رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجموعات الموت: مرضى المحروسة فى مصيدة الأدوية المغشوشة

سوق الأدوية المغشوشة
سوق الأدوية المغشوشة يغزو مواقع التواصل

آمالٌ معلّقة تتجدّد كل صباح لأصحاب الأمراض المزمنة وهم يجرّون أقدامهم نحو صيدليات الجمهورية كافة، أملاً في علبة دواء تخفّف أوجاعهم في ظل “سُعار كبير” ضرب سوق الأدوية حول العالم، وأصاب "العقاقير المستوردة" بالشُّح حينًا وبالاختفاء أحيانًا أخرى، لتستمر معاناة المرضى بحثًا عن مُسكّن “يطبّب آلامهم”.  

عفاف محمود، 40 عامًا، تعاني من مرض النقرس الوراثي، وهو أحد الأمراض المزمنة، إذ اكتشفت ذلك منذ عام ونصف العام، وتعتمد على دواء كولشيسين (Colchicine) الذي يستخدم من أجل تخفيف الآلام الناتجة عن هذا المرض: «آلام العظام والمفاصل الناتجة عن النقرس تكون مبرحة ولا يتحملها أحد، لذلك نعتمد على هذا الدواء من أجل تخفيف أوجاعي، لاسيما أن النقرس وراثي وليس له علاج فعّال ونعيش على تلك الأدوية».

عفاف: أدوية أونلاين منتهية الصلاحية

منذ أواخر نوفمبر الماضي، تجد عفاف نقصًا حادًا في توافر Colchicine داخل الصيدليات، وفي نفس الوقت لا تعطي البدائل التي يرشحها الصيادلة لها نفس النتيجة من المفعول، لذلك تزيد المعاناة والألم عليهم:«الدواء لمرضى النقرس وحمى البحر المتوسط والأمراض المناعية بمعنى أن كثيرًا من المرضى يحتاجونه وعدم توافره يدفعنا للبحث عن منافذ أخرى لشرائه، لأنه لا غنى عنه، ما يعرضنا لمخاطر».

اضطرت عفاف إلى البحث عنه في أماكن أخرى غير الصيدليات، ووجدت ضالتها في مجموعات سرية على موقع (فيسبوك) تبيع هذه العقاقير، لكن بعد شرائها وتناولها تكشّف لها أنها منتهية الصلاحية، لتصاب نتيجة لذلك بآلام في المعدة».

هيئة الدواء تحذر من أدوية مغشوشة

عفاف ضحية الأدوية المغشوشة، لاسيما لأصحاب الأمراض المزمنة والتي حذرت منها هيئة الدواء المصرية بتحديد 5 منها موجودة في السوق الدوائية، موضحة في منشور لها طريقة التفرقة بين هذه الأدوية والأصلية.

وكانت المستحضرات هى L-Carnitine syrup، ومن العبوات المقلدة من المستحضر Cialis Tadalafil 20mg، وجميع التشغيلات الأخرى التي تتفق مع المواصفات المذكورة بالعبوة المقلدة، موضحة أنه يمكن التفرقة ظاهريًا بين العبوات الأصلية والعبوات المقلدة.

في وقت سابق كان هناك تحذير من الهيئة بشأن شراء الأدوية مجهولة المصدر، لاسيما أدوية أصحاب الأمراض المزمنة، مؤكدة أن الصيدلية هى المصدر الوحيد والآمن للدواء:«يجب عدم اللجوء إلى أى مكان غير مرخص لشراء الدواء وذلك لوجود صفحات على السوشيال ميديا تقوم ببيع بعض الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية».

بسمة: «أزمة نقص أدوية الغدة أنعشت سوق الدواء المغشوش»

لم تكن عفاف وحدها في سجلات أوجاع المرضى، لكن عانت بسمة نفس المعاناة، إذ إنها تعاني من آلام الغدة الدرقية كأحد الأمراض المزمنة والتي واجهت أزمة منتصف أغسطس الماضي في نقص الأدوية الخاصة، فلم يكن أمامها حل سوى البحث عن مكان آخر.. لربما (!)

تقول بسمة لـ"الدستور": «أنا مشتركة في أكثر من مجموعة لمرضى الغدة الدرقية وأصحاب الأمراض المزمنة في مصر، ووقت الأزمة تعرضنا لعمليات نصب كثيرة، فهناك من جمع أموالًا من المرضى بحجة أن له أقارب في الخارج وسيجلب الدواء وهناك من باع أدوية مغشوشة».

كانت بسمة إحدى ضحايا الأدوية المغشوشة تلك، حيث إن أحد المنضمين للجروب عرض عليهم إعطاءهم كمية من الأدوية الناقصة بمبالغ أكثر من سعر الدواء نفسه، فوافقت بسبب اضطرارها لذلك: «عقب شراء الدواء اكتشفت أنه منتهي الصلاحية، لكن لم أكن أتناول منه شيئًا لذلك لم تصبني أي مضاعفات، لكن وقتها علمت أن السوشيال ميديا هى أسوأ مكان يمكن شراء الأدوية منه».

وتمثل الأدوية المغشوشة والمهربة في مصر نحو 15% في حجم السوق، طبقًا لآخر دراسة أجراها مركز التعبئة والإحصاء، فيما كشفت دراسة للمركز المصري للدراسات الاقتصادية عن وجود نحو 4 آلاف صنف دوائي لم يتم إنتاجه رغم تسجيله، بالإضافة لذلك فإن 50% من الأصناف المسجلة غير متوفرة.

وخلصت الدراسة إلى انتشار الأدوية المغشوشة أو المهربة، حيث تمثل تجارة الأدوية المغشوشة نحو 10% من مبيعات الأدوية في مصر، والتي بلغت نحو 60 مليار جنيه في 2018، متخطية بذلك النسبة العالمية التي تقدر بنحو 6%.