رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملطمة طابا


ألف باء الانتصار في الحروب، هي وحدة الشعب مع الدولة أيًا إن كان اسم حاكمها، هذه بديهية عامة يعرفها الصغير والكبير والمجنون والعاقل، هذه الوحدة تقوم على الثقة المتبادلة بين الطرفين، الشعب يصمد ويقاوم ومتخذ القرار يبذل ومعه مؤسسات الدولة أقصى ما في وسعهم لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة مع أقل الخسائر الممكنة.
ولكن كيف تعامل قطاع من المصريين مع حادثي طابا ونويبع؟.. الذي حدث هو أن مناضل قلب الخس قام من نومه متأخرا بعد تأخير الساعة ستين دقيقة، تمطع على سريره ثم تثاءب وفرك عينيه وفتح تليفونه واوصل الباقة، قرأ الخبر ثم أتحفنا ببوست يدعونا للحرب.
ما هذا العبث وهذا الجهل وهذه المزايدة الرخيصة.
حادثة طابا عرفنا تفاصيله فور وقوعه على لسان المتحدث العسكري المصري، وعرفنا أن تحقيقا تقنيا رفيع المستوى يتم لتحديد المنبع الذي انطلقت منه الطائرة بدون طيار، وسمعنا صوت الطيران الحربي يجوب سيناء من العمق إلى العمق، ولو تمهل الذي بقلبه مرض وقرأ قليلا وتعلم المعلومة المشهورة التي تقول إن طابا تقع ضمن المنطقة (ج) المتفق عليها في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وبالتالي لايوجد بها أي قوة من قوات الدفاع الجوي لتعمل كمضادات للصواريخ والأجسام المعادية، لذلك جاءت الطائرة الصغيرة المعادية وانفجرت هناك بمحتوياتها الهزيلة وهذا لا ينال من اسم العسكرية المصرية ولا يؤثر فيها قيد أنملة، صحيح أن هذه الحادثة لابد وأن تستثمرها مصر لصالحها بتعديل بنود الاتفاقية ونكون قد كسبنا من الطائرة بدلا عن اللطم الذي مارسه بعضنا.
هذا عن الطائرة مجهولة الهوية التي جاءت لنا فجرا، يقول البعض إن أجواء معادية تم رصدها فوق البحر الأحمر ويشير ذلك البعض بطرف خفي إلى الحوثيين في اليمن، حتى لو كان الأمر كذلك فهل تعلم عزيزي الغاضب أن طابا المصرية تقع على بعد مسافة 7 كيلو متر فقط من ميناء إيلات الإسرائيلي، هذه المسافة المحدودة يمكن اعتبارها هامش الخطأ ولذلك نقول ونحن مطمئنون أن المجهولة كانت في طريقها إلى إيلات وجاءت لنا بسبب خطأ يمكن فهمه.
وكما قلنا دائما من الممكن تحويل المحنة إلى منحة نضغط معا لتعديل بنود اتفاقية السلام وبينما نحن نفعل ذلك لابد من اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لحماية المصريين المقيمين في نقاط الهامش الذي يمكن أن يأتي له بالخطأ أي ضرر متوقع طالما الحرب مازالت دائرة في الشمال بين حماس وإسرائيل.
ومن تلك الاحتياطات لا نرى أي غضاضة في إخلاء طابا من سكانها مؤقتا ويقدر عددهم حسب مواقع على الإنترنت بـ3 آلاف نسمة فقط وكذلك مساحتها فهي صغيرة أيضا تقترب من 509 أفدنة، ولكن برغم صغر المساحة وقلة عدد السكان فإن طابا مشهورة عالميا خاصة بعد النزاع القضائي بين مصر وإسرائيل وفازت فيه بجدارة.
كما أنه من المهم أن تشير إلى أن مدينة طابا تتمتع بقيمة استراتيجية كبيرة لموقعها المتميز الذي يشرف على حدود 4 دول هي مصر، السعودية، الأردن، فلسطين، حيث تقع في مواجهة الحدود السعودية في اتجاه مباشر لقاعدة تبوك العسكرية، وتعد آخر النقاط العمرانية المصرية على خليج العقبة في مقابلة الميناء البحري الوحيد للأردن وهو ميناء العقبة.
قليل من العقل والرصد يجعلنا أقرب للانتصار، وحدة أعمق وثقة متبادلة بين الشعب والحاكم ع مواجهة المصائر الكبرى تجعل النصر مؤكد واسم بلادنا ورايتها أكثر وضوحا في سماء العالم.