رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الذكاء الاصطناعي".. رسالة بابا الفاتيكان في اليوم العالمي للاتصالات

البابا فرنسيس
البابا فرنسيس

صدرت اليوم رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي الثامن والخمسين للاتصالات الاجتماعية، والتي يتوقف فيها قداسته عند أهمية حكمة القلب في التعامل مع الذكاء الاصطناعي من أجل اتصالات إنسانية بالكامل.

"الذكاء الاصطناعي وحكمة القلب، من أجل اتصالات إنسانية بالكامل" هذا هو عنوان رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي الثامن والخمسين للاتصالات الاجتماعية والتي نُشرت اليوم.

وتحدث الأب الأقدس في بداية الرسالة عن التطور الذي يشهده ما يُطلَق عليه اسم الذكاء الاصطناعي وما يُحدِثه من تغيرات جذرية في الإعلام والاتصالات أيضا، ومن خلالها في بعض أسس التعايش المدني. 

وأكد البابا أن هذا التغير لا يقتصر على العاملين في هذا المجال بل يشمل الجميع، حيث يُسرع انتشار ابتكارات كثيرة لا يمكن للجزء الأكبر منا أن يفهم عملها وقدراتها، ويثير دهشة تتأرجح ما بين الحماسة والتخبط، ويضعنا هذا بالضرورة أمام تساؤلات أساسية: ما هو الإنسان إذًا، ما هو تميزه، وما هو مستقبله في زمن الذكاء الاصطناعي.

وتابع البابا فرنسيس متحدثا عن ضرورة الانطلاق من القلب، وحذر في هذا السياق من التحليل الكارثي للمستجدات ومن التشدد أمامها، كما وأشار من جهة أخرى إلى ضرورة دخولنا المستقبل كلٌّ في مكانه، ولكن شرط الحفاظ على حساسيتنا، بقلوب غير قابلة للإفساد، إزاء كل ما في هذا المستقبل من مدمِّر وغير إنساني حسبما كتب رومانو غوارديني قبل قرن من الزمان والذي ذكر، حسبما تابع الأب الأقدس، أنننا نتحدث عن مواضيع تقنية وعلمية وسياسية إلا أنه لا يمكن حلها إلا انطلاقا من الإنسان، ويستدعي هذا إنسانا يتميز بروحانية أكثر عمقا وحرية وحياة داخلية جديدة. وشدد البابا فرنسيس بالتالي على أن في هذه الحقبة، التي يهددها خطر أن تكون غنية بالتقنيات وفقيرة في الإنسانية، لا يمكن لتأملاتنا إلا أن تنطلق من قلب الإنسان. وتابع أنه فقط من خلال نظرة روحية واستعادة حكمة القلب يمكننا أن نقرأ ونحلل مستجدات زمننا وأن نكتشف مجددا الطريق نحو اتصالات إنسانية بالكامل. وأوضح قداسته أن هذا القلب حسب الكتاب المقدس هو مكان الحرية والقرارات الأكثر أهمية في الحياة، هو رمز الاستقامة والوحدة، وأيضا مرجع المشاعر والأمنيات والأحلام، وهو في المقام الأول المكان الداخلي للّقاء مع الله. وواصل قداسة البابا أن حكمة القلب هذه يمكن أن يجدها مَن يبحث عنها ويمكن أن يراها مَن يحبها، وتبحث هي عمن هو جدير بها، هي مع مَن يصغي إلى النصائح وله قلب مطيع، قلب يصغي. حكمة القلب هي عطية من الروح القدس تُمَكننا من أن نرى الأشياء بعينَي الله، أن نفهم الروابط والأوضاع والأحداث وأن نكتشف معناها.

وتابعت الرسالة أنه لا يمكن أن ننتظر مثل هذه الحكمة من الآلات، مشيرا إلى أن  تعبير الذكاء الاصطناعي قد حل محل تعبير أصح ألا وهو "تعلُّم الآلة"، وسلط الضوء على أن استخدام كلمة ذكاء في حد ذاته هو غير صحيح. 

وواصل الأب الأقدس أن الآلات لديها قدرات أكبر من الإنسان على حفظ البيانات ولكن الإنسان فقط هو مَن عليه كشف معنى البيانات والعلاقات فيما بينها، لا يمكن بالتالي أن نطلب من الآلة أن تبدو كما الإنسان، بل يجب بالأحرى إيقاظ الإنسان مما هو فيه من تنويم مغناطيسي بسبب هوس القدرة على كل شيء واعتقاده بأنه مكْتفٍ ذاتيا، ونسيانه كونه مخلوقا. 

وأشار قداسته إلى ما لمسنا منذ بداية انطلاق الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي من فرص ومخاطر وأمراضـ، مؤكدًا على ضرورة أن تتوفر إمكانية فهم وتنظيم الأدوات التي يمكنها، في الايادي الخاطئة، أن تفتح مشاهد سلبية. 

وكرر قداسته هنا النداء كي تعمل جماعة الأمم بشكل موحد من أجل معاهدة دولية ملزِمة تنظِّم تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه بأشكاله المتعددة. وأضاف قداسته أنه، وكما في كل مجال إنساني، لا يكفي وضع القواعد.