رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العميد خالد عكاشة: إرهابيو العالم تدفقوا علينا بالآلاف بعد يناير وانتقلوا إلى سيناء بشكل منظم تحت حماية «الإخوان»

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز والعميد خالد عكاشة

- «جمعة الغضب» يوم فاصل فى تاريخ الإرهاب بمصر وخطته كانت تسير من الشرق إلى الغرب

- القوات المسلحة تفرغت لحماية الدولة وتأمين قناة السويس بعد انهيار الجهاز الأمنى فى صباح 29 يناير

- رفح تلقت هجومًا كاسحًا من سيارات الدفع الرباعى مع بدء خطاب مبارك الأول والانشغال بالميدان

قال العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ والمعروف باسم «جمعة الغضب» كان يومًا فاصلًا فى تاريخ الإرهاب فى مصر، خاصة بعد تنفيذ خطته للقضاء على مظاهر الدولة المصرية من الشرق إلى الغرب، والتى بدأت باقتحام جميع المؤسسات الأمنية والحكومية بشمال سيناء ومنها إلى القاهرة، مع اقتحام السجون لتحرير المسجونين من عناصر التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلى أن الإرهابيين تدفقوا من جميع أنحاء العالم على مصر بعد ذلك، وتم نقلهم إلى سيناء بشكل منظم وتحت حماية جماعة الإخوان الإرهابية.

وأوضح «عكاشة»، خلال حديثه إلى برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، والذى تنشر «الدستور» الجزء الثانى منه، أن عملية خطف جنود الجيش المصرى فى سيناء، فى أثناء حكم الرئيس الإخوانى محمد مرسى، تمت بسبب خلافات بين التنظيمات الإرهابية والقيادى الإخوانى خيرت الشاطر، وتورط فيها مستشارا مرسى بشكل فاضح لحماية «الخاطفين» من الجيش والشرطة، مؤكدًا أن الجيش المصرى فى أثناء تلك الأحداث اتخذ قرارًا بحماية الدولة وتأمين قناة السويس، خاصة بعد انهيار الجهاز الأمنى صباح يوم ٢٩ يناير.

■ كيف كان يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ تاريخًا فاصلًا فى حياة العناصر الإرهابية وما تأثيره على المشهد فى سيناء؟

- يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ كان تاريخًا فاصلًا فى حياة العناصر الإرهابية وكان هذا التاريخ بداية فصل إرهابى عنيف وأكثر تطورًا وأكثر ارتباطًا بالعناصر الموجودة خارج الحدود المصرية، وأكثر ارتباطًا أيضًا بجماعة الإخوان الإرهابية.

وكان المصريون جميعًا مشدودة أنظارهم إلى ما يحدث فى ميدان التحرير بالقاهرة، والمشهد الذى انتهى بتنحى رئيس الدولة المصرية آنذاك محمد حسنى مبارك، وكان أهالى مدينة العريش يتابعون بقوة ما يحدث فى الميدان، وكنت من سكان هذه المدينة فى ذلك التوقيت، وهذه المدينة كانت هادئة بصورة كبيرة، ولم تكن هناك استجابة تذكر من الأهالى لما يحدث، بل كانت هناك متابعة فقط لما يجرى فى القاهرة من أحداث شغب عبر شاشات التليفزيون، وكانت شوارع العريش خالية من الحركة بشكل كبير، خاصة أن يوم الجمعة كان العطلة الرسمية للموظفين والعاملين بقطاع الدولة.

وفى نهاية ذلك اليوم، حدث الكثير من المكالمات الهاتفية المكتبية التى تحمل شعارات الاستغاثة فى مدينة رفح الحدودية، بسبب وجود هجوم كاسح من سيارات الدفع الرباعى المحملة بالمسلحين الملثمين، وكان هؤلاء المسلحون يمتلكون أحدث المعدات القتالية آنذاك، من العبوات الناسفة والمتفجرات المختلفة الأنواع، لذا كان المواطنون يستغيثون بالشرطة المصرية منذ اللحظات الأولى من خطاب الرئيس مبارك فى ذلك اليوم. 

وكان الهجوم الكاسح يستهدف كل مظاهر وجود الدولة المصرية والجيش والشرطة فى المدينة، أى أن الاستهداف كان لأقسام الشرطة، والمطافئ، والأحوال المدنية ومجلس مدينة رفح، والمستشفى الصغير للمدينة، ومركز الشباب، وتم قتل المواطنين الموجودين فى هذه المواقع آنذاك، ووقع عدد كبير من الضحايا، مع وضع العبوات المتفجرة أسفل المبانى التى تخلو من السكان وهدمها من أجل إثارة الرعب فى قلوب المواطنين.

وفى مساء يوم الجمعة ٢٨ يناير، كانت هناك أنباء عن اقتحام بعض أقسام الشرطة أيضًا فى أحياء القاهرة والإسكندرية، وكان الاقتحام فى القاهرة شبه عشوائى من خلال مجموعة من البلطجية، نظرًا لطبيعة المدن المزدحمة بالسكان.

أما الاقتحامات فى رفح فكانت فى شكل هجوم مسلح ومنظم، ولكن فى الحالتين يمكن القول إن هذه الأحداث الإجرامية التى حدثت فى القاهرة ورفح فى ذلك التوقيت جميعها مرتبطة ببعضها بعضًا، والمعارك الإرهابية برفح استمرت منذ الساعة الـ١٢ وحتى الساعة الـ٣ صباحًا، وسقط عدد كبير من القتلى، الذين كانوا خليطاً من الضباط والجنود والموظفين المدنيين وأهالى المدينة والزوار الذين كانوا موجودين فى المدينة فى ذلك اليوم، ويمكن القول إنه لا يوجد إحصاء دقيق لعدد القتلى، ولكن تقديرًا لم يقل العدد عن ٦٠ قتيلًا، مع عدد كبير من الجرحى والمصابين الذين سقطوا مساء «جمعة الغضب».

■ متى تكونت لدى الجهاز الأمنى معلومات عن التنظيم الإرهابى بسيناء؟

- كانت هناك حالة ارتباك كبيرة عند الجهاز الأمنى، الذى وضع خطة إنقاذ سريعة لحماية وإخلاء المبانى التى تستهدفها الجماعات الإرهابية من السكان المدنيين، وفى صباح ٢٩ يناير ٢٠١١ بدأ يتوفر لدى الجهاز الأمنى كثير من المعلومات عن أسماء وأماكن الذين نفذوا اقتحامات رفح الإرهابية مساء اليوم السابق.

ومشهد اقتحام رفح تكرر بكل ما يحمله من تفاصيل فى الشيخ زويد، فى الساعة الـ٣ صباحًا يوم السبت ٢٩ يناير، وذلك قبل أن يتم تنظيم أى مساندة لسكان رفح من قبل مدن سيناء الأخرى، وكانت خطة الإرهاب تسير من الشرق إلى الغرب.

والجدير ذكره أن الشيخ زويد مدينة أصغر من رفح قليلًا، واستمرت العملية الهجومية بها حتى الساعة الخامسة والنصف صباحًا، وكان الهجوم على كل المظاهر الرسمية بالمدينة، كما تمت تصفية المواطنين المدنيين الذين حاولوا حماية المؤسسات الحكومية، لذا تم الهجوم على مقرات الحزب الوطنى، وأقسام الشرطة، ومجالس المدينة، ومديريتى التربية والتعليم والزراعة، أى تم الهجوم على كل المؤسسات التى ترمز للدولة فى الشيخ زويد.

وكان الهدف من هذا الهجوم هو انتزاع هذه المدن من سيطرة الجيش، والاستخدام المفرط للقوة العسكرية فى رسالة واضحة للمدنيين بأنه لا مفر من الخضوع والرضوخ للنظام الإرهابى الذى يريد السيطرة على الدولة، والذى تمثل فى جماعة الإخوان بعد ذلك.

■ كيف كانت أحوال العريش وشمال سيناء بعد «جمعة الغضب»؟

- مدينة العريش بها قوات أمنية كبيرة وقوية لكونها عاصمة شمال سيناء، وحاولت القوات الإرهابية الهجوم على العريش فى الثامنة صباحًا فى ذلك اليوم ولكن فشلت، وكانت هذه العملية الصباحية تهدف أساسًا لشغل القوات الرسمية عن الخطة التى ترسمها العناصر الإرهابية، والتى تمثلت فى اقتحام السجون.

ورغم فشل الإرهاب فى اقتحام العريش فإنهم سيطروا على مساحة ٦٥ كيلو بين رفح والعريش، وكان الجهاز الأمنى فى العريش مرتبكًا بصورة كبيرة، ويريد السيطرة سريعًا، حيث كان الإرهاب يتواجد على الحدود الصحراوية للمدن، وكانت المدن فى سيناء محاطة بالخطر دائمًا. 

وبعض القوات الإرهابية قرر الخروج من رفح والشيخ زويد للعبور من خلف المدن الساحلية من شمال سيناء للانطلاق سريعًا نحو قناة السويس، ومن ثم اقتحام مدن غرب القناة.

وفى صباح يوم ٢٩ يناير حدث انهيار كامل للجهاز الأمنى، وأصبحت مصر فى وضع استثنائى، وكان الوطن فى حالة فوضى شديدة، وفى ظل هذه الفوضى استطاعت العناصر الإرهابية التسلل إلى القاهرة.

■ أين كانت القوات المسلحة فى ذلك الوقت؟

- القوات المسلحة يوم «جمعة الغضب» كانت متفرغة لحماية الدولة المصرية والمواقع الاستراتيجية مع تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس، بعدما اتخذت قرارًا استراتيجيًا بحماية الدولة من أى هزة عنيفة، فحركة الملاحة فى القناة كانت منضبطة ولم تتوقف، والنور والمياه لم يتم قطعهما عن المواطنين، والتموين لم يختل، رغم أنه كان يوجد قدر من الفوضى والناس يقولون إنهم يقومون بثورة على النظام.

والمجموعات الإرهابية وصلت بسيارات ربع نقل إلى السجون وتمت عمليات التهريب، وكان لها ناس متخصصون وتم الاتفاق معهم مسبقًا لاقتحام السجون، بعد اشتباكات مسلحة مع قوات الأمن الموجودة بهذه السجون، وتبين أن هناك مخططًا مسبقًا لذلك قبل يوم جمعة الغضب.

فمثلًا، سجون وادى النطرون وأبوزعبل والمرج، كانت فيها عناصر خاصة بالإخوان، خاصة وادى النطرون، الذى كان به أعضاء مكتب الإرشاد، وعناصر من جماعة «حماس»، محبوسون على ذمة تعاونهم مع تنظيم «التوحيد والجهاد»، فى عامى ٢٠٠٨ و٢٠٠٩، وحكم القضاء عليهم، أما أبوزعبل فكانت به عناصر من «حزب الله» كان قد تم القبض عليها فى بورسعيد فى ٢٠٠٦ و٢٠٠٧، وكانت تجند عناصر للتنظيم لتخلق فرعًا لها فى مصر.

■ ما تفاصيل شهادتك أمام المحكمة عن ذلك الوقت؟

- كنت شاهدًا أمام المحكمة فى قضية اقتحام السجون فى الإسماعيلية أمام القاضى خالد محجوب، ولم يطلب أحد منى الشهادة، ولكن وقتها خرج بيان من المحكمة بأن كل من لديه معلومات يرى أنها مهمة للهيئة القضائية عليه أن يتوجه للمحكمة ويدلى بشهادته، ولها أن تقرر جدية الشهادة.

ولذلك توجهت من تلقاء نفسى للمحكمة، وحكيت كل ما جرى وعايشته فى ٢٨ و٢٩ يناير، والأشكال والأنماط التى شاهدتها، وكانت نفس الأنماط التى ذكرها الناس من وادى النطرون فى شهادتهم، حول أنهم رأوا أناسًا من البدو، وتطابقت هذه المواصفات مع شهادتى، وكانت مفيدة مع شهادة آخرين من سيناء قالوا إن الأهالى والمدنيين والمسجونين تم تهديدهم بالرشاشات حتى يهربوا من السجون، ومنهم من قتل لرفضهم الخروج من السجون لخوفهم وعدم قدرتهم على تفسير المشهد، وفهم من الذى أدار المعركة مع أمن السجن لمدة ٤ ساعات.

اقتحام السجون أثار جدلًا واسعًا فى الشارع المصرى، وكنت وقتها عضوًا فى المؤسسة الأمنية كضابط شرطة، وأؤكد أنه لم يصل إلينا أى منشورات أو تعليمات حول فتح السجون أو تخفيف الحراسة، بل قبل «جمعة الغضب» كانت هناك تعليمات برفع درجات الاستعداد القصوى، والمرور المكثف على النقاط الشرطية وتشديد الحراسة على السجون وأقسام الشرطة والمستشفيات.

وكنت شاهدًا على واقعة سجن العريش المركزى، وهو الأكبر والمخصص لمنطقة شمال العريش، فاعتبارًا من ٣٠ يناير، وبعد نجاح «معارك تحرير السجناء»، كما سمتها التنظيمات الإرهابية، بدأ الإخوان يطبقون هذا السيناريو فى سجن العريش فجر ٣١ يناير، بعدما حاصروا السجن فى محاولة لتهريب المسجونين، مع إطلاق النار عليه بمختلف أنواع الأسلحة لمدة ١٨ يومًا متتالية، وكان الهجوم يستمر من الساعة ١٢ ليلًا وينتهى عند ظهور ضوء النهار، وبعدها يتراجع المهاجمون للصحراء، ويتم التعامل معهم من بعيد بقذائف الهاون والرشاشات.

وكان مدير أمن الإسماعيلية فى هذا التوقيت مقيمًا داخل السجن، ويشرف على إمداد القوات بالذخيرة واستعاضتها للحفاظ على السجن من الاقتحام لمدة ١٨ يومًا، وكان هناك تنسيق مع جهات عليا، مع الدفع بخطة تم ترتيبها خارج شمال سيناء، كانت تقضى بأن تنتظر قوات الشرطة انسحاب المهاجمين ثم تأتى قوات من الجيش والشرطة ليتم تفريغ السجن كاملًا من السجناء، ويتم نقلهم بعدها لمدينة الإسماعيلية وسط إجراءات أمنية مشددة.

والمهاجمون قضوا ١٨ يومًا متتالية فى الهجوم، وكأن السلاح لديهم لا ينضب، وفى موعد الهجوم التالى فوجئوا بأن قوات الأمن تواجههم، وأن السجن أصبح فارغًا بعد الاطمئنان على عملية نقل المسجونين وإذاعة الخبر.

■ الإخوان روجوا أن الشرطة هى من فتحت السجون فى يناير.. فما تعليقك؟

- قبل جمعة الغضب بأيام كان هناك دعوات للتظاهر فى يوم ٢٨ يناير، وكان متفقًا عليها ومعلنًا عنها عبر صفحات مواقع التواصل، لزيادة الحشد فى هذا اليوم، وجماعة الإخوان استغلت الأمر، وبدأت تبنى خطتها على أن المواطنين فى حال نزولهم ستكون هناك حالة من الفوضى ويجب استغلالها لإخراج أعضاء مكتب الإرشاد من السجون.

وجهاز الأمن كان قد قام بعمليات اعتقال قانونية لأعضاء مكتب الإرشاد عندما سجل مكالمات لهم تقول إنهم سيكونون موجودين يوم ٢٨ يناير، وتم القبض عليهم يوم الخميس، وكانت مجموعة منهم قد خططت لتحرير الإخوان وعناصر «حماس» عبر اقتحام السجون.

وقد حدثت شهادة مهمة داخل المحكمة من أهالى مدينة وادى النطرون قالوها أمام القاضى الجليل، ومحتواها هو أن الأهالى لاحظوا يومى الأربعاء والخميس السابقين ليوم ٢٨ يناير ظهور عناصر غير مصرية فى المدينة، وبدأوا يتحدثون مع أصحاب شركات مقاولات أو مقاولين صغار لاستئجار لوادر كبيرة ومعدات ثقيلة.

وفى يوم ٢٨ يناير، تم تحرير محمد مرسى والعناصر الإرهابية التى كانت فى سجن وادى النطرون، وبعد الهروب تم اختيار «مرسى»، عضو مكتب الإرشاد وقتها، للتواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية، خاصة «الجزيرة».

وقد تواصل «مرسى» معهم مباشرة وليس تسجيلًا، وقالوا: «نحن الآن مع بعض المحررين من سجن وادى النطرون، ونستمع إلى أحدهم»، وحينها بدأ محمد مرسى تعريف نفسه، وقال اسمه هو وكل الأعضاء الموجودين، فى اعتراف كامل على الهواء مباشرة بما جرى، وقال بعضًا من تفاصيل عملية الهجوم والاشتباك وإعلان النزول إلى ميدان التحرير للانضمام إلى المظاهرات.

■ كيف تم التنسيق بين الإخوان والعناصر فى سيناء بعد ٢٨ يناير؟

- العلاقة لم تنقطع بين الإخوان والعناصر التى كانت فى شبه جزيرة سيناء، ومشهد اقتحام السجون يدل على حجم الارتباط بينهم، وأنهم كانوا على صلة وثيقة قبل يناير، وأنه لخلق حالة من حالات القلق والاضطراب تم تكليف عناصر الإرهاب الموجودة فى سيناء بالتوجه إلى خطوط الغاز المصرية وتفجيرها، حتى تشتت انتباه الموجودين فى ميدان التحرير.

وبعد تنحى الرئيس حسنى مبارك، بدأت الاستحقاقات الانتخابية وصولًا إلى انتخابات الرئاسة التى نجح فيها محمد مرسى، وفى كل هذه الاستحقاقات الانتخابية كان من يقوم بأعمال الدعاية هم نفس العناصر الإرهابية الموجودة فى شمال سيناء، والتى بدأت تتنامى وتتشكل، وبدا عدديًا أنهم يبرزون ويدخلون مدينة العريش كزوار، وكأنهم من أهل البلد، ويمرون بنفس السيارات التى تم اقتحام السجون بها، والتى أصبحت تحمل صور المرشحين، وقد نجح ذلك فى انتخابات البرلمان، وكان العضو الممثل عن شمال سيناء هو أمين عام جماعة الإخوان ومن حزب «الحرية والعدالة»، وكان هناك تأييد كاسح له.

ورغم ذلك، فإن كل هؤلاء لم يكونوا يستطيعون وحدهم أن يديروا ماكينة الإرهاب الضخمة التى كان الإخوان يريدون استغلال شمال سيناء فيها، وبالتالى بدأت التعليمات لكل العناصر الموجودة فى أفغانستان والبوسنة، وكل الذين كانوا هاربين للعودة مرة أخرى فى عام ٢٠١٢، خصوصًا بعد إلغاء الطوارئ ووضعهم على قوائم الترقب والمتابعة، كما كان يحدث قبل الثورة.

أى أن كل الإرهابيين الموجودين فى العالم كانوا ينزلون إلى القاهرة، لكنهم لا يقيمون فيها، بل كان أول مكان يذهبون إليه هو الأتوبيسات والسيارات التى تنقلهم إلى شمال سيناء، وقد تدفق هؤلاء علينا بالآلاف، والبعض منهم جاء بذات الملابس الأفغانية الكلاسيكية النمطية مثل التى كان يرتديها أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى.

وكل تلك العناصر الإرهابية التى تم استقدامها من مختلف أنحاء العالم فى عام ٢٠١٢ كان يتم نقلها إلى سيناء من خلال نقل منظم ومبرمج وفى حماية جماعة الإخوان، حماية ناعمة، وهذه العناصر الإرهابية التى ذهبت إلى سيناء أصبحت الحليف الرئيسى لحزب «الحرية والعدالة»، وكل أهالى مدينة العريش يرونها، وهى تذهب للاجتماع مع محمد البلتاجى وخيرت الشاطر فى مقر الحزب، للتنسيق معه حول عملية خطف الجنود.

■ ما كواليس عملية خطف الجنود فى سيناء فى أثناء فترة حكم مرسى؟

- عملية خطف الجنود دالة جدًا على الارتباط الوثيق بين جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية فى سيناء، وما حدث هو أن مجموعة من الجنود تم خطفهم و«هما نازلين إجازة»، ومن ثم بدأ الإرهابيون فى طلب فدية من الأجهزة ومن الأهالى، واستمرت عملية الخطف عدة أيام، حتى كشفت طبيعة سيناء المفتوحة، باعتبارها بلدًا لا تختبئ به الأسرار، عن أن منفذى عملية الاختطاف هم من كانوا موجودين فى حزب «الحرية والعدالة» الأسبوع الماضى وقبل الماضى.

وفى القاهرة، كان محمد مرسى قد خرج يناشد بسلامة الخاطفين والمخطوفين، خاصة أن القوات المسلحة وقوات الأمن اتخذتا قرارًا صارمًا حول ضرورة تحرير هؤلاء الجنود والقبض على الخاطفين. ومن هنا، تم الكشف عن جانب آخر من مساحة التعاون، بظهور مستشارَى الرئيس محمد مرسى، وهما أسعد الشيخة وعماد عبدالغفور، بسيارات الرئاسة الرسمية، وكانا يأتيان إلى شمال سيناء فى محاولة للوساطة عندما اكتشفا أن الجيش والشرطة دخلا ليحررا الجنود ويتعاملان مع الأمر بجدية كاملة، وأن هناك عملية وقوات موجودة وتحريات تتخذ، وخططًا تنفذ ومناطق تحاصر. وبالتالى كان على الجانب الآخر ملاحقة ومحاولة استباق الجيش والشرطة بإجراء عملية وساطة، لأن عملية الخطف كان سببها خلافًا ما بين التنظيمات الإرهابية وخيرت الشاطر، وبالتالى تم الخطف لإحراج الرئيس المصرى فى هذا التوقيت، لتنفيذ طلباتها.

وهذه الزيارات المكوكية كانت تتم أمام كل أهالى شمال سيناء، ولم تكن فى السر على الإطلاق، إذ كانت سيارات من الرئاسة تحمل مستشارين للرئيس قادمين للجلوس مع رسل الخاطفين من أجل التفاوض، وينقلان إليهم كم الحرج الذى يستشعره الرئيس مرسى أمام الرأى العام المصرى، وينقلان لهم جدية الملاحقة الأمنية والعسكرية التى بصددهم، ليتم تحرير الجنود المخطوفين بين ليلة وضحاها طواعية.

■ ما أهم الدروس المستفادة والفكرة التى تسيطر عليك أثناء استعادتك ذكريات تلك الأحداث الخاصة بسيناء؟ 

- هناك مجموعة دروس مستفادة فيما يتعلق بسيناء، تتمثل فى أن تنفيذ الدولة أكبر قدر ممكن من التحديث والتطوير والتسليح والتأهيل وتبادل الخبرات للقوات المسلحة المصرية ولجهاز الأمن المصرى هو «فرض عين»، وقد حدث هذا منذ بداية عام ٢٠١٣ وحدثت طفرة كبيرة جدًا، ويجب ألا يتوقف هذا طوال الوقت، لأن هذه المؤسسات من الممكن أن تقع تحت وطأة تهديد كبير، وأن تواجه ظرفًا استثنائيًا كبيرًا كما حدث لنا نحن فى عام ٢٠١١، وبالتالى لا بد أن يكونوا على درجة كبيرة جدًا من الجاهزية لمجابهة أى احتمال. 

كما أنه يجب تنمية سيناء وتطويرها، وأول قرار استراتيجى اتخذه النظام المصرى فى ٢٠١٤ عندما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية هو الدخول جنبًا إلى جنب مع البندقية والمخابرات والمعلومات والمكافحة بسلاح التنمية والتنمية المستدامة، التى تنقل سيناء إلى منطقة طاردة عصية على أى استحواذ أو استغلال للفراغ وللجغرافيا وقلة عدد السكان، هو درس يوضح مدى ضرورة ألا نترك الفراغ للآخرين، لأن الفراغ إما أن تملأه أنت بالإيجابيات وبالمفاهيم الوطنية الراسخة أو سيملؤه أعداء الوطن مباشرة.