رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هو من أسقطهم من حسابات الوطن والوطنية

لقد كان بيان 3 يوليو 2013 بمثابة شهادة ميلاد للجمهورية الجديدة التي تقوم ركائزها على التوافق والترابط الاجتماعي، وتعزز حقوق الإنسان، وتدعم حرية الرأي والتعبير، وتقبل الإختلاف.. سيظل هذا اليوم عالقًا في عقل ووجدان وذاكرة كل مصري، فقد كان مشهد تلاحم القوات المسلحة والشعب المصري في مواجهة الأزمات والتحديات عظيمًا..
نعم، لقد دشن البيان لمرحلة جديدة من عمر الوطن، استعادت فيها مؤسسات الدولة قوتها وتمكنت من تثبيت ركائزها بعد سنوات من الاضطراب، مشيرًا إلى أن البيان الذي ألقاه القائد الأعلى للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، آنذاك، كان بمثابة طوق النجاة للدولة المصرية، حيث تضمن إعلان انحياز القوات المسلحة إلى إرادة الشعب المصري الذي خرج بالملايين إلى الشوارع والميادين في جميع أنحاء الجمهورية للمطالبة بإسقاط حكم محمد مرسي..
ولاشك أن انتهاء هذه المرحلة الإخوانية السوداء بكل خطاياها فتح الباب أمام مصر للانطلاق نحو نهضة في جميع المجالات فقد عملت الدولة على عدد من المحاور المتوازية،  بداية من مجابهة مخاطر الإرهاب في سيناء والذي كان يمثل تهديد خطير لأمن واستقرار الوطن، كذلك وضعت الدولة ملف تطوير البنية التحتية على رأس أولوياتها بعد تدني الخدمات المقدمة للمواطنين بشكل لم يسبق لها مثيل، كما عملت الدولة على تحسين شبكات الطرق والكباري لوضع حل جذري للتكدس المروري الذي عطل فرص الاستثمار كثيرًا..
لقد تحركت الدولة المصرية بقوة بقيادة الرئيس السيسي نحو صياغة علاقات مصر الخارجية التي تأثرت بشدة خلال فترة حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي، بالإضافة إلى إطلاق عدد ضخم من المشروعات القومية التى نجحت في استيعاب ملايين الشباب العاطلين، كما أنها فتحت آفاقًا جديدة أمام الدولة المصرية وزيادة فرصها التنافسية إقليميًا وعالميًا، فضلًا عن أهمية الخطوات الجادة التي أتخذتها الدولة نحو تحسين مناخ الاستثمار، لجذب المستثمرين المحليين والأجانب..
وسيشهد التاريخ وبيان 3 يوليو أن " عبد الفتاح السيسي " وزير الدفاع وقائد الجيش العظيم ورئيس الجمهورية فيما بعد أنه كان بحق أول من استجاب لطلب ولتفويض شعبنا العظيم لقيادة الدولة لخوض معركة وجود بطولية لتطهير البلاد من عصابات الإرهاب اللعينة عسكريًا بطول البلاد وعرضها، وطالب المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والإعلامية باستنفار قواها الناعمة لتغيير خطاباتها الوطنية والمهنية للتعامل مع من تلوثت أفكارهم بكل ماهو مناهض للخير والسلام والجمال والإبداع..
لقد كان على الرئيس " السيسي " مواجهة جماعة تجذر وجودها على الأرض المصرية على مدى ما يقارب القرن من الزمان، تسللوا إلى حتى بيوتنا بمكر ودهاء شرير، وفي مراحل من تاريخنا كان ذلك الاختراق برعاية من بعض القيادات التاريخية للأسف !!
يذكر " فؤاد علام "  الخبير الأمني، وأحد أبرز المسؤولين الأمنيين خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي عن تلك الفترة في كتابه " أنا والإخوان ": " أما نجوم الإخوان الذين انتشروا في السبعينيات فقد لعبوا على الجميع، وأوهموا السادات بأنهم حلفاؤه، واتصلوا من وراء ظهره بالجماعات المتطرفة وأمدوهم بالمال والدعم، وتم تكبيل مباحث أمن الدولة عن متابعة نشاطهم، والمفروض أن هذا الجهاز هو قمة العمل الفني في جهات الأمن السياسي، والمسؤول عن اختراق التنظيمات السرية وكشف أبعادها ومخططاتها، وعناصرها القيادية والمحركة، ودور كل واحد فيهم، والمهام المكلف بها "..
ويتابع اللواء فؤاد علام: " وكانت كل الطرق تؤدي لسيطرة الإخوان على الجامعات، والأمر الخطير أن مؤسسات الدولة بدأت تدفع الإخوان في هذا الاتجاه، لأنها كانت رغبة الرئيس وتقديم فروض الولاء والطاعة له، وعرضت كل التجاوزات التي كانت تحدث أولًا فأولًا على الرئيس السادات، منها شكاوى الأخوة المسيحيين في أسيوط من تصرفات الجماعات الدينية والإخوان المسلمين، وحذرنا من تنامي بذور الفتنة الطائفية، التي بدأت باعتداءات فردية على الكنائس، ووصلت ذروتها بحوادث الزاوية الحمراء، وبهذا الأسلوب بدأ الإخوان في فتح الأبواب الخلفية للمنصة، وكانت سياسة المهادنة التي انتهجها السادات بمنزلة عودة الروح لمليونيرات الإخوان، الذين فروا للخارج وعاشوا في دول الخليج، ومن أبرزهم سعيد رمضان الذي مول معظم حركات الإرهاب في السبعينيات والثمانينيات، وأسس سعيد رمضان " المركز الإسلامى " في جنيف بسويسرا، وكانت مهمته تصدير المؤامرات لمصر، وإعادة إحياء نشاط الإخوان "..
أما ما حدث في العصر المباركي فقد كانت النكتة الشهيرة بوصف تلك الجماعة بأنها " الجماعة    المحظورة " وهي التي تكاد تسكن ضلوع وأحشاء الجسد المصري بقوة وجبروت وانتشار لرسائلها الإرهابية البشعة، ولم يكف النظام عن إجراء الصفقات معها !
وهل ننسى ما حدث قبل الانتخابات النيابية عام ( 2005 )، عندما تم عقد صفقة انتخابية مع مكتب الإرشاد حول نسب مقررة للجماعة في مجلس الشعب.. لقد كانت فضيحة متكاملة الأركان روى أسرارها نائب المرشد الأسبق الدكتور " محمد حبيب " في مذكراته: " الإخوان المسلمون والصعود إلى الهاوية "
فيما روى وأفصح أنه قد جرت قبل تلك الانتخابات النيابية مقايضات وصفقات أفضت بالمحصلة الأخيرة إلى حصول الجماعة على ( 88 ) مقعدًا تحت قبة البرلمان لأول مرة في تاريخ المجلس العتيد !!
ولأن " آفة حارتنا النسيان " وفق تعبير أديب نوبل نجيب محفوظ أردت التذكير بتلك العلاقة الشائنة والغير سوية بين أنظمة الحكم وجماعة الشر على مدى ما يقارب القرن من الزمان.. مع حكم " فاروق " و" ناصر" و" السادات " و" مبارك " حتى تم تقديم مفاتيح الولاية للمرشد وجماعته..
وعليه، كانت مواجهة الرئيس " السيسي " والوصول ليوم إسقاط تلك الجماعة الشريرة في 3 يوليو                   هي الأصعب والأخطر، والتي عبر عنها الرئيس " السيسي " بقوله للشعب " فوضوني لمواجهة الإرهاب المحتمل " بكل جسارة وبتحمل كل النتائج..
واليوم، ونحن نتابع مؤتمر " حكاية وطن " ونرى رئيس وزراء مصر وعيناه تكاد تدمع وهو يعدد أبعاد المشروع الوطني لدولة 30 يونيو وماتحقق على الأرض المصرية، وتقدير الرئيس لرئيس حكومته، أعتقد أن استكمال بنيان ذلك المشروع العظيم بات ضرورة مع قائد واجه بشجاعة تبعات تحالفات وصفقات تم إبرامها مع تلك الجماعة لتبقى وتنمو في حالة عداء مع الشعب..
سنكمل المشوار مع  من أسقطهم من حسابات الوطن والوطنية.