رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقرير أممي: اعتداء طالبان على حقوق المرأة يعيق التعافي الاقتصادي في أفغانستان

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

على الرغم من استقرار الاقتصاد الأفغاني بعد الانهيار العميق الناجم عن استعادة حركة طالبان للبلاد في عام 2021، إلا أن الأمل ضئيل في أن تحقق البلاد التعافي الكافي نظرا للقمع المتعمد للمرأة ودورها في المجتمع الأفغاني.

وحسبما نقلت شبكة البلقان الإخبارية المتخصصة في شئون أوروبا الشرقية وأوراسيا، تعتقد وكالات الأمم المتحدة أن استعادة حقوق المرأة هي إحدى الطرق لمساعدة الاقتصاد على التعافي غير أن حركة طالبان تواصل تعميق قمعها للنساء، واستبعادهن من القوى العاملة والأماكن العامة.

 

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي توقعات قاتمة للاقتصاد الأفغاني

ويحمل تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي توقعات قاتمة للاقتصاد الأفغاني إذا استمرت حكومة الأمر الواقع في مسارها الحالي، إذ يرى البرنامج أنه على الرغم من استقرار الاقتصاد، فقد فشل بشكل ملحوظ في التعافي من الانكماش التراكمي بنسبة 27 % منذ عام 2020، ويبدو الآن أنه يعاني من الركود عند مستوى منخفض من النشاط.

وقال ستيفن رودريكس الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان، في مقدمة التقرير، الذي غطى الفترة من أغسطس 2021 إلى أغسطس 2023: إنه قد يبدو أن كابول قد أحرزت تقدما فيما يتعلق بالحفاظ على الاستقرار، وتحسين الأمن، وجهود مكافحة الفساد، ومكافحة إنتاج الأفيون والاتجار غير المشروع به إلا أنها من ناحية أخرى لاتزال تعاني من أزمة متعددة الأوجه حيث وصل الاقتصاد لأدنى مستوياته بعد الانكماش التراكمي، ويفتقر ما يقرب من 7 من كل 10 أفغان لإمكانية الوصول إلى العناصر الأساسية والفرص والخدمات اللازمة لكسب العيش.

وأضاف رودريكس: أن الأزمات الاقتصادية والإنسانية تتفاقم في أفغانستان بسبب الخطوات المتزايدة المتخذة لاستبعاد النساء من القوى العاملة بجانب عمليات الفصل الجماعي للعاملات، وهو ما يوضحه تقرير منفصل صادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان (يوناما).

ويشير التقرير إلى أن المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها أفغانستان جاءت نتيجة لعدة عوامل عاصفة من بينها الصراع والفساد وجائحة كوفيد-19 والجفاف، كما أثرت الأزمة المالية سلبا على القدرة الإنتاجية مع تراجع الإنتاج الصناعي، ومواجهة القطاع الزراعي الحيوي لضربة مزدوجة تتمثل في موجات الجفاف الشديدة والأحداث المناخية.

ثم جاء الركود خلال عامي 2021-2022 في أعقاب معدل نمو هامشي بالفعل بلغ في المتوسط 1.6 % في الفترة من 2014 إلى 2020 في البداية، حيث أدى استيلاء طالبان على السلطة في عام 2021 إلى انخفاض فوري في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20.7 في المئة، وعلى الرغم من بعض علامات التعافي في عام 2022، فإن هيئة الإحصاءات والمعلومات الوطنية وأعلنت الهيئة عن انكماش آخر بنسبة 6.2 %.

وانخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 17.8 % خلال عامي 2021-2022، كما انكمش قطاع الزراعة بنسبة 15.7 % خلال العامين بسبب الجفاف الشديد والأحداث المناخية، وشهدت جميع القطاعات، لاسيما الخدمات، انكماشات كبيرة، مما ساهم في زيادة الفقر والبطالة، خاصة في المناطق الحضرية.

ووفقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقع النظام المالي المتخلف بالفعل في أفغانستان في أزمة بسبب تغيير النظام، وأدى التهافت على البنوك إلى تدهور كبير في النظام المصرفي، مع انخفاض الودائع بنسبة 25.6 % في عام 2021.

وعلى الرغم من استعادة الثقة بشكل طفيف خلال النصف الأخير من عام 2022، انخفض إجمالي القروض بشكل حاد بنسبة 34.5 %، وانخفض المقترضون بنسبة 50.5 % في العامين الماضيين.

وتشير التوقعات إلى الحد الأدنى من نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2023، مع احتمال حدوث انخفاضات أخرى في نصيب الفرد من الدخل نظرا لمزيج من الركود الاقتصادي وتزايد عدد السكان.

ويتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه على الرغم من مرور الصدمة الأولية للاقتصاد، فمن المتوقع أن يشهد فترة من النمو المنخفض غير الكافي، مع عدم وجود احتمال فوري للانتعاش، بل قد يسفر الوضع عن حالة من التوازن تتسم بانخفاض الطلب الكلي وارتفاع معدلات البطالة وعجز تجاري كبير.

ويرى رودريكس أن السبيل الوحيد لتجنب ذلك هو إزالة الحواجز التي تحول دون تعافي القطاعات الإنتاجية، التي يجب أن تتمتع بإمكانية الوصول إلى نظام مالي فعال وبأسعار معقولة، يدعم الأطر المؤسسية والتنظيمية، وفرص السوق، بجانب العمل على زيادة الاستثمارات في تكوين رأس المال البشري بشكل كبير، والأهم أنه يجب أن تحصل المرأة على فرص متساوية للحصول على العمل المدفوع الأجر والتعليم.

وأوضح التقرير أنه منذ توليها السيطرة على أفغانستان في عام 2021 وبعد رحيل القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلنطي (ناتو)، فرضت حركة طالبان العديد من القيود التي تستهدف النساء على وجه التحديد، حيث تم إقصاء النساء من المناصب الحكومية الرئيسية، مما أدى إلى فقدان الخبرة.

وتكشف بيانات التوظيف عن خسارة إجمالية في القوى العاملة النسائية، وتعرض قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم للدمار، بعدما كان ينبض بالانتعاش قبل حكم طالبان بسبب مشاركة النساء به.

وقال التقرير إن المؤسسات العامة، وخاصة العاملة في القطاع الاقتصادي، استمرت في فقدان الموظفات بما ترجم إلى فقدان الخبرات الفنية المطلوبة لتصميم وتنفيذ السياسات والبرامج والخدمات التي تغذي نشاط القطاع الخاص.

وفي جميع أنحاء الاقتصاد، تراجعت حصة توظيف النساء من 11 % في عام 2022 إلى 6% في عام 2023، وفي الوقت نفسه زادت حصة الرجال من العمالة بنسبة 11 % مما يشير إلى استبدال العمالة على أساس الجنس.

ويُفصل تقرير منفصل للأمم المتحدة كيف تفرض سلطات طالبان قيودًا على قدرة المرأة الأفغانية على العمل والسفر والحصول على الرعاية الصحية إذا كانت غير متزوجة أو ليس لديها ولي أمر بجانب إجراءات مشددة أخرى على مشاركة المرأة الأفغانية في الحياة العامة، مع اتهامهن بعدم الالتزام بمتطلبات الشريعة الإسلامية المفروضة على النساء في جميع أنحاء البلاد.

وفي إحدى الحوادث المفصلة في التقرير، تم احتجاز ثلاث عاملات صحيات لأنهن كن في طريقهن للعمل وحدهن دون محرم، ولم يتم إطلاق سراحهن إلا بعد أن وقعت عائلاتهن على ضمان كتابي بعدم القيام بذلك مرة أخرى.

وذكر التقرير أن إدارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي القسم الإقليمي بالوزارة، منعت 400 امرأة من العمل في منشأة لتصنيع جوز الصنوبر في مقاطعة نانجارهار الشرقية، دون تقديم تفسيرات، بينما سمح للموظفين الذكور بالاحتفاظ بمناصبهم.

كما أنهت محطة لتوليد الكهرباء خاضعة لسيطرة طالبان في مقاطعة بلخ الشمالية، توظيف 200 امرأة، حيث أرجعت القرار إلى القيود المالية، رغم أن الموظفين الذكور لم يفقدوا وظائفهم.