رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تبرعات إجبارية.. "الدستور" يكشف أزمة التلاعب في تحويلات الطلاب بين المدارس

تبرعات المدارس
تبرعات المدارس

مع بداية كل عام دراسي يواجه أولياء الأمور أزمة نقل وتحويل الطلاب من مدرسة إلى أخرى، وذلك بسبب إما انتقال الطالب إلى مرحلة دراسية جديدة أو التوزيع الجغرافي، ولكن يواجهون تعنتا وفرض تبرعات عليهم لتسهيل إجراءات التحويل.

 

عدد من أولياء الأمور وقعت ضحية فرض التبرع الإجباري عليه بحجة تطوير المدرسة أثناء التقديم للعام الجديد لابنه أو تحويله من مدرسة إلى أخرى، وذلك بما يخالف القانون وجميع لوائح ونشرات وزارة التربية والتعليم.

 

قبيل بدء العام الدراسي، تكشف "الدستور" في التحقيق التالي فرض تبرعات إجبارية على أولياء الأمور أثناء فترة التحويلات بين المدارس وذلك بحجة تطوير المدرسة ومستلزماتها لصالح الطلاب، بما يخالف القوانين واللوائح.

إيمان منصور: دفعت 1000 جنيه لتحويل اثنين من أبنائي

في البداية تقول إيمان منصور، واحدة من أولياء الأمور، إن التبرع للمدارس أثناء فترة تحويلات ملفات الطلاب أصبحت خطوة ثابتة وكأنها إجبارية من أجل المدرسة، ولكن ليس أمامنا خيار آخر لأن تلك التبرعات سواء العينية أو المادية يجرى الاستفادة منها للمدرسة ولصالح أبنائنا الطلاب.

 

توضح إيمان: "الأزمة ليست في التبرعات فقط وإنما في إذا كانت الأسرة لديها طالبين أو أكثر، فحينها تزداد الضغوط والأعباء على أولياء الأمور، وهذا ما حدث معي، حيث أصبحت مجبرة على دفع تبرع بقيمة نحو 1000 جنيه لأولادي الاثنين من أجل قبول تحويلاتهم في المدرسة، لما طلبت وصل أو أي حاجة تثبت المبلغ اللي دفعته قالولي دا قرار من الوزير عشان مفيش ميزانية بمرتبات العاملات".

 

تضيف ولية الأمر: "حاليًا أي مدرسة دلوقتي عشان تقبل ملف طالب لازم تاخد تبرع تحت أي بند بقى فيه بيقول للعاملات والدادات اللي في المدرسة لأن ملهومش مرتبات بالإضافة إلى بنود أخرى كثيرة تندرج تحت التبرع العيني أو المادي".

 

وطالبت ولية الأمر بضرورة إعادة نظر وزارة التربية والتعليم في شأن تبرعات أولياء الأمور للمدارس سواء كانت إجبارية أم لا، مستطردة أن هذا ليس دور أولياء الأمور لأنهم بالفعل دفعوا مصروفات المدرسة وجميع الرسوم والإجراءات الرسمية أما فيما يخص التبرعات لتطوير المدرسة فهي ليست ملزمة على أولياء الأمور.

 

أيمن عطية: التبرعات تصل إلى 500 جنيه للطفل الواحد

أيمن عطية، ولي أمر، يقول إن التبرعات للمدارس أصبحت أمرا مرهقا ماديا واقتصاديا على كاهل أولياء الأمور: "يعني لو ولى الأمر ظروفه متعسرة وعايز يجيب ابنه أو بنته مدرسة جنبه ستفرض عليه يدفع 500 أو 1000 تبرع، بالإضافة إلى مصروفات المدرسة والزي المدرسي وجميع المستلزمات الأخرى، وكل ذلك على عاتق ولي الأمر وحدة".

 

ويستنكر عطية قائلا: "ليه أدفع 500 جنيه من أجل قبول تحويل ورق المدرسة لابني و500 جنيه زيهم لابني التاني، يعني لو التبرعات أصبحت واجبة فمن الضروري أن المدارس لو تلم بالعقل لكن فيه مزايدات كثير، ومدارس بتحمل نبرات وحفلات وكلام مالوش إفادة للطلاب أو المدرسة".

 

يضيف: "يجب أن يكون هناك حل لهذه الأزمة المتكررة كل عام، لأن مش بناخد بمبلغ التبرع أي وصل إثبات ولا أي حاجة بياخدوا مبالغ من كل ولي أمر قصاد استلام الملف، وكل مدرسة بتاخد مبلغ مختلف عن التاني، وكلنا كأولياء أمور يندفع مجبورين طبعا عشا البهدلة والطفل يتقبل في المدرسة ونخلص.

 

وطالب عطية: "لازم حل وواقفة من الوزارة والمسؤولين بشأن هذه الأزمة، لأن غالبية أولياء الأمور يواجهون تعنتا في حال عدم الدفع، ويجب أن يكون هناك تدخل من قبل الوزارة".

 

فرج علي: نرفض أن يكون التبرع إجباريًا

فرج علي، أحد أولياء الأمور، يقول إن الأمر سلاح له عدة جوانب أولًا التبرع ضرورة نفسية لإدراك معظم أولياء الأمور قيمة المدرسة، ثانيًا؛ المدير السليم يحدد قائمة بمستلزمات تحتاجها المدرسة حتى لا تضيع هذه التبرعات هباءً.

 

يوضح فرج، أنه إذا لزم أمر التبرع في المدارس بسبب عدم تطويرها فإن التبرع النقدي يكون بمبادرة من ولي الأمر وليس إجبارًا عليه ولا حتى بطلب من المدير، كما أن الأفضل للطرفين أن يكون التبرع للجنة من المعلمين بدلا من الجلسات المنفردة مع المدير في الغرف المغلقة.

 

ويضيف ولي الأمر: "نحن لسنا ضد فكرة تطوير المدارس أو التبرع لصالح أبنائنا الطلاب ولكن لا يكون الأمر جبريًا علينا أو تعطيل إجراءات التقديم والتحويل لأبنائنا إلا بعد التبرع، فنحن نرفض هذا".

 

ويشير ولي الأمر إلى أنه من حق أولياء الأمور اختيار العنصر المناسب لإمكانياته بحريته للتبرع؛ إما وحده أو الاشتراك في مجموعة وأيضا يجب على المدير توضيح مصير التبرعات وكيف ساهمت في تطوير أي من بنود مستلزمات المدرسة. 

مدير مدرسة: الإجماع مرفوض لأنه يمس منظومة كاملة

عبد الرؤوف ميزار، مدير مدرسة، يقول إنه لا يجب الإجماع فيما يخص التبرعات للمدارس أو أن كل مديري المدارس تجبر أولياء الأمور على التبرعات لإنهاء أوراق النقل للطلاب: "أنا كنت مدير مدرسة ثانوي بنات وكانت المدرسة مميزة بين العديد من المدارس حتى أن كل أولياء الأمور كانوا يرغبون في نقل أولادهم لهذه المدرسة تحديدا".

 

يوضح عبد الرؤوف، أنه بالنسبة لمدرسته فإنه ليس هناك تبرع جبري على أولياء الأمور لأنه أمر غير قانوني، بل بالعكس عندما علموا أن المدرسة ينقصها بعض التجهيزات بادروا بشراء تلك النواقص، وكان هناك عجز في الكراسي بالمدرسة وبعض المقاعد تحتاج إصلاحات ودهانات، واتفق أولياء الأمور على التكفل بهذه الاحتياجات.

 

يضيف مدير المدرسة: "إنه في حال تبرع أي شخص لصالح المدرسة فإن ذلك لا بد من أن يقيد في عهدة المدرسة، وبالفعل كان أولياء الأمور يتفقون معا ويحضرون بعض الكراسي ودهانات ومسامير لإصلاح الديسكات وتم شراء ماكينة تصوير من تبرعاتهم ويتم تسجيل كل التبرعات في دفاتر عهدة المدرسة كتبرع".

 

لا يصح الإجماع بين جميع المدارس أو سلوكيات مديري المدارس، يقولها مدير المدرسة، مؤكدا أن هذا يعني تشويها للمنظومة بأكملها: "يوجد العديد من المعلمين ومديري المدارس ممن يتبرعون ويساهمون في دعم احتياجات المدارس، كما أذكر أن بعض محال الملابس وليس لهم بنات بالمدرسة تتبرع كل عام بكم من الزي المدرسي وكذلك المصروفات المدرسية وتترك التوزيع بمعرفة المدرسة على الطالبات غير القادرات".

 

ويطالب مدير المدرسة جميع أولياء الأمور بأنه في حال الاستشعار بأن المدرسة تفرض رسوما أو مصروفات بشكل غير شرعي فإنه يجب اتباع الإجراءات القانونية حيال هذا فضل عن اتباع الإجراءات القانونية أثناء تحويل الطلاب بين المدارس.

العفيفي: المدرسون أول المتبرعين للمدارس

أشرف العفيفي، مدرس ثانوي، يقول إن ميزانية المدارس محدودة للغاية إذ أن المدرسين يدفعون لشراء مستلزمات الدراسة والامتحانات: "بنحتاج خلال الدراسة مصروفات لإصلاح المقاعد أو الأجهزة أو غيرها من الإمكانيات في المدرسة، وأحيانًا تتكفل المدرسين بتصوير الامتحانات".

 

يوضح: "مثلا في الترم الماضي حدث عجزا في أوراق الامتحانات بالمدرسة، وقام مدير مدرستنا بدفع ١٧٠٠جنيهًا لتصوير امتحانات التيرم الثاني، كما أنه لا يتم إجبار أولياء الأمور على أي شيء وإنما هم يقومون بالتبرع من أجل أولادهم وطلاب المدرسة لتحسين مستوى المدرسة".

 

يضيف العفيفي: "مصروفات المدرسة يتم تحويلها لوزارة التربية والتعليم ولا تدخل خزانة المدرسة كما يعتقد البعض، ويمكن القول إن التبرعات ليست إجبارية أو مخفية عن أعين أحد، وبكوني مدرس بإحدى المدارس فإن المساعدات والتبرعات المقدمة من أولياء الأمور هي مشروعة خاصة أن ميزانية المدارس مش مغطية مصاريفها ف كل البنود".

 

بعض المديرين يكونوا هم المسؤولون عن المساعدات المقدمة للمدرسة والبعض الآخر يولي أحد المدرسين ذو الثقة ليتولى بند متابعة تطوير المدرسة والمساعدات المقدمة، والمساعدات تكون عينية أو مادية وأحيانًا كثيرة يتبرع معلمو ومديرو المدرسة قبل أولياء الأمور، من أجل تحسين وضع المدرسة وتطويرها، يقولها عفيفي.

خبير شؤون تطوير التعليم: دفع أي مصروفات دون إيصال يعد "رشوة"

أشرف الفضالي، خبير شؤون تطوير التعليم، أكد أن أي مصروفات أو رسوم يتم دفعها للمدرسة دون الحصول على إيصال رسمي فإنها تعد "رشوة"، مستطردًا أنه لا يوجد بند اسمه التبرعات في القانون كما لا توجد لوائح أو نشرات رسمية تنص على تحمل أولياء الأمور أية أعباء إضافية كالتبرعات للمدرسة.

 

يرى الفضالي، أن أولياء الأمور هم من استسلموا وصنعوا هذه الإشكالية دون أخذ إجراء قانوني حيال التبرعات الإجبارية، فإنه يجب على ولي الأمر اتباع الإجراءات القانونية أثناء نقل ابنه أو تحويله من مدرسة إلى أخرى في محيط المنطقة الجغرافية وفي حال التعنت فلا بد من تقديم شكوى إلى الإدارة التعليمية، وهذا حق يكفله القانون للطلاب.

 

وفيما يخص البنود التي تحتاج إلى مصروفات في المدرسة مثل تصوير ورق الامتحانات أو غيرها، يوضح الفضالي، أنه يتم جمع هذه التبرعات أو رسوم أخرى من الطلاب أو أولياء الأمور، على الرغم من تقديم استمارات تلك المصروفات إلى الحساب الموحد بالإدارات التعليمية التابع لها كل مدرسة، وعند صرف المدرسة هذه النفقات من الوزارة فلا يتم رد التبرعات إلى أولياء الأمور.

 

يشير خبير شؤون تطوير التعليم، إلى أن الحساب الموحد هو منبع هذا الفساد والذي يتضمن أن يكون مدير ومفتشي المالية بالمدرسة مسؤولين عن تحمل أي نفقات أو مصروفات ومن ثم استردادها وصرفها بأثر رجعي، وهذا هو أساس الإشكالية، فلا بد من تعديل هذا الأمر وصرف فوري استثنائي لنفقات المدرسة حتى لا يتم التلاعب بأي شكل.

 

54 مليون جنيه لصيانة المدارس على مستوى الجمهورية

أكد يسري عبد الله، رئيس الهيئة العامة للأبنية التعليمية، جهود وزارة التربية والتعليم في تطوير المدارس وتخصيص ميزانية لها حيث تمت الصيانة العاجلة لعدد 621 مدرسة، كما تم عمل صيانة شاملة 1357 مدرسة، فضلا عن فحص المدارس التي مر عليها 15 عاما، وجاري العمل للتأكيد من سلامة المدارس التي سيتم بدء العام الدراسي بها في ضوء فحص 19 ألف مدرسة على مستوى الجمهورية.

 

وفي إطار تطوير المدارس والتوسع في عدد الفصول لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب، أعلنت الهيئة العامة للأبنية التعليمية عن صيانة عدد من المدارس على مستوى الجمهورية، وذلك ضمن خطة الهيئة لتطوير المدارس الحكومية بتكلفة تصل إلى 54 مليون جنيه.

وعلى مستوى قطاع الأبنية التعليمية تستهدف وزارة التعليم خلال العام الدراسي 2024/2023م، إنشاء وتجهيز فصول تعليم أساسي بإجمالي 5106 فصول، وإحلال وتجديد مدارس تعليم أساسي بإجمالي 2042.
 

وتستهدف هيئة الأبنية التعليمية، إنشاء وتجهيز فصول ثانوی عام، بإجمالي 632 فصلا، وإحلال وتجديد فصول ثانوي عام بإجمالي 129 فصلا، إضافة إلى إنشاء وتجهيز فصول تعليم فني359 فصلا، وإحلالا وتجديد فصول تعليم فنى260 فصلا.