رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زلازل المغرب.. تاريخ طويل من الدمار والصمود خَلَّفَ مئات القتلى والجرحى (تقرير)

زلزال المغرب
زلزال المغرب

يُعد المغرب من بين أكثر دول شمال إفريقيا تضررًا من الزلازل، نظرًا لوضعه الجغرافي المُستقطع بالصف الأوروپی الآسیوی والصف الإفريقي؛ مما يجعله عرضة للحركات التكتونية والصدوع العكسية، التي تُسبب هزات أرضية عنيفة ومدمرة.

كان آخر تلك الوقائع المدمرة، زلزالًا عنيفًا بقوة 7 درجات ضرب المغرب مساء الجمعة، أودى بحياة 1305 أشخاص وأصاب 1832 آخرين حتى وقتنا الحالي، في أسوأ كارثة طبيعية تشهدها المملكة منذ قرن.

وفي التقرير التالي، نستعرض أبرز الزلازل التي شهدها المغرب عبر تاريخه، وكيف تأثرت المجتمعات المغربية بها، وما هي الإجراءات التي اتخذتها السلطات للحد من الأضرار والخسائر الناجمة عنها؟

زلزال المغرب

زلزال عنيف 

في بيان رسمي لـ"المعهد الوطني للجيوفيزياء"، تبين أن مركز الزلزال الأخير كان في منطقة إيجيل جنوب غرب مدينة مراكش، وشعر به سكان عدة مدن في شمال ووسط وجنوب المغرب، كما أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 1923 التي يسجل فيها زلزال بهذه القوة في المغرب، وقد تم رصد مئات من الهزات الارتدادية التي قد تستمر لعدة أسابيع.

وأعلنت وزارة الداخلية عن حالة الطوارئ في المناطق المتضررة، وأرسلت فرق الإنقاذ والإسعاف لإجلاء الضحايا وإسعاف المصابين، كما أظهرت صور وفيديوهات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مروعة للدمار الذي خلفه الزلزال، حيث انهارت عشرات المباني والجسور والطرق، وانقطعت خطوط الكهرباء والمياه والاتصالات.

زلزال المغرب

ونصح مركز رصد الزلازل الأورومتوسطي، السكان بالابتعاد عن المناطق المنخفضة والمباني المتصدعة، وأعرب ملك المغرب محمد السادس في بيانه عن تعازيه لأسر الضحايا، وأمر بتقديم جميع أشكال المساعدة والدعم للمتضررين.

وتلقى المغرب رسائل تضامن ومساندة من عدة دول ومنظمات دولية، وعبرت عن استعدادها لإرسال مساعدات إنسانية وخبراء للمساهمة في عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار.

 

زلزال أغادير 1960.. أسوأ كارثة طبيعية في تاريخ المغرب

بينما في 29 فبراير 1960، ضرب زلزال مُدَمر مدينة أغادير (أكبر مدينة في جنوب المغرب)، بقوة 10 درجات على مقياس ميركالي المعدل، وهو ما يُعادل 5.7 درجة على مقياس ريختر. وقع الزلزال في الساعة 11:40 مساءً بالتوقيت المحلي، واستمر لمدة 15 ثانية فقط، لكنه كان كافيًا لتدمير المدينة بالكامل، وقتل ما بين 12000 و15000 شخص، أي حوالي نصف سكانها آنذاك، وإصابة 12000 آخرين.

وبحسب شهود عيان، فإن الزلزال أحدث صوتًا شديدًا يشبه انفجار قنبلة ذرية، وآثار سحابة من الغبار غطت السماء، وأطاح بالمباني والجسور والأشجار. كما تسبب الزلزال في حدوث انهيارات أرضية وانفجارات لأنابيب الغاز والماء. وقد شعر به السكان في مناطق بعيدة مثل مدينة مراكش، التي تبعد نحو 250 كيلومترًا عن أغادير.

زلزال أغادير 1960

ولم يكن هذا هو أول زلزال يضرب أغادير، فقد سبق أن تعرضت المدينة لزلزال في عامَي 1731 و1761، لكن بقوة أقل، وقد رجح العلماء أن سبب هذه الزلازل هو وجود صدع أغادير، وهو خط انقطاع يمتد من خليج كاديز إلى جنوب المغرب.

وفي أعقاب الزلزال، هرعت قوات الأمن والإنقاذ والصليب الأحمر والجيش المغربي، بالإضافة إلى مساعدات دولية من فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا والصين وغيرها. وأعلن الملك الحسن الثاني عن حالة الطوارئ، وأمر بإخلاء المدينة من السكان الناجين، وإعادة بنائها في موقع جديد، يبعد نحو 3 كيلومترات عن الموقع القديم، واستغرقت عملية إعادة الإعمار حوالي 10 سنوات، وتكلفت نحو 400 مليون دولار.

وأثار الزلزال حينها تساؤلات حول مدى استعداد المغرب لمواجهة مثل هذه الكوارث، وما هي الإجراءات الوقائية التي يجب اتخاذها لتقليل الأضرار، وأدى الزلزال إلى تشكيل المعهد الوطني للجيوفيزياء في عام 1962، وهو مؤسسة علمية تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تهتم بدراسة الظواهر الجيولوجية والجيوفيزيائية في المغرب، بما في ذلك الزلازل.

أدى زلزال أغادير إلى تطوير خرائط خطورة زلزالية للمغرب، تحدد المناطق التي تشكل خطورة عالية أو متوسطة أو منخفضة من حيث تعرضها للزلازل، كما أدى الزلزال إلى تطبيق معايير بناء مضادة للزلازل في المناطق المعرضة لخطر الهزات الأرضية.

زلزال 1969.. هزة شعر بها كامل المغرب

وفي 28 فبراير 1969، ضرب زلزال قوي منطقة شبه جزيرة طارفال في جنوب غرب إسبانيا، بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، وكان مركز الزلزال في قاع المحيط الأطلسي، على بعد نحو 200 كيلومتر من سواحل المغرب وإسبانيا، وشعر به السكان في كامل المغرب، وخصوصًا في المناطق الشمالية والغربية، بالإضافة إلى البرتغال وجنوب فرنسا وجزر الكناري.

وخلف الزلزال 13 قتيلًا و80 جريحًا في المغرب، معظمهم في مدينة تطوان التي تضررت بشدة من الهزة، كما أصيب عدد من الأشخاص في مدينة القصر الكبير ومليلية وسبتة، وتسبب الزلزال في انهيار بعض المنازل والمساجد والمدارس والمستشفيات، وانقطاع التيار الكهربائي والاتصالات في بعض المناطق، كما أثار حالة من الذعر والخوف بين السكان، الذين خرجوا إلى الشوارع والساحات، وأدوا صلاة الخسوف.

وفي أعقاب الزلزال، أعلنت الحكومة المغربية عن حالة الطوارئ، وأرسلت قوات من الجيش والشرطة والحماية المدنية إلى المناطق المتضررة لإجلاء المصابين وإزالة الأنقاض، كما تلقى المغرب مساعدات إنسانية من دول مجاورة مثل إسبانيا وفرنسا والجزائر.

زلزال الحسيمة 2004.. كارثة هزت شمال المغرب

في 24 فبراير عام 2004، اهتزت منطقة الحسيمة في شمال المغرب بسبب زلزال قوي بلغت قوته 6.3 درجة على مقياس ريختر. حدث الزلزال قرب النهاية الشرقية لسلسلة جبال الريف، التي تشكل جزءًا من الحدود النشطة بين الصفائح التكتونية الإفريقية والأوروبية، أسفر الزلزال عن خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية، وتأثرت به أيضًا المناطق المحيطة بالمدينة.

وصل عدد ضحايا الزلزال إلى حوالي 628 شخصًا، معظمهم من سكان الريف، أمضى مئات الأشخاص ليلتهم في العراء خشية حدوث هزات ارتدادية، وأصيب 926 شخصًا بجروح متفاوتة الخطورة، منهم 80 شخصًا في حالة حرجة، ودمَّر الزلزال قرية آيت قمارة بالكامل في غرب الحسيمة، وهي تضم نحو 7 آلاف نسمة، وتضرَّرت مناطق وقرى عديدة أخرى، من أبرزها إمزورن، والسنادة، وأنكور، وآيت خرون ، وآيت هيشم، وآيت مسعود، وبني عبد الله.

زلزال الحسيمة 

لقي زلزال الحسيمة استجابة دولية كبيرة، حيث قدَّمت دول ومؤسسات عدة مساعدات إنسانية وإغاثية للمنكوبين والحكومة المغربية، من ضمن هذه المساعدات تبرُّع مكتب المساعدات الخارجية لحالات الكوارث التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بـ50 ألف دولار لصالح الهلال الأحمر المغربي، ونقل هذا المكتب 10 آلاف بطانية إلى الحسيمة، وتبرعت جمعية المساعدة الإنسانية بـ160 ألف دولار أمريكي من المواد الأساسية للحكومة المغربية، كما أطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر نداءً لجمع 2.3 مليون دولار لإغاثة 30 ألف متضرر لستة أشهر.