رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أوشريا" و"ساع آوي".. "قصة "شفرات الحرب" التي لعبت دورا في نصر أكتوبر

أرشيفية
أرشيفية

ربما لم يكن يعرف الكثيرين أن كلمات مثل "أوشريا" و"ساع آوي" وغيرها من الكلمات والعبارات الغريبة، لعبت دورا هاما  في تحقيق نصر أكتوبر العظيم الذي حققته مصر على القوات الإسرائيلية في السادس من أكتوبر عام 1973.

 

هذه الكلمات تنتمي هويتها إلى الهوية المصرية الخالصة واعتبرت بذلك سلاح مصري خالص أيضًا، إذ أنها تنتمي إلى اللغة النوبية المصرية الأصيلة، واستخدمت لتمثل شفرات ووسائل خداع للإسرائيليين وقت الحرب وبالفعل حققت النجاح في هذه الخدعة.

 

 وكلمة أوشريا كانت هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر، ومعناها العربي "اضرب"، بينما جملة "ساع آوي" تعني "الساعة الثانية".

 

وبمجرد تلقي كافة الوحدات كلمة "أوشريا" وكلمة "ساع آوي".. بدأت ساعة الصفر التي فيها انطلق الجميع كل في تخصصه ليقهروا المستحيل ويحققوا الانتصار الذي احتفلت مصر والعرب بذاكراه الـ50 أمس.

 

إذ كان الجيش المصري قبل حرب أكتوبر عام 1973 يدرس الإمكانات والبدائل المتاحة التي بها يستطيع تبليغ الأوامر والتعليمات، وكذلك تبادل المعلومات بين القيادات والضباط.

 

وذلك لأن الشفرات المعروفة كانت عرضة للاختراق وفك الأكواد نتيجة تلصص العدو على رسائل الخصم والتعرف إلى ما يدور في دهاليز صنّاع القرار.

لهذا الأمر التفت قادة الجيش المصري إلى الفكرة العجيبة الغريبة التي طرحها أحد الجنود وبدت وكأنها شبه مستحيلة، وذلك بسبب بساطتها وغرابتها في وقت واحد.

 

وكان بطل فكرة استخدام اللهجة النوبية هو الجندي المصري النوبي أحمد إدريس، الذي حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية الأزهرية في عام 1952 وذلك بعد أن ترك قريته "توماس وعافية" بمركز إسنا في محافظة الأقصر جنوب مصر ثم أخذ قسطا من التعليم في القاهرة. 

 

عاش إدريس ذلك الطفل الصغير مع شقيقه الأكبر، الذي كان مقيمًا في منطقة "حدائق القبة" بالقاهرة، وذلك حتى حصوله على شهادته الابتدائية، وبدلًا من أن يكمل تعليمه، كانت قد تركت ثورة 1952 آثارها الاجتماعية والمعنوية عليه، لذا أصر إدريس الانضمام لهذا الكيان فتطوع في الجيش وانضم بعد فترة التدريب لقوات حرس الحدود.

 

يُذكر أن اللغة النوبية تلك هي لغة يتحدث بها النوبيون لكنها لا تكتب، وهو ما جعل إسرائيل لم تتمكن من معرفتها، وهي لغة يتحدث بها أبناء النوبة في مصر فقط.

 

وتنقسم اللغة النوبية إلى أقسام بين أهلها وهم "لهجة نوبة الكنوز"، و"لهجة نوبة الفديكا"، ولهجة "الكنزية" هي اللهجة "الدنقلاوية" نسبة إلى دنقلة في السودان، بينما أصل "الفديكا" يعود إلى اللهجة "المحسية"، التي كان يتحدث بها سكان شمال السودان. 

 

وحسب حديث سابق لإدريس صاحب فكرة اللغة النوبية، فإنه تم تدريب حوالي 70 مجندًا من حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات وقت الحرب وذهبوا جميعًا وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 وحتى حرب 1973، 

 

وأكمل أن الرئيس السادات طالبه بعدم الإفصاح عن هذا السر العسكري، كما هدده بالإعدام حال أخبر به أحدًا وأضاف أن هذه الشفرة استمرت متداولة حتى عام 1994 وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القيادات.