصة بالأرض وهى المثلث الذهبى وكل القوانين الرياضية، لدرجة أن كبلر صاحب القانون الثانى لحركة الأجرام السماوية قال «يغفر الله لى سرقة القوانين المصرية فى حركة الأجرام السماوية من على التماثيل الذهبية»، وحتى عبداللطيف بن يوسف البغدادى المؤرخ منذ ١٠٠٠ سنة قال «كانت هناك نقوش على كسوة الأهرام، هذه النقوش والكتابات لو نقلت إلى الكتب لملأت آلاف الكتب»، والكسوة تم تدميرها وتكسيرها وأخذوا منها لبناء سور قلعة صلاح الدين الأيوبى، وهذه الكتابات كانت تحوى معلومات خطيرة.

■ كل هذه الدراسات والأبحاث قالت إن الجين المصرى واحد، ولكن ما ردك على الادعاء بأن المصريين يعتاشون على إرث أجدادهم دون أن يجارونهم فى العمل والاجتهاد؟

- الأداء يعتمد على ٣ عوامل، جينات وزمان ومكان، وثبت أن الجينات واحدة، ولكن الزمان متغير، وأيضًا المكان تغير، من خلال الهجرات الكبيرة التى خرجت للمنطقة العربية وأوروبا، وبدلًا من أن نصدر الحضارة الخاصة بنا، رجعنا بثقافة هذه البلاد التى ارتحلنا إليها، وهناك عوامل أخرى ساعدت على هذا، منها خروج مسئول كبير بالقول إن هناك تعليمات من أمريكا لنشر الوهابية فى مصر فى السبعينيات، وكل هذا كان لتقسيم مصر، تحت دعوة مواجهة الشيوعية، فإذا كان الزمان والمكان تم تغييرهما إلا أن الجينات ظلت كما هى، ولو جرت تهيئة المناخ المناسب سيبدع المصرى بالتأكيد مثلما حدث مع أحمد زويل ومجدى يعقوب ونجيب محفوظ والسادات، والجين المصرى قوى، وما زال الجين العسكرى موجودًا وواضحًا حتى يومنا هذا، فالدكتور سمير فرج، حكى أنه عندما تمت دعوته إلى إنجلترا ليلقى محاضرات فى أعقاب ١٩٧٣، حكى كيف تم إجراء مناظرة بينه وبين شارون، وكان السؤال لشارون عن المفاجأة فى حرب ١٩٧٣، فرد أنها لم تكن موعد الإعلان عن الحرب أو الاستعداد لها، وإنما المفاجأة كانت فى الجندى المصرى، وهذا يرجعنا للحرب العالمية الأولى وتجنيد مليون و٢٠٠ ألف جندى، مات منهم ٦٠٠ ألف، فى كل أنحاء العالم ومقابرهم موجودة حتى الآن فى بلجيكا وباريس وإنجلترا، وعرض أشرف صبرى فى كتابه عن الحرب العالمية الأولى أن نابليون الثالث، فى أثناء الحرب، قال إنه لم يذق طعم النصر إلا عندما وصلت كتيبة مصرية للحرب، وطالب بإرسال كتائب مصرية، وقال نابليون إن المصريين لا يهابون الموت، أسود لا يخافون، وحتى نابليون بونابرت قال إنه لو كان نصف جنوده من المصريين لاستطاع أن يسيطر على العالم كله، وقال جملة خطيرة: «من يحكم مصر يحكم العالم»، ولم أكن أصدق هذه المقولة ولكن شهدتها فى ثورة ٣٠ يونيو، ففيها مصر غيرت العالم وغيرت مؤامرة كانت تُحاك منذ ١٩٠٥ وهو خلق قواعد عسكرية للدول الاستعمارية، ولذلك أرى أن إسرائيل قاعدة عسكرية للدول الاستعمارية نشأت منذ ١٩٠٥، والدول الاستعمارية ساعدت على خلق كيان إسرائيل لتقسيم الدول العربية، فالجين العسكرى جزء من التأكيد على الجين المصرى متصلًا ومتواصلًا.

■ هل يجرى تدريس التاريخ بشكل صحيح؟

- لا، نحن ندرس التاريخ فى مصر بشكل مُنفر، وأبسط الأمور أن نتحدث عن الإنجازات فقط.

لو أننى مدرس تاريخ سأطلب من الطلاب الاطلاع على مقال فى صحيفة «ديلى ميل» الإنجليزية الشهيرة بتاريخ ١٧ يوليو ٢٠٢٢، كتبه رئيس قسم المخ والأعصاب فى جامعة كامبريدج، بعد أن أجرى دراسة مقارنة فى إصابات الرأس، وأحضر مجموعتين وطبق على واحدة النظام الإنجليزى والأخرى نظام مصر القديمة فى علاج إصابات الرأس، وأنقذ بطريقة مصر القديمة ٢٠٪ من الإصابات، لذلك الطب فى مصر القديمة فرض نفسه على جهابذة الطب فى العالم. إنجلترا اكتشفت أن أول عملية جراحية لتثبيت الركبة بمسمار معدنى كانت فى مومياء مصرية، ومن المعروف أن جراحات تثبيت الركبة من أصعب ما يمكن، ووجدوا أن المسمار مُصمم بطريقة معقدة جدًا، لدرجة أن طبيبًا إنجليزيًا قال «لو كنا اكتشفنا ذلك قبل ٥٠ سنة لوفرنا جهدًا كبيرًا فى الأبحاث والتجارب التى ركزت على تطوير مسمار تثبيت مشابه للذى كان موجودًا فى مصر القديمة قبل ٤ آلاف سنة»، يجب أن تعلم الأجيال الجديدة هذه الأمور.