رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هدف «ليفربول» الملغى يهدد سمعة الدورى الإنجليزى

طوال سنوات لم يفقد محمد صلاح أعصابه، أو انفجر غاضبًا فى وجه حكم المباراة، كما شاهدناه فى مباراة «ليفربول» و«توتنهام» مساء السبت الماضى، والحقيقة أنه لم يكن صلاح وحده من أدرك سوء إدارة حكم الساحة لمجريات المباراة، وتعمده «إرهاب» لاعبى الفريق الأحمر بكروته الحمراء والصفراء التى راح يوزعها يمينًا ويسارًا دون تفكير، وصولًا إلى صلاح الذى نال نصيبه بالإنذار لمجرد احتجاجه على قرار خاطئ، سبقه إلى إدراك هذه الحقيقة المؤلمة كثيرون من جماهير «ليفربول»، وغيره من الأندية، ممن تابعوا المباراة التى تحولت إلى فضيحة تهدد سمعة التحكيم والدورى الإنجليزى عالميًا، فتوالت التعليقات التى تؤكد خطأ الحكم وحكمى «الفار» فى إلغاء هدف ليفربول الذى أحرزه لويس دياز بتمريرة سحرية رائعة من صلاح، ورغم قرار لجنة الحكام بإيقاف حكم «الفار» ومساعده، واعتراف رابطة حكام الدورى الإنجليزى بخطئهما، فإنه لا أحد يتوقع إعادة المباراة، أو أى تحركات تالية أخرى من أى نوع، حتى يورجن كلوب، مدرب «ليفربول» نفسه، لم يزد فى تعليقه على ما جرى وأدى إلى تراجع فريقه من صدارة الدورى، ولو مؤقتًا، إلى المركز الرابع، عن القول إنه «خطأ بشرى» وارد.

ورغم ما تكشف من معلومات بخصوص عودة اثنين من الحكام إلى لندن لإدارة المباراة قبل ساعات من بدئها، وغيرها من تفاصيل تبعث على الريبة والشك، وانتشار هذه المعلومات فى كل الصحف والمواقع الرياضية المتخصصة وتداولها عالميًا، فإن غالبية الترجيحات تذهب إلى أن المباراة لن تعاد، ولن يتم تعديل النتيجة، أو أى شىء آخر إذ يبدو أن هناك أمورًا أخرى لا يمكن حسمها بمثل هذه السهولة والبساطة التى يتحدث بها عشاق كرة القدم حول العالم.

لم تكن حجة حكمى «الفار» من أنه سوء فهم بينهما وبين حكم الساحة كافية، بل لا تصلح أصلًا للتحجج بها، فقد كان بإمكانهما التواصل مع حكم الساحة، ومطالبته بوقف المباراة واحتساب الهدف الملغى، حتى وإن كان قد استأنف اللعب، فما تم الإعلان عنه لا يخرج عن كونه رواية عجيبة لا يمكن أن يصدقها أحد، فإذا صدقنا أنهما قالا للحكم ما نصه «تمت المراجعة»، فظن أنهما يقصدان صحة قراره باحتساب التسلل، بينما كانا يقصدان صحة الهدف، فإن دورهما فى متابعة المباراة يحتم عليهما تصحيح ما وصله بشأن قرارهما، والإلحاح على إبلاغه هو أو مراقب المباراة بالأمر، فهل أبلغاه بالقرار الصحيح؟! وهل تعنت فى قراره حين أبلغاه به؟ هل تواصلا مع مراقب المباراة؟ وهل حاول التدخل؟! لا أحد يعلم.

الغريب هو ما تم تداوله من أنهما حين انتبها للأمر كان حكم الساحة قد أمر باستمرار المباراة، وأنهما تصورا أنه لا داعى لوقفها، وهو فى ظنى كلام فارغ وساذج ولا معنى له، فأى داعى لإيقاف مباراة من إعادة حق لصاحبه، واحتساب «هدف» صحيح تمامًا، يمكنه أن يغير من مجريات اللعب طوال ما تبقى من وقت، ويحسم صدارة الدورى الإنجليزى لصالح صاحب الهدف، ولو لدقائق معدودة، فليس هناك من «داع» أقوى من تصحيح خطأ يغير من مجريات المباراة، بل ربما لا أكون مغاليًا إذا قلت إنه يغير من مجريات الكثير من مباريات الدورى المقبلة كلها.

وأغلب ظنى أن سمعة لجنة حكام الدورى الإنجليزى سوف تواجه خلال الفترة المقبلة الكثير من علامات الشك والريبة، مع إمكانية ظهور اتهامات بالفساد، وربما التورط فى ألعاب جانبية لصالح مراهنات على خسارة «ليفربول»، خصوصًا بعد نهاية المباراة، وصعوبة، إن لم يكن استحالة، تعديل نتائج المراهنات التى تم احتسابها لصالح المراهنين على خسارة «الريدز»، وأيًا كان ما سوف تتخذه إدارة «ليفربول» من إجراءات، وصولًا إلى تصعيد الأمر إلى أعلى هيئة فى الدورى الإنجليزى، فإننى لا أظن أن أحدًا سوف يلجأ إلى أى من السيناريوهين الوحيدين البديلين، إما بإعادة المباراة، أو باحتساب الهدف، وتعديل نتيجة المباراة إلى التعادل، فكلا الاحتمالين يتضمنان فاتورة مالية ضخمة، لا يقدر على سدادها أحد، وربما يؤدى اللجوء إلى أى منهما إلى حالة غضب عارمة بين شركات المراهنات التى لا بد سوف تثور فى وجوههم، وربما تعمل على الإطاحة بهم جميعًا، والكل يعلم تأثير المراهنات على سير الكثير من المباريات فى الدوريات الأوروبية الكبرى، ومنها الدورى الإنجليزى.. ربما لا يتحدث الكثيرون عن ما تملكه شركات المراهنات من نفوذ وتأثير فى مجريات «البريميرليج»، فى الصحافة والإعلام البريطانى أو غيرهما من وسائل، لكن الجميع يعلم ذلك التأثير، والجميع يتداول ما لديه من معلومات وأسرار وتفاصيل، والجميع يفضل الصمت، أو البحث عن مخارج جانبية إذا ما ظهرت لغة المال، حتى وإن كانت سمعة الدورى الإنجليزى كأحد أكبر دوريات كرة القدم على مستوى العالم فى مهب الريح.

لا تزال تداعيات الأمر مستمرة.. لا تزال إدارة ليفربول تبحث عن طريق لاستعادة حقها، ولا تزال لجنة الحكام تبحث عن مخرج، ولا تزال إدارة الدورى تدرس ما لديها من احتمالات.. وما زلت أعتقد أن لا شىء سوف يحدث أكثر مما حدث.. تم إيقاف حكمى الفار، والاعتذار عن «خطأ بشرى» بدعوى أنه غير مقصود.

والحقيقة أننى لست مهتمًا بسمعة الدورى الإنجليزى، ولا يهمنى فوز «ليفربول»، ولا هدف «دياز»، كل ما فى الأمر أننى حتى هذه اللحظة ما زلت أشعر بالغضب لأن «تمريرة حاسمة» جديدة لم تتم إضافتها إلى رصيد محمد صلاح.