رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. ونحن على أعتاب عام جديد

.. ونحن مع نهاية عام مضى 2023.. وقدوم عام جديد 2024 (نتمنى أن يحمل الخير والسلام والأمان لكل شعوب العالم) تعالوا بنا نرصد معًا أهم أحداث هذا العام بحلوها القليل ومرها الكبير، والذى أثر ويؤثر وسيؤثر على كل شعوب العالم فى السنوات القادمة، وسيعمل على تغيير خريطة العالم.

بدأ العام الماضى باستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، والتى اندلعت قبلها بعام بسبب إصرار أمريكا على تقويض الأمن القومى الروسى بالزج بأوكرانيا للاقتراب من الحدود الروسية، وتهديدها مع الإصرار على توسع حلف الناتو وانضمام أوكرانيا وعدد آخر من الدول المتاخمة لحدود دولة روسيا الاتحادية، فكانت النتيجة تحرك الدولة الروسية لحماية أمنها القومى.

وفى الوقت الذى لم تفق فيه دول العالم وبالذات الدول الفقيرة من أزمة الغذاء وخاصة القمح الذى تنتج أوكرانيا وروسيا منه معظم الإنتاج العالمى ما هدد بمجاعة كبيرة، هذا غير التداعيات الاقتصادية للعقوبات التى فرضتها على روسيا الدول الاستعمارية الكبرى (الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الغربية الأوروبية) والتى أدت كما نعرف إلى وقف تصدير الغاز والبترول من روسيا إلى الدول الأوروبية،  ما أدى إلى استفحال أزمة التدفئة وأزمة الوقود فى دول الاتحاد الأوروبى.

واستمرت أمريكا فى استفزازاتها لجمهورية الصين الشعبية فى محاولة لتقويض أمنها من خلال التعاون مع تايوان من أجل الاستقلال عن الصين ما يهدد أمن الصين وسياستها بشأن (الصين الموحدة).

لم يغب عن فكرنا أن استمرار معاداة روسيا والصين، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، هو رد فعل على صعود القطبين، فى العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين، وبالطبع أصاب أمريكا سعار للحفاظ على هيمنتها كقطب واحد ينهب ويستنزف ثروات الدول، بل ويتحكم من خلال صندوق النقد الدولى، فى إغراق الدول الفقيرة بالديون وخنقها، وإملاء شروط عليها، ومن هذه الشروط أن يتم القضاء على التنمية الإنتاجية المحلية لصالح الاستيراد من الدول الرأسمالية الكبرى.
وبالطبع يكون من نتيجة هذه السياسات مزيد من التبعية للقطب الواحد، ولإرضاء هذا القطب الواحد لا بد من الحفاظ على أمن الكيان الصهيونى المحتل لأرض فلسطين، والذى يقوم بالاعتداء على الشعب الفلسطينى وارتكاب أفظع الجرائم من تدمير المنازل وتشريد العائلات، وقتل النساء والأطفال والمسنين العزل، واقتلاع الزرع، وحرق القرى وغيرها من جرائم التطهير العرقى.
وفى نفس العام الماضى كان هناك تحرك على الجانب الآخر، من دول الأقطاب الصاعدة وحلفائها لانضمام عدد من الدول إلى منظمة بريكس وهى الأحرف الأولى لخمسة دول (روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا) والتى تمثل مساحتها 27% من مساحة كوكب الأرض و41% من سكان العالم، ووصلت مساهمة دول بريكس الآن 31.5% من الناتج الإجمالى العالمى، ومن المتوقع أن تنتج مجموعة بريكس 50% من الناتج الإجمالى العالمى عام 2030 وكان من أهداف المجموعة التوسع وانضمام دول عديدة من أجل التعاون بينها على أساس المنفعة المتبادلة.
وفى القمة الخامسة عشرة لمجموعة بريكس والتى عُقِدت فى الفترة من 22 إلى 24 أغسطس 2023، فى جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، ناقشت القمة بحضور قادة وزعماء أكثر من 40 دولة، مجموعة من القضايا الاقتصادية والسياسية، مع قضية انضمام أعضاء جدد من 23 دولة قدمت طلبات انضمام لتكتل بريكس منها 8 دول عربية.
وفى هذه القمة أكد سيرجى لافروف، وزير خارجية روسيا، على أن المجموعة لا تطمح لأن تصبح قوة مهيمنة جديدة، ولكن تطمح لأن تصبح إحدى ركائز النظام العالمى الجديد متعدد الأقطاب والأكثر عدلًا. 
ومن الملاحظ أن مجموعة بريكس والتى تضم خمس دول، تسعى إلى التبادل التجارى بين أعضائها بالعملة المحلية، كاليوان الصينى والروبل الروسى والروبية الهندية، وذلك لتقليص الهيمنة العالمية للدولار، والتخلص من إرهاب العملة، والعقوبات التى تفرضها أمريكا وحلفاؤها من الدول الأوروبية، ومن أجل توافر شروط تجارية عادلة، ونفوذ اقتصادى أكبر لدول بريكس فى مواجهة الغرب.
وفى نهاية القمة وافقت مجموعة بريكس على انضمام ست دول كأعضاء جدد (مصر والسعودية وإيران وإثيوبيا والإمارات والأرجنتين)، وبذلك تضم مجموعة دول بريكس مع الأعضاء الجدد 46% من سكان العالم وما يقرب من ثلث الاقتصاد العالمى.
رحبت مصر والدول المنضمة بقبول عضويتها واعتبرت أن ذلك تطور تاريخى.
إن هذه الخطوات التى نتجت عن قمة بريكس تعمل على إنشاء عالم متعدد الأقطاب، وتغيير النظام المالى العالمى، وتقليص هيمنة الدولار.
كما تابع العالم باهتمام شديد الاتفاق السعودى الإيرانى الذى تم الإعلان عنه فى العاشر من مارس 2023، من خلال البيان الثلاثى المشترك للسعودية والصين وإيران، ونص الاتفاق على استئناف العلاقات الدبوماسية، بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية إيران الإسلامية، مع إعادة فتح السفارات فى غضون شهرين، من أجل تخفيف حدة التوتر فى المنطقة وتعزيز دعائم الاستقرار والحفاظ على مقدرات الأمن القومى العربى، وتطلعات شعوب المنطقة فى الرخاء والتنمية والاستقرار، والاتفاق على حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية فى إطار الروابط الأخوية، مع تفعيل اتفاقية التعاون فى مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والشباب الموقَّعة بينهما عام 1998. كما تضمن الاتفاق السعودى الإيرانى التأكيد على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمنى بينهما الموقَّعة فى عام 2001. 
إن انضمام مصر لدول بريكس سيساعد على تحسين الاقتصاد المصرى فى الفترة الحالية، كما أن الاتفاق السعودى الإيرانى سيساعد على وقف الصراعات الحالية واستقرار المنطقة.. وللحديث بقية.