رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية.. درس مؤلم في عام 2023

إعصار دانيال في ليبيا
إعصار دانيال في ليبيا

لم يكن عام 2023 عاديا بأي حال من الأحوال، فقد شهد العالم موجة من الكوارث الطبيعية التي خلفت آلاف الضحايا وأضرار جسيمة في البنية التحتية والبيئة، ورغم أن هذه الكوارث ليست جديدة، فإن شدتها وتكرارها تزداد بشكل مقلق؛ مما يثير التساؤلات حول دور التغيرات المناخية في تفاقمها.

إعصار دانيال: كارثة لم تشهدها ليبيا من قبل

أحدثت العاصفة دانيال، التي ضربت ليبيا الأحد 10 سبتمبر، دمارا هائلا في عدة مدن شرقية، مخلفة مئات القتلى والجرحى والمفقودين، وقد أعلنت السلطات الليبية حالة الطوارئ والحداد لثلاثة أيام، وطالبت بمساعدة دولية عاجلة لمواجهة الأزمة.

وكان إعصار دانيال قد تشكل في منتصف البحر المتوسط يوم الجمعة 8 سبتمبر، وتحرك باتجاه الشمال الشرقي، مؤثرا على عدة دول أوروبية مثل اليونان وتركيا وبلغاريا، قبل أن يتجه نحو سواحل ليبيا يوم الأحد 10 سبتمبر، وبلغت سرعة رياحه نحو 200 كيلومتر في الساعة، مصحوبة بأمطار غزيرة تجاوزت 250 ملم في بعض المناطق.

وأدى هذا إلى حدوث فيضانات واسعة النطاق وانهيارات طينية خطيرة، خصوصا في مدينة درنة، التي كانت أكثر المناطق تضررا، وأفاد شهود عيان بأن أحياء سكنية كاملة جرفتها المياه إلى البحر، وأن بعض المنازل انهارت فوق رؤوس سكانها، كما تضررت البنية التحتية للمدينة بشكل كبير، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات والماء.

ولم تكن درنة وحدها ضحية لإعصار دانيال، فقد اجتاحت المياه أيضا مدن بنغازي وسوسة والبيضاء والمرج وغيرها من المناطق الشرقية، بالإضافة إلى مدينة مصراتة غربي البلاد، وتعرضت المدارس والمستشفيات والمزارع والمحطات النفطية لأضرار جسيمة، كما تضرر العديد من المركبات والطرق والجسور.

وأثارت هذه الكارثة ردود فعل متباينة في الساحة الليبية، التي تشهد انقساما سياسيا وعسكريا منذ سنوات. فمن جهة، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في طرابلس، التي تحظى بدعم دولي، عن تقديم مساعدات إنسانية ومالية للمناطق المتضررة، وإرسال فرق إغاثة وإنقاذ. ومن جهة أخرى، اتهمت حكومة البيضاء المكلفة من قبل مجلس النواب في شرق البلاد، التي تحظى بدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، حكومة طرابلس بالتقصير والإهمال، وطالبت بإعلان حالة كارثة وطنية.

التغيرات المناخية.. سبب رئيسي للكوارث

ولم يكن إعصار دانيال حادث عزل في عام 2023، فقد شهد العالم عدة كوارث طبيعية أخرى نجمت عن التغيرات المناخية التي تؤثر على درجات الحرارة والأمطار والرطوبة وغيرها من المؤشرات.

وفي السياق، يقول يحيى عبد الجليل، الخبير في مجال البيئة، إن هناك علاقة وثيقة بين التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية التي حدثت في عام 2023، فالتغيرات المناخية تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض وفي المحيطات، مما يزيد من تبخر الماء وتكاثف الغيوم وتكون العواصف.

ويتابع "عبد الجليل" حديثه لـ "الدستور": "تؤدي التغيرات المناخية أيضًا إلى تغير في نمط الرياح والتيارات البحرية، مما يؤثر على حركة العواصف واتجاهها، وهذا يزيد من احتمالية حدوث أعاصير قوية ومدمرة، مثل إعصار دانيال".

ويضيف: "تؤدي التغيرات المناخية إلى تغير في كمية وتوزيع الأمطار على مستوى العالم، مما يسبب فيضانات أو جفافا في بعض المناطق، ففي بعض الأحيان، تهطل أمطار غزيرة في فترات قصيرة، مما يسبب سيولا وانهيارات طينية، مثل ما حدث في ليبيا وألمانيا، وفي أحيان أخرى، تنخفض كمية الأمطار عن المعدل الطبيعي، مما يسبب جفافا وحرائق، مثل ما حدث في أوروبا وأفريقيا".

ويستطرد: "تتسبب أيضًا التغيرات المناخية في تغير التوترات الجيولوجية داخل القشرة الأرضية، مما يزيد من نشاط الزلازل والبراكين، فالارتفاع في درجة حرارة المحيطات يؤدي إلى تسخين الصخور في قاعها، مما يزيد من حركة الصفائح التكتونية".

ويختتم: "انصهار الجليد في القطبين يؤدي إلى تغير في توزيع الكتلة على سطح الأرض، مما يسبب ضغطا على بعض المناطق، وهذا يزيد من احتمالية حدوث زلازل قوية، مثل ما حدث في هايتي والصين".

بعض الكوارث الطبيعية التي حدثت في عام 2023 “الدستور” يستعرضها في السطور التالية:

  • إعصار دانيال، الذي ضرب ليبيا وأوروبا وأسفر عن مئات القتلى والجرحى والمفقودين وأضرار بالغة في البنية التحتية والبيئة.
     
  • زلزال المغرب الذي وقع في جبال أطلس على بعد 72 كيلومترا جنوب غربي مراكش بلغت قوته 6.8 درجة راح ضحيته 2862 وفاة و2562 جريحا.
     
  • موجة حر شديدة، التي اجتاحت دول غرب أوروبا وسجلت أرقاما قياسية في درجات الحرارة، مما أدى إلى حرائق ضخمة في بعض المناطق، مثل جزيرة ساردينيا الإيطالية.
     
  • زلزال قوته 7.2 درجات، الذي ضرب هايتي وأودى بحياة نحو 2300 شخص وأصاب 12000 آخرين. وتلاه إعصار غراس، الذي أحدث المزيد من الأضرار في هذه الدولة الفقيرة.
     
  • زلازل أخرى، التي ضربت دول مثل المكسيك وألاسكا وإيران والصين.
     
  • فيضانات عارمة، التي اجتاحت مناطق في باكستان والصين والهند وألمانيا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ وسويسرا والنمسا.
     
  • جفاف حاد، الذي أثر على عدة مناطق في أوروبا وأفريقيا وآسيا، مما تسبب في انخفاض منسوب المياه في بعض الأنهار والبحيرات، واندلاع حرائق في الغابات، وتهديد للأمن الغذائي.