رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حسام القوّاش".. قصة مسعف حاورته "الدستور" مع بداية الحرب واستشهد وسط أسرته

المٌسعف الشهيد
المٌسعف الشهيد

"سأجاوب لاحقًا، الوضع خطير، سامحيني الآن".. بهذه الكلمات كان قد أنهى المُسعف والممرض حسام قوّاش بمجمع ناصر الطبي في غزة حديث سابق له مع "الدستور" في الأيام الأولى من العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطنيين.

كان قد عبّر القوّاش بكلماته لـ"الدستور" عن الوضع الذي حاصره حينها من أصوات النيران ومشاهد الفزع تلك التي منعته من استكمال حديثه معنا لوصفها، فجاءت تلك الكلمات لتختصر معنى هذه المعاناة، وسط اعتذار مؤدب من المسعف الذي رأى بعينيه الموت جليًّا، ولكنه استمر يؤدي دوره، ولكنه اعتذر فقط عن الحديث "وأنا أكلمك أسمع أصوات الانفجارات بشكل شديد وسامحيني سوف أقطع الاتصال سلام أتكلم معك لاحقًا".

منذ أيام قليلة وعلى صفحته على الفيسبوك أعلن شقيق المسّعف حسام القوّاش "مصطفى" ارتقاؤه هو وأسرته جميعًا على يد الاحتلال، ناعيًا إياه بكلمات من الأسى والحزن.

حسام ارتقى لأنه كان ناسيًا حسب شقيقه دواء للسكر في منزله حيث كان مريضًا للسكري، وذهب إلى أسرته لإحضاره بهدف أن يذهبوا جميعًا بعد ذلك إلى رفح، إلا أن الوقت قد تأخر عليهم ولم يستطعوا الخروج، فناموا وأثناء نومهم قصف الاحتلال منزلهم فاستشهدوا جميعًا.

 لقراءة التقرير السابق الذي تم إجراؤه مع المسعف حسام القوّاش ضمن مجموعة من أطباء غزة يرجى الضغط على الرابط 

كلمات المُسعف والمُمرض حسام القوّاش في حديثه السابق لـ"الدستور" كان قد وصف فيها تضحيته في سبيل قضية وطنه بنفسه وبأسرته قائًلا "أنا أذهب إلى العمل وأترك زوجتي وبناتي عند أهلها، من أجل تأدية رسالتي فى إسعاف المصابين، وتقديم الخدمات الطبية لهم".

القوّاش الذي ارتقى منذ أيام قال لـ"الدستور" وكأنه يعلم مصيره الذي لاقاه بعد أيام "هذا وقتنا، ولن نستسلم حتى لو كان الثمن حياتنا" فلم تكن حياته وحدها ثمنًا بل كانت حياة أسرته أيضًا كما آلاف الأسر التي راحت جراء هذا العدوان الغاشم.

في كلمات "القوّاش" دائمًا ما كنا نلاحظ مدى الخطورة التي يعيش فيها، كان دائم الاعتذار عن قطع التواصل معنا بسبب انقطاع شبكة الإنترنت، كان يصف الحال بالكارثي، كان يختصره بأنه لولا الهواء هو الوحيد الذي نجده فنستنشقه حيث لا ماء ولا غذاء ولا دواء.

كان يقول دائمًا إن  كان لنا العمر لنتكلم معكم سنتواصل، كان يصر على البقاء وأداء رسالته ولكنه كان يخشى على أسرته، فربما جاء استشهاده وأسرته لكي لا يحرق قلبه على فراقهما ليجتمعا معًا في الآخرة في جنات النعيم بعد أن فرقهم كثيرًا هذا الاحتلال الشيطاني في الدنيا وسط نيرانه.

كان يبكي كثيرًا عندما يتذكر ابنته، ويتخيل ما قد يكون مؤلمًا من مصيره ومصيرها وذلك حسبما وصف قائلًا "صورتها لا تفارق خيالي".

القوّاش كان لا يتذوق حسب حديثه السابق "للدستور" طعمًا للنوم فهو كان يعمل بدوام كامل ليؤدي دوره وسط الأعداد الهائلة التي يشاهدها من جثث الشهداء والتي امتلأ بها المجمع، وكذلك حالات الإصابات التي لا تُحصى وسط النقص الكبير في الأطقم الطبية.

سبعون شهيدًا سقطوا دفعة واحدة من جراء القصف كانوا من النازحين جنوبًا إلى المجمع، جعلوا الراحل قس صدمة كبيرة ولا يستطيع القدرة على البكاء، هكذا عبّر لنا عن جزءًا من معاناته، واصفًا إياه بأنه "مشهد يقشعر له الأبدان".