رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرب انهت بعثته.. كواليس عودة طه حسين من فرنسا

طه حسين
طه حسين

 الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، من أهم الشخصيات في الأدب العربي والفكر العربي، وأثرى الثقافة العربية بالعديد من الأعمال الأدبية والفكرية التي تعد من أهم الأعمال في الأدب العربي الحديث.

وأطلقت المؤسسات الثقافية على عام 2023، عام طه حسين لمرور الذكرى الخمسين على رحيله، وقد تناولت حياته عشرات الأقلام، ومن ضمن الذين كتبوا عنه اللواء حمدى البطران، كتاب " طه الذي رأى" حيث كشف الكثير من تفاصيل حياته، ومن بين تلك الأمور سفره لفرنسا.

وقال البطران:" سافر طه حسين لفرنسا مع شقيقه الذي سيعينه على الحياة الشّاقة في تلك البلاد الغريبة والبعيدة عن القاهرة إلى مونبلييه بفرنسا، وقد أمرتهما الجامعة بطلب العلم فيها ذاك العام، حيث استقرّا في فندقٍ فقير كسفينتهما التي قدما على متنها.

وتابع: استقبل طه حسين حياته في مونبلييه سعيدًا بها، كان يشعر أنه في مكانٍ مختلف؛ بلدٌ خالٍ من الأتربة والذباب، أحسَّ بنظافتها، وبيوتها الواسعة لكل بيتٍ سقف عال يحقق له هدوءًا نفسيًّا، فلا يشعر بأنفاس من يشاركونه حجرتِه، بحوش عطا في حي الأزهر، كانت الحجرة لا تكتم على أنفاسه، كما كان يشعر في مصر، كما كان الفراش نظيفًا ورائحته طيبة، وكان خاليًا من البقّ والبراغيث والقمل. 

دروس علمية

كان يذهب إلى الجامعة فيسمع فيها ما تيسر من دروس الأدب والتاريخ واللغة الفرنسية، ويضيف إلى علمه القديم علمًا جديدًا، كما كان عليه أن يتعلم اللغة الفرنسية واللغة اللاتينية.

بدأ طه حسين يهيّئ نفسه لإتقان الفرنسية وتعلُّم اللاتينية، فسعى إلى أستاذ ضرير في مدرسة مخصصة للمكفوفين، ليعلّمه الكتابة والقراءة الفرنسية واللاتينية معًا بلغة الأحرف البارزة والمعروفة بلغة برايل.

المقارنة الصعبة

وأشار البطران إلى أن طه حسين كان يقارن بين حياته القديمة وبين حياته الجديدة في تلك المدينة الجميلة، ويقيس الفرق العظيم بينهما، فيرى نفسه أسعد الناس وأعظمهم حظًّا من السعادة والنجاح.


تفاصيل رحلة العودة

وذات يوم أخبره زميله المصري في البعثة، أن الجامعة تنبّئه بضرورة عودة طلاب البعثة إلى مصر وهذا بسبب إعلان الحرب، وفي رحلة العودة، قضى طه حسين وزملاؤه في الباخرة ستة أيام، ولما وصلا إلى ميناء الإسكندرية، كان عليهم أن يحصلوا على إذن لدخول بلادهم من الدولة المحتلة لأنها في حالة حرب، استمروا بالباخرة يومين في المياه الإقليمية، حتى أذنت السلطات لهم بدخول بلادهم.


مقابلة السلطان

وبعد فترة من الزمن، أمضاها الفتى في مصر يشغل منصب أستاذ في هذه المدرسة أو تلك، انفرجت أزمة الجامعة وقابلوا السلطان حسين كامل، الذي أصبح حاكما لمصر في ١٩ ديسمبر ١٩١٤، ودعا بالسلطان حسين كامل الأول خلفًا لابن أخيه عباس حلمي الثاني خديوي مصر؛ لتخلفه فى الأستانة العلية لأمور سياسية تخصّ الحرب الأوروبية العامة، فقبض السلطان حسين على زمام السلطنة المصرية، ونظر فى أمور الرعية بعين الحكمة والسداد، واستبشر الناس فرحًا ومسرة بهذا الجلوس السعيد، وصار الشعراء والبلغاء يتبارون فى صوغ قلائد التهاني ودرر المدائح.

وتوافد على سراي عابدين وفود المهنئين أفواجًا وزمرًا من كل صوب، وأقسم بين يديه الوزراء ورجال الحكومة يمين الإخلاص والطاعة والولاء لذاته الكريمة، ثم أخذ ينظر فى شؤون البلاد بكل روية وخبرة ودراية رغمًا عن حوادث الحرب الأوروبية الكبرى، قبل ذهابه إلى باريس.


خمسين جنيهًا مكافأة

أنعم السلطان على كل واحد من أعضاء البعثة مبلغ خمسين جنيهًا، وفي لفته حضارية طلب منهم طه حسين التبرّع بهذا المبلغ للجامعة، ولكن علوي باشا رئيس الجامعة، طلب منهم أن يحتفظوا بأموالهم ليُنفقوها في باريس، ويستمتعوا بها.


رفض تسليم تذكرة السفر

وعندما ذهب ليستلم التذكرة من الشركة السياحية، رفضت أن تعطيَه التذكرة لأن الباخرة ستقف في طريقه لفرنسا بمدينة نابولي، وربما نزل منها طه حسين الكفيف، فلا يُحسن التجول بها، ولكن لطفي السيد والأمير أحمد فؤاد تدخّلا وحلّا تلك المشكلة، وأصبح عليه أن يسافر إلى بورسعيد ليستقلَّ سفينةً هولندية تعبر البحر إلى نابولي.

اقرأ ايضًا:

"طه حسين وثائق مجهولة".. كتاب يكشف أسرار حياة عميد الأدب العربي