رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جماهير الكرة المصرية تؤازر فلسطين

كل مباراة تقام الآن، فى الدورى المصرى أو الكأس، يقف اللاعبون قبل ضربة البداية دقيقة حدادًا على أرواح شهداء غزة، وأما الجماهير فيهتفون لغزة وفلسطين فى أثناء المباراة، هتافات لاهبة منوعة: "بالروح بالدم نفديكى يا فلسطين".. "عيشى يا غزة" "اضرب يا إسرائيلى عمرك ما تهد حيلى".. إلخ إلخ.
قد لا يكونون بنفس تركيزهم الأول فى متابعة المباريات من داخل حدود الملعب، لكنهم راضون تمامًا، كما أن اللاعبين لا يحتفلون بأهدافهم كما كانوا، لكنهم يبدون راضين تمامًا أيضًا، وهذه هى مصر التي لا يشبهها وطن شقيق ولا صديق.
نعم لا أظن المشهد موجودًا فى بلاد أخرى على هذا النحو الذى هو موجود به فى وطننا العزيز على الأقل؛ فمصر وفلسطين قصة جوار أبدى حميم وحب صادق خالد وتعاون جاد مستمر، ومهما يكن للآخرين معها علاقات فليست كعلاقاتنا الوطيدة بها، والزمن خير شاهد. 
تعبر الجماهير، وهى جموع شعبية تمثل الوطن فى أوضح صوره، بتلقائية وبساطة عن هذه العلاقات، بعيدًا عن تعقيدات السياسة، وكل هتاف من هذه الهتافات يقصم ظهر العدو، عدونا كما فلسطين، ويؤكد صحوة شعبنا واستعداده للتضحية بالنفوس والنفائس من أجل الإخوة الغالين، ولكونه حارس المرمى القوى العظيم عن أهراماته المستهدفة ونيله المستهدف فى المقام الأول.
يسمع الإسرائيليون هذه الهتافات جيدًا، تصل إليهم مباشرة من استاد القاهرة الدولى ومن برج العرب ومن ملاعب الجيش والشرطة، تصل بحماسها الأكثر نفاذًا من النيران، ولا ريب فى أنهم يخافونها خوفًا كبيرًا؛ فمصر هى الخصم الذى لا تتمنى إسرائيل أن يشتد غضبه فى جميع الأحوال.
لا يمنع مانع جماهيرنا الحاشدة فى الملاعب من إعلان ثورتها ضد الكيان المحتل الغاصب، بل العكس هو الصحيح، فلو اختلطت الأصوات وتشوشت، قال المعلق الكروى، بوضوح، لملايين المشاهدين ما تقوله الآلاف لديه، بدا فخورًا وهو يعكس للناس ما يجرى عنده من الأحداث التى يجب أن ينتبه الجميع إليها، كبارًا وصغارًا وحاكمين ومحكومين، فتوافقهم أعمالهم وأقوالهم.
هذا شكل واضح من أشكال المناصرة المصرية لغزة، كما تتحرك الدولة المصرية بكل ثقلها لنجدة الفلسطينيين من ويلات الحرب الطاحنة، بتدرج متعقل يناسب هذا الثقل، تكون مساحة حرة للشعب الذى تغلى صدوره غليانًا، ليعبر هو الآخر عن دعمه الكامل لشرعية القضية الفلسطينية وعدالتها، وعلى هذا يجرى التوحد والتكامل بين السلطة والجماهير، كل بطريقته، على طريق المساندة العربية الحتمية التى تقودها مصر فوق ما يقودها الآخرون مهما قالوا وفعلوا وبدوا في مقدمة الصفوف، ليس الأمر تنافسًا بيننا وبين الآخرين على القيادة بالمناسبة، فالمهم هو المصير الفلسطيني نفسه، ومصائرنا جميعًا كمصريين وعرب ننتمى إلى ما تنتمى إليه فلسطين الشهيدة، لكنه الواقع الذى يحاول الكاذبون طمسه للأسف.

[email protected]