رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صُناع البهجة.. أطفال فلسطين يتحدون الحرب بالبالونات

أطفال فلسطين
أطفال فلسطين

تآلف أطفال غزة من مختلف بقاعها فى مخيمات اللاجئين جنوب رفح الفلسطينية، صاروا أصدقاء دون حتى الانشغال بمعرفة الأسماء.. علت الضحكات، وأحاطت بهم بالونات ملونة، حملها رفاقهم الذين ينتظرون دورهم فى اللعب.

أثبت الأطفال- دون وعى- أن فلسطين قادرة على التعافى مهما فعلوا بها، وأن الصغار فى هذا المجتمع الأصيل سينتصرون بفطرتهم، وأن الوحيد الذى قد يستاء من هذا المشهد المبهج، هو صهيونى مختبئ، يراهم بكاميراته، ويتخيل ما سيفعلونه به غدًا إن أطال البقاء فى أرضهم حتى يكبروا.

تقام اجتماعات البهجة يوميًا، فى فناء مدرسة تابعة لمنظمة الأونروا، وهذه اللقاءات مستمرة فى الانعقاد، ما استمرت الهدنة التى جاءت بجهود مصرية، بالتعاون مع أمريكا وقطر.

كان المصور الفلسطينى هانى الشاعر، يقف هناك، أصر على توثيق ما يحدث بكاميرته، والتقته «الدستور».

قال «الشاعر»: «هاد الأطفال بيلاقوا لنفسهم وقت للتخفيف من وطأة الحرب.. الأونروا عملت ليهم أنشطة ترفيهية لأنهم محتاجين دعم نفسى كبير، خاصة بعدما تركوا كل شىء وراهم ونزحوا».

فى الملعب، سيطر طفل نابه على الكرة، بنية اللون، يدعى عدنان الجور، نجح فى تسجيل هدف، ثم استراح وتحدث معنا: «تخليت عن كل ذكرياتى حينما تركت منزلنا فى غزة، بعدما قصفته قوات الاحتلال.. استُشهد أولاد عمومتى، فنزحنا إلى هون، وبحاول أنسى اللى شوفته بلعب كرة القدم».

بعد ذلك، التقينا الطفلين محمود عسقلان وأحمد النجار، رفعا البالونات الملونة كأنهما يحملان لافتات تذكر شعوب العالم بحق الأطفال أصحاب الأرض فى الحياة والبهجة والاستقرار.

قال «محمود»: «بنحاول نلعب بعدما نزحنا من غزة قسرًا، إذ أجبرتنا قوات الاحتلال على النزوح، لكن بنحاول نعمل أى شىء ينسينا ما مررنا به من آلام.. استُشهد أقاربنا».

على سلم المبنى، وقفت الطفلة شام عازر، البالغة من العمر ٣ أعوام، تلعب بنفس الطريقة التى اعتادت عليها على سلم منزلها المدمر فى غزة.. هذا ما قالته والدتها «نيرة طولان»: «شام كانت بتحب تلعب على سلم بيتنا، كانت بتمسك فى الترابزين وتتزحلق، ولما دمر البيت واستُشهد شقيقها، بكت رغم أنها لم تدرك ما جرى، لكن فكرة إن أخوها راح خلتها تعيط».

تُضيف والدة الطفلة شام: «أتمنى أعود مع صغيرتى إلى البيت المحطم. ابنتى كل يوم تصحى على كابوس مقتل شقيقها وأصبحت تصرخ فى الليل، وفى النهار تلعب بين زملائها وتضحك».

وعلى الجانب الآخر يظهر حسن دويدار وهو حاملا طفلته التي لم يتعدّ عمرها العامين، محاولا السير بها وسط الأطفال في فناء المدرسة، بإحدى مدارس الأنروا للاجئين: «كانت بتعيط إنه ما ظل إشي بعد استشهاد إخواتها الـ3، هي اللي باقيالي».


يُضيف دويدار لـ«الدستور»: «بيتنا اتقصف في وسط غزة وادمر بشكل كامل، ونزحنا للجنوب حفاظا على ما تبقى من أطفالنا، وشافوا ويلات الحرب علشان هيك بنحاول نخفف عنهم».