رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يد حماس وعقل طهران.. لماذا يعتبر هجوم حماس على إسرائيل عملية إيرانية؟

غزة
غزة

فاجأت حركة حماس إسرائيل أمس السبت بهجوم غير مسبوق برًا وبحرًا وجوًا، حيث تمكنت قوات تابعة لكتائب عزالدين القسام من اجتياز السياج الحدودي مع إسرائيل واقتحام مستوطنات غلاف غزة، مما أسفر عن مقتل 300 إسرائيلي، وإصابة حوالي 2000 آخرين، كما تمكنت حماس من أسر حوالي 35 إسرائيليًا بحسب الإعلام الفلسطيني.

بعد يوم من الهجوم، بدا واضحًا الاستراتيجية التي اتبعتها حماس، وكيف يمكن ربطها بشكل دقيق بالنمط الإيراني في الهجمات، والعقيدة الإيرانية تجاه إسرائيل.

 

بصمات إيرانية

عدد من الإشارات ظهرت منذ اليوم الأول والتي رجحت وجود بصمات إيرانية خلف هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل يمكن رصدها على النحو التالي:

الإشارة الأولى حول من يقود عملية حماس ضد إسرائيل، وهذا يبدو واضحًا من الذي يتولى إلقاء البيانات في اليوم الأول وليس التصريحات اللاحقة، وهو (محمد الضيف) المُلقب بـ"أبو خالد"، وهو القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ولا يخفى على أحد أنه رجل إيران في قطاع غزة، وانضم إليه على الفور صالح العاروري وهو نائب المكتب السياسي لحركة حماس، وهو يعتبر رجل حماس في لبنان، بينما لم يتصدر "يحيي السنوار" المشهد، والذي من المفترض أن يكون زعيم حماس في قطاع غزة. وحتى لو ظهر لاحقًا، فإن حقيقة أنه ليس هو الذي أعلن عن العملية، بل الضيف والعاروري، لها دلالة كبيرة فيما يتعلق بما يحدث داخل حماس.

الإشارة الثانية ظهرت في مباركة حزب الله السريعة للعملية، وقيام الحزب بمهاجمة مواقع إسرائيلية في اليوم التالي للهجوم، وهو ما يظهر مدى التنسيق السابق بينهما، حيث قال حزب الله في بيان: "المقاومة الإسلامية (حزب الله) هاجمت ثلاثة مواقع للعدو الصهيوني في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بأعداد كبيرة من القذائف المدفعية والصواريخ الموجهة". تضامنًا "مع الهجوم الجوي والبحري والبري واسع النطاق الذي شنته حركة حماس الفلسطينية يوم السبت على إسرائيل".

الإشارة الثالثة هي نمط الهجوم الذي استخدمته حماس، والهجوم بالصواريخ على القدس، إن محاولة حماس إطلاق الصواريخ على القدس هي أيضًا ما يجعل هذا الهجوم فريدًا من نوعه، فيما تم إقحام القدس في المواجهات لأول مرة عام 2021، حيث بدأ الصراع عندما أطلقت حماس وابلًا من الصواريخ باتجاه القدس.

بشكل عام، لم تستهدف حركة حماس أو الجهاد الإسلامي القدس خلال معظم جولات القتال في السنوات الماضية، وفضلت بدلًا من ذلك إطلاق النار باتجاه تل أبيب أو مناطق جنوب تل أبيب مثل ريشون لتسيون أو عسقلان، فيما تم تفسير هذا التحول بأنه قرار من قادة حماس، ولكن بدعم إيران، لإدخال القدس دائرة الهجوم وتوسيع رقعة المعارك وهي العقيدة الإيرانية.

الإشارة الرابعة هي "فتح الجبهات"، منذ اليوم الأول للهجوم، وبدأ قادة حماس في توجيه النداءات إلى الفصائل الفلسطينية والضفة الغربية وعرب 48 للدخول في المواجهة، فيما قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، مساء أمس السبت، إن "عملية طوفان الأقصى بدأت من غزة وستمتد إلى الضفة والقدس". فيما يظهر بوضوح أن الحرب المتعددة الجبهات في الشمال والجنوب والضفة والداخل هي الاستراتيجية الإيرانية تجاه إسرائيل عن طريق محاصرتها بمساعدة وكلائها في سوريا ولبنان وغزة والضفة.

 

تكتيكات إيرانية

بفحص المستوى التكتيكي للهجوم، تظهر بوضوح البصمات الإيرانية، بداية من إطلاق مئات الصواريخ دفعة واحدة، وساعد على تحقيق ذلك تزايد البنية التحتية لحركة حماس في غزة، إلى حد جعل حماس قادرة على إطلاق أكثر من 100 صاروخ خلال فترة زمنية قصيرة جدًا. 

وعلى المستوى العملياتي، نجحت حماس في تقليد خطط حزب الله منذ بداية الهجوم: التسلل إلى المستوطنات على طول الحدود، وقتل المدنيين والجنود، وكذلك اختطافهم، وهذا بعد إطلاق الصواريخ التي شكلت غطاء جويًا للاقتحام، وهي الخطط التي كانت تعرفها إسرائيل وتستعد لها لكن في الجبهة الشمالية وليس قطاع غزة.

وعند الحديث عن المصلحة الإيرانية من إشعال القطاع، فيمكن ربطها بشكل أساسي بجهود التطبيع المرتقب بين السعودية وإسرائيل، حيث تستهدف إيران تعطيله أو تجميده بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس، في محاولة منها لردع التحالفات الجديدة في المنطقة.