رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يؤثر على حركة الصادرات.. لماذا تستهدف روسيا ميناء أوديسا؟

استهداف ميناء أوديسا
استهداف ميناء أوديسا

تتواصل أعمال القصف المتبادل بين  روسيا وأوكرانيا، ودخول أسلحة جديدة على خط الحرب قدمتها الدول الغربية لكييف لمواجهة موسكو حيث صعدت الأخيرة استهداف الموانىء الاستراتيجية وخاصة ميناء أوديسا.

وفي هذا السياق، قال الدكتور أشرف الصباغ الباحث السياسي والمتخصص بالشأن الروسي، إن القصف الروسي الأخير لميناء أوديسا ومحيطه ليس القصف الأول لهذا الميناء الحيوي بشكل عام، والذي أصبح أكثر أهمية وحيوية للعالم كله بعد الحرب الروسية علي أوكرانيا، نظرا لأنه أحد ثلاثة موانئ يجري تصدير الحبوب الأوكرانية منها إلى دول العالم عبر البحر الأسود. 

وأضاف الصباغ في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن القوات الروسية قامت بقصف ميناء أوديسا الأوكراني أكثر من مرة، سواء بالمسيرات أو بالصواريخ، وكان آخر قصف ضخم من هذا النوع في يوليو الماضي، لكن روسيا تقوم بقصف هذا الميناء ومحيطة بشكل دوري مرة أو اثنتين في الشهر من خلال ضربات محدودة، وزادت هذه الضربات من حيث العدد والاتساع بعد انسحاب موسكو من اتفاق الحبوب لقطع الطريق على تصدير الحبوب الأوكرانية، ومن ثم الضغط على العالم كله لإحياء الاتفاق بشروط روسيا أو تعطيل إمدادات الحبوب على الجميع. 

دلالات استهداف روسيا ميناء أوديسا

وأوضح الصباغ أن الضربة الأخيرة لهذا الميناء تأتي في توقيت صعب، سواء بالنسبة لشعور بعض الدول بالخطر من أزمة حبوب واسعة، أو من حيث الضغط الروسي على دول العالم ووضع الجميع أمام أمر واقع جديد يقوم في الأساس على وجود أزمة حبوب ومواد غذائية حقيقية أي ببساطة منع أوكرانيا من استخدام ميناء أوديسا الذي تنتشر في محيطة صوامع ومخازن الحبوب والغلال. 

وأضاف الصباغ أن الضربة الروسية الأخيرة لميناء أوديسا تشير إلى أن موسكو بدأت بتنفيذ الخطة (ب) التي تقضي بتعطيل هذا الميناء بشكل كامل، وربما بدفع قواتها للاستيلاء على مقاطعة أوديسا بالكامل على المديين المتوسط والقريب وفي الحقيقة، كانت هناك أصوات داخل نسق السلطة الروسية وفي البرلمان تدعو للاستيلاء على كل من مقاطعتي أوديسا وخاركوف، وفي الوقت الراهن تدور معارك طاحنة على محور كوبيانسك في اتجاه خاركوف، وفي الوقت نفسه تجري ضربات روسية ممنهجة لمقاطعة أوديسا، وبالذات للميناء ومحيطه. 

وتابع الصباغ "أعتقد أن الحسابات الروسية بشأن إثارة أزمة حبوب عالمية حقيقية بضرب ميناء أوديسا غير دقيقة، لأن أوكرانيا تقوم بتصدير الحبوب والمواد الغذائية عبر طرق أخرى بديلة، وقد بدأ الكثير من دول حلف الناتو المطلة على البحر الأسود في مساعدة أوكرانيا بتصدير حبوبها، بعيدا عن التهديدات الروسية، وخاصة بعد أن ظهرت الدعوات بضرورة الاستيلاء على كل من أوديسا وخاركوف، وبالتالي، من الممكن أن تؤثر هذه الضربات على نقل الحبوب الأوكرانية، ولكن في حدود ضئيلة نسبيا. 

أهداف روسيا من قصف ميناء اوديسا

وأضاف الصباغ أن موسكو تتوخى عدة أهداف عسكرية وسياسية من قصف هذا الميناء الحيوي، فهي تستهدف بالدرجة الأولى عسكرة البحر الأسود، ومن ثم التحكم في حركة الملاحة به، سواء بمفردها أو مع دول أخرى بصرف النظر عن النتائج أي الدخول في حوارات ومباحثات مع أطراف أخرى، لكي تؤكد أنها ليست معزولة، والأمر الثاني، إغلاق المنافذ البحرية لأوكرانيا، وحصارها البحري الكامل لمنع نقل الأسلحة إلى القوات الأوكرانية ولكن هذه الحسبة غير دقيقة أيضا، لأن أوكرانيا لديها حدود برية كثيرة مع دول أخرى من حلف الناتو، والأمر الثالث، استخدام أوديسا كورقة للمساومة، سواء الآن أو فيما بعد، في حال بدأت المفاوضات حول استعادة أوكرانيا كامل أراضيها التي ضمتها روسيا إلى قوامها. 

ولفت الصباغ إلي أن هناك احتمالات كثيرة وأهداف أكثر بالنسبة لمصير منطقة أوديسا وفي القلب منها الميناء ومحيطه، ومع ذلك، فإن أكبر خطأ استراتيجي في هذه الحرب، هو استيلاء القوات الروسية على مقاطعتي أوديسا وخاركوف أو أي منهما، لأنها ستتورط في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، ما سيدفعها إلى ارتكاب جرائم إبادة عرقية أو جرائم حرب أخرى، إضافة إلى عمليات الاستنزاف الواسعة التي ستواجهها، ومن الواضح أنها ستظل تقصف كلا من أوديسا وخاركوف، مكتفية باستخدامهما كأوراق ضغط فقط، إلى أن تحدث تحولات استراتيجية في هذه الحرب التي ستدخل عامها الثالث قريبا.

 

أهمية ميناء أوديسا 

يطلق عليها لؤلؤة البحر الأسود نظرا لأهميتها ووجود الميناء المحوري بداخلها اذ أنه يمثل نسبة كبيرة من حركة التجارة والتصدير.

ويعتبر ميناء أوديسا الذي يقع بالقرب من أوديسا، أكبر ميناء بحري أوكراني وواحد من أكبر الموانئ في حوض البحر الأسود مع قدرة مرور سنوية إجمالية تبلغ 40 مليون طن.

كما يتمتع الميناء بوصول فوري إلى السكك الحديدية مما يسمح بنقل البضائع بسرعة من الطرق البحرية إلى النقل البري. 

يعد ميناء أوديسا مركزا رئيسيا لنقل البضائع والركاب في أوكرانيا.