رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد سيد ريان يكشف أسرار جديدة في حياة عبدالرحمن بدوي

عبدالرحمن بدوي
عبدالرحمن بدوي

الكتابة عن الدكتور عبد الرحمن بدوي مسئولية كبيرة خاصة مع هذا الإنتاج المعرفي الضخم والحياة العلمية المتميزة والتجربة الذاتية المتفردة، إضافة للأدوار المختلفة والمتعددة التي قام بها في مسيرة الثقافة العربية والإسلامية في عالمنا المعاصر، بحسب ما قال الكاتب محمد سيد ريان، مؤلف كتاب عبدالرحمن بدوي الرحلة الفكرية لفيلسوف مصري، الصادر عن مكتبة الإسكندرية 2023، ضمن سلسلة تراث الإنسانية للنشء.

أضاف ريان، لـ"الدستور"أنه بلاشك  عبدالرحمن بدوي أكثر أساتذة الفلسفة العرب إنتاجًا في القرن العشرين، تنوعت إسهاماته الفكرية بين التأليف والترجمة والنقد والتحقيق والتأريخ والأدب والشرح والمراجعة والإبداع الفكري، كان مثالًا للفيلسوف المستقل بذاته عن العالم، يؤمن بضرورة الفكر ويمتلك أسس العلم وخبرة الفلسفة ويكتب بمهارة الباحث المتحقق وأسلوب الأديب البارع. 

الفلسفة اليونانية

وتابع "مشواره الثقافي يشبه التاريخ الإنساني في عمقه وأهميته، فقد عاد إلي الأصول القديمة للفلسفة ليقوم بتنقية الجذور ويمد أساس الفكر، ورجع إلي خلاصات الفلسفة اليونانية يستمد منها المعرفة، فترجم وكتب عن أرسطو وأفلاطون وأفلوطين، وأنطلق إلي الشرق بحضاراته ومنها الإسلامية ودرس كل التيارات داخلها من الفلاسفة إلي المعتزلة إلي الفرق الإسلامية والمتصوفة وغيرهم، كما كتب وقام بتحقيق مؤلفات لأبن رشد وابن سينا وابن عربي والغزالي وابن خلدون والكندي والفارابي والتوحيدي وغيرهم من فلاسفة وعلماء الشرق العربي.

عبدالرحمن بدوي وطه حسين
أشار ريان إلى أن الفلسفة الحديثة والمعاصرة فكان لها نصيب الأسد من مؤلفاته وترجماته منذ بحوثه الأولي ورسائله للماجستير والدكتوراه، فكتب عن هايدجر وكانت وهيجل ونتيشه وأشبنجلر وسارتر وشوبنهور وغيرهم، وقد بلغت أعماله المنشورة أكثر من 120 كتابًا منها أعمال بالفرنسية، الإسبانية، الألمانية، الإنجليزية فضلا عن العربية، تذكرت بينما أستعد لكتابة هذا الكتيب عن عبد الرحمن بدوي مشهدين أحدهما لأستاذه طه حسين والثاني لتلميذه أنور عبد الملك. 

وأكمل "بالنسبة لأستاذه طه حسين فقد كان الداعم الأكبر له ويؤكد ذلك ماقاله أثناء مناقشته لرسالة الدكتوراه عن الزمان الوجودي في 29 مايو 1944 " لأول مرة نشاهد فيلسوفًا مصريًا" وأفاض في اظهار الأهمية الكبيرة لهذه الرسالة وهو مانشرته بالتفصيل جريدة الأهرام في عددها الصادر في 30 مايو 1944.

كما كتب بعدها مشيدًا ببدوي في العام التالي بمجلة " الكاتب المصري " التي كان يرأس تحريرها " الدكتور عبد الرحمن بدوى نشيط لا يكل ولا يمل، فلنحمد للدكتور بدوى نشاطه هذا العظيم، ولنتمن على الله أن يكون مثلًا لاترابه من الشباب، إذًا تظفر اللغة العربية بثراء ضخم وغنى عريض ". وبالفعل تحققت نبوءة الدكتور طه حسين فيه وأصبح أحد الروافد الكبري للثقافة العربية المعاصرة.

قصة أنور عبدالملك مع عبد الرحمن بدوي

أما تلميذه أنور عبد الملك فقد قال عنه " كيف يكون المدخل إلى رجل لا يقبل التصنيف المسبق؟ ماذا لو كان مناضلًا وطنيًا، ومفكرًا تنقيبيًا، وكذا شاعرًا هائمًا معنيًا بالتراث، موسوعى المعرفة، عقليًا علميًا عصريًا يجمع بين الشرق والغرب، وإنما أركان شخصيته وفكره تغوص في أعماق الوجدان والحضارة التى ولد وعاش في قلبها".

الكاتب الموسوعي
وأوضح ريان أن هذان المشهدان من التقدير والإحترام والعرفان لجهود هذا الرجل لم تزدني إلا إيمانًا بفكرة التعدد في شخصيته، ولم أجد في هذا التعدد والتنوع تناقضًا كما رأه البعض من دارسيه، فهو في رأيي يعود للتجربة الثرية لبدوي وإتساع معارفه في جولاته داخل التراث الإنساني ليخرج لنا كل هذا الإنتاج الضخم والمتميز.

وتابع لذلك فقد قررت عند دراسة شخصية الدكتور عبد الرحمن بدوي تناوله بوصفه شخصية متعددة الجوانب والأبعاد وهو منهج رأيته مناسبًا، فهو الفيلسوف الوجودي والكاتب الموسوعي الشامل والمحقق البارح، والمترجم الشارح، ومؤرخ الفلسفة البارز، والباحث المنجز والأكثر غزارة وإنتاجًا، والأديب والشاعر والروائي المتمرد، والمفكر الإسلامي المدافع عن الدين الصحيح، إضافة لأدواره الأخري في كافة الميادين الإنسانية. 

لكن لا بد من الأخذ في الإعتبار إلي أن تلك الجوانب والأدوار رغم تعددها فلم تكن أبدًا منفصلة عن بعضها بل متداخلة متقاربة متكاملة في نسق فلسفته وفكره.

كان عبد الرحمن بدوي واضحًا ومحددًا وصريحًا في كتاباته بأننا نحمل داخلنا بذور التخلف التي تعود بنا للوراء  وكذلك بذور التقدم لو قمنا بالتخلي عن المعتقدات والأفكار التي تعوق مسيرة الحضارة الإنسانية في بلاد العرب والمسلمين.

وأكد أن ماأشد حاجتنا اليوم إلي بدوي وثقافته وعلمه وفلسفته الفريدة لتكون دستورًا فكريًا لنا في عصر لايؤمن إلا بالعلم والمعرفة، وهذا الكتيب هو مساهمة لوضع شباب ورجال ونساء عصرنا علي طريق المعرفة والفخر بالمجد العظيم، وإنني إذ أقدم للقراء والحياة الثقافية هذا العمل أرجو من الله  أن يكون مفيدًا وهادفًا وأن ينفع به كل طالب علم وفكر جديد.

اقرأ ايضًا:
في عام طه حسين| "حديث الأربعاء".. كتاب قدم صورة حية للحياة الأدبية خلال فترة الثلاثينيات