رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إضاءة.. الغرب تواطأ على ظلم الفلسطينيين وعدم انتقاد الصهيونية

الفلسطينيين
الفلسطينيين

فى كتاب صدر مؤخرًا عن «منشورات جدل» بعنوان «عن فلسطين»، أبان كل من الفيلسوف الأمريكى نعوم تشومسكى، والمؤرخ الإسرائيلى إيلان بابيه، عن تحليلهما ورؤيتهما للقضية الفلسطينية وأسباب تأزمها بالنظر فى الماضى والراهن والمستقبل. 

الكتاب، الذى صدر بترجمة عربية أنجزها سالم عادل الشهاب، يسلط الضوء على أساليب الخرق الإسرائيلى للقوانين الدولية ودعم الحكومات الغربية بتواطؤ الشركات والمؤسسات المتناهى للكيان الصهيونى مقابل ظلم طاغٍ يواجهه الفلسطينيون يومًا بعد الآخر، وهو ما يعده الكاتبان «تجسيدًا لكل ما هو خاطئ فى هذا العالم». 

تسفر المناقشات بالكتاب عن تحليل من ثلاثة أوجه للأزمة فى فلسطين، فمن جهة، ثمة نقاش حول الماضى وحديث عن أهمية فهم الصهيونية بوصفها ظاهرة تاريخية، ثم نقاش عن الحاضر مع تركيز مكثف على صلاحية تطبيق نموذج الفصل العنصرى على إسرائيل، وأخيرًا الحديث عن المستقبل بالنظر فى حل الدولة الواحدة وحل الدولتين. 

يرصد الكتاب المعضلات التى تواجه المطالبين بالعدالة والسلام فى فلسطين، منها الفجوة بين التغير الجذرى فى الرأى العام العالمى فى قضية فلسطين من ناحية، والدعم المستمر من قوى النخب السياسية والاقتصادية الغربية للدولة اليهودية من ناحية أخرى، وكذلك الصورة الإيجابية لدولة إسرائيل من منظور مواطنيها، وأيضًا عدم استهداف طبيعة النظام الإسرائيلى المنتج للسياسات الظالمة بالنقد، فلا أحد يجرؤ على مهاجمة الأيديولوجيا الكامنة خلف هذا الاضطهاد. 

يشدد الكاتبان فى نظرتهما لماضى الأزمة فى فلسطين على أن حكاية فلسطين من البداية عبارة عن قصة بسيطة للاستعمار والاستيطان يشبه ما تعرضت له جنوب إفريقيا، ومع ذلك يعاملها العالم على أنها قصة معقدة ومتعددة الوجوه وصعبة الفهم، وبناء على ذلك، فالتأكيد على معادلة أن الصهيونية نظام استعمارى يفسر سياسات إسرائيل للتهويد داخل إسرائيل والاستيطان داخل إسرائيل وفى الضفة الغربية.

ومن ثم، يتعين إضافة هذا الفهم للاستعمار فى مناهج المدارس فى الغرب، وأن يتغاضى النشطاء ودعاة السلام والمنظرون للقضية عن كل محاولة لوصف جهودهم لجذور هذا الاستعمار بأنها معاداة للسامية. 

يوضح المؤلفان أهمية الاعتراف بأن إسرائيل دولة فصل عنصرى، والنظر فى التطهير العرقى الذى تمارسه بشكل يومى، فضلًا عن تشديدهما على أهمية وصف ما حدث للفلسطينيين فى ١٩٤٨ على أنه جريمة وليس مأساة أو كارثة، هذا الشكل من إعادة النظر فى المفاهيم يراه الكاتبان ضروريًا لتشكيل قاموس جديد عن المستقبل الذى تكون فيه المطالبات بإنهاء الاستعمار وتغيير النظام وحل الدولة الواحدة أساسية. 

يعزز الكتاب مصطلحات البدائل المستقبلية، مثل خطوات السلام وإنهاء الاستعمار وتغيير النظام، ويقوم بتصور حل الدولة الواحدة بدلًا من حل الدولتين، بالتركيز على أن إدخال مصطلح إنهاء الاستعمار فى القاموس الجديد مهم لوضع نهاية لمعسكر التعايش الذى كان وقودًا لحوار خاطئ تم تمويله بشكل كبير من الأمريكان وقادة دول الاتحاد الأوروبى. 

ويشدد المؤلفان على أهمية إعادة مفهوم إسرائيل وفلسطين كدولة واحدة لا دولتين مستقبليتين، وهو ما يقتضى توضيح الطريقة التى تمكّن الناس، الذين يعيشون فى فلسطين وأولئك الذين طُردوا منها، من العيش متساوين جميعًا بحياة أفضل، وكذلك تفنيد ادّعاء أن حل الدولة الواحدة يعارض حق إسرائيل فى الوجود، بالتشكيك فى أيديولوجية الدولة الإسرائيلية وأخلاقية ممارساتها والهدم الذى تسببت فيه من خلال تهجير نصف سكان دولة فلسطين.

كما يعززان فكرة الانطلاق نحو محادثة جديدة تتناول السياسة الإسرائيلية العامة ونظامها المعتمد على الفصل العنصرى، وكذلك الاعتراف بحالة التطهير العرقى القائمة فى جميع أنحاء فلسطين وليس فى أجزاء منها فقط، وأن تكون المحادثات حول الحلول الجديدة بدلًا من التمسك بالحلول القديمة بالتأكيد على مستقبل اللاجئين الفلسطينيين. 

ضم الكتاب خطابًا ألقاه نعوم تشومسكى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ٢٠١٤، سلّط فيه الضوء على التعنت الإسرائيلى والدعم الظالم للإسرائيليين بقوله: «ما هى معالم مستقبل القضية؟ التوصل إلى اتفاق لإطلاق النار تتجاهله إسرائيل وتستمر فى الاعتداء على غزة، بما فى ذلك استمرار الحصار عليها وممارسة العنف هنا وهناك، والمزيد من المستوطنات والمشاريع التنموية، وأحيانًا العنف فى الضفة الغربية أيضًا، بعد ذلك تنظر حماس إلى الاتفاق الذى تعترف به إسرائيل عن كثب حتى يأتى فعل مستفز يسمح لها بالرد على الانتهاكات، وأخيرًا تجد إسرائيل ذريعة للرد على حماس والعودة إلى جز العشب الذى يكون أكثر وحشية فى كل مرة من المرات التى قبلها فى سلسلة طويلة ومستمرة».

قال تشومسكى إن إسرائيل ستستمر فى سياستها وعملها على مرأى من الجميع، مع الدعم الأمريكى الواضح للجميع أيضًا، إذ تحتل إسرائيل القدس، ويتم إخلاء مساحة كبيرة من الضفة الغربية وطرد سكانها المحليين وتدميرها أو استقدام المستوطنين ليسكنوها، وهو ما يعد خرقًا مضاعفًا للقوانين، حسب مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، ومع ذلك تستمر إسرائيل فى تطبيق مخططاتها دون رادع.