رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رعب وغضب شعبى.. اختفاء أحياء درنة يترك ندوبًا فى نفوس الليبيين

فرق الإنقاذ في ليبيا
فرق الإنقاذ في ليبيا

رعب يملأ العيون وأحياء اختفت بالكامل، هكذا وصف شهود العيان الوضع في مدينة درنة المنكوبة في ليبيا بعد انحسار مياه الفيضانات الناجمة عن العاصفة دانيال المميتة والتي أودت بحياة قرابة 12 ألف شخص حتى الآن، ليتملك الرعب من الناجين، حيث تركت العاصفة دانيال ندوبًا عميقة في نفوسهم وأثارت الغضب العارم من استمرار الانقسام السياسي.

الخوف والغضب في درنة

ورصدت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، المشاهد والوضع في مدينة درنة الليبية، حيث سافر محمد الجبو، مراسل ليبي مستقل، مطلع الأسبوع الماضي، إلى المحافظات الشرقية في ليبيا، مرورًا بمدينة درنة والبيضاء وسوسة، وما رآه يصفه بصدمة تفوق التصور.

ويقول: "زرت هذه المدن من قبل وأعرفها جيدًا، كنت أتوقع العثور على هذه المدن عندما قمت بالرحلة من طرابلس، كنت أتوقع أن أرى الأحياء والبلدات، لكن كافة هذه الأحياء تم محوها بالكامل، الأمر مرعب".

تحدثت صحيفة "الأوبزرفر" مع 6 صحفيين نجوا من الموت بأعجوبة، وعانوا من فقدان الأصدقاء والأحباء، وقاموا بتغطية الأحداث من أماكن تم محوها تقريبًا من الخريطة.

ويقول الجبو: "الجزء الأكثر إثارة للقلق في التجربة برمتها هو الآثار النفسية التي خلفتها العاصفة على الأحياء، عندما بدأت العمل على تقرير وتفاعلت مع الناجين، كانت وجوههم تصرخ من الخوف، كان الرعب ملموسًا في عيونهم وملامحهم، وكان هناك أطفال يبكون على قبور ذويهم ويحاولون الصعود إلى القبور، لم يسبق لي تجربة شيء مروع مثل هذا".

نورا محمود الحداد، صحفية مستقلة في مدينة الشحات، على بعد 100 كيلومتر من درنة، شاهدت من نوافذها هطول الأمطار لمدة 24 ساعة تقريبًا، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي والمياه بعد أن غمرت مياه الفيضانات الشوارع بارتفاع يصل إلى 100 متر، لتصل إلى الطابق الثاني من مباني المدينة.

وتابعت: "كانت ليلة كارثية، لقد كدنا نموت غرقاً، حتى إنني نشرت على صفحتي على الفيسبوك نهايتي وأودع عائلتي قبل الذهاب إلى السرير، كنت أتوقع أن أموت مع أطفالي الثلاثة، الذين وضعتهم بجانبي في السرير".

وأشارت الصحيفة إلى أن مياه الفيضانات تسببت في إحداث دمار كبير في درنة والمناطق المحيطة بها، مخلفة وراءها جثثا على الشواطئ والشوارع وتحت الأنقاض، ووفقا للأمم المتحدة، قامت السلطات المحلية، التي تشعر بالقلق من انتشار الأمراض، بدفن 1000 شخص على عجل في مقابر جماعية.

واضطرت منظمة الصحة العالمية وغيرها إلى التحذير من هذا الاندفاع، قائلين إنه لا يوجد تهديد إضافي للإصابة بالأمراض، لكن مياه الشرب النظيفة تمثل أولوية، لأن المياه ستكون ملوثة.

وأكدت الصحيفة أن هناك أيضًا مخاوف بشأن حركة الألغام غير المنفجرة التي تنقلها مياه الفيضانات، والتي تسببت بالفعل في مقتل 3457 شخصًا في ليبيا منذ الحرب الأهلية، وفقًا لمرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية.

وقال الهلال الأحمر الليبي إن 11 ألف شخص لقوا حتفهم في درنة وأكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين، ويتعين على رجال الإنقاذ الحفر في الوحل للبحث عن المزيد من الجثث، بينما تتواصل عملية الإجلاء البطيئة للسكان المتبقين.

بالنسبة للصحفيين الذين عايشوا الفيضانات وأبلغوا عنها، ساهم الصراع السياسي والانقسامات في تدهور خدمات البلاد، بما في ذلك عدم صيانة السدود التي انهارت في حقبة السبعينيات في درنة، وهو ما أشعل الغضب في نفوس الشعب الليبي.

وتابعت الصحيفة البريطانية، أن بعد عودة الاتصالات إلى درنة كانت الصدمة الكبرى بأن اكتشف المواطنون أن ذويهم قد فقدوا، بعضهم فقد عائلته بالكامل، لتترك العاصفة ندوبًا كارثية في نفوس الناجين.

وأضافت أن ليبيا ليست في حاجة إلى ماء أو غذاء، بل إلى مواد بناء ورجال من ذوي الخبرة لإعادة بناء درنة مرة أخرى.