رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهواء القاتل.. التكييفات تفتح النار على مُناخ الأرض ببكتيريا "ليجونيلا" الخطيرة

التكييفات وتلوث المناخ
التكييفات وتلوث المناخ

في الوقت الذي أصبح فيه جهاز مكيف الهواء هو واحدًا من أكثر الأجهزة الضرورية في فصل الصيفي ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة الذي لم يشهده العالم ربما من آلاف السنوات، لم يعلم الكثيرون أن هذا الجهاز بينما يحمل الهواء البارد من جهة مساهمًا في التكيف مع ارتفاعات الحرارة، فهو يزيد من الاحتباس الحراري وارتفاع درجات هذه الحرارة على كوكب الأرض برمته من جهة أخرى مهددًا البيئة ومن عليها.

إذ تعتمد تقنيات التبريد الحالية ومنها مكيفات الهواء على الغازات المعالجة بالفلور ومن بينها غاز الفريون التي تسبب ارتفاع درجات الحرارة، وقد تشكل 20% من تلوث المناخ بحلول عام 2050 حسبما أكده البنك الدولي.

والفريون المستخدم في تشغيل أجهزة مكيفات الهواء وغيرها من اجهزة التبريد هو الاسم التجاري لمركبات كيميائية عديدة ووصف عام لمجموعة متنوعة من مركبات "الهالوكربون" وهي غازات أو سوائل مستقرة تستخدم بصفة عامة كمواد تبريد، وتشمل مركبات الكربون الكلورية فلورية ومركبات الكربون الهيدروفلورية.

 

عضو مجلس الطاقة العالمي: خطورة "فريون" التكييف عشرات أضعاف خطورة ثاني أكسيد الكربون

 

وصف الدكتور ماهر عزيز استشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ وعضو مجلس الطاقة العالمي، تأثير غاز الفريون المستخدم في مكيفات الهواء على المناخ، موضحًا أنه أحد الغازات الدفيئة التي تتصاعد إلى طبقات الجو العليا وتتركز حول كوكب الأرض متسببة في الشعور بالمزيد من الحرارة عليه.

كما كشف عزيز عن الخطورة البالغة لغاز الفريون، موضحًا أن خطورته تتعدى عشرات أضعاف خطورة غاز ثاني أكسيد الكربون نظرًا لقدرته الكبيرة على الاحتفاظ بالحرارة من خلال تسخين الجو.

ولفت استشارى الطاقة والبيئة، إلى أن الأزمة في مكيفات الهواء ليست فقط في استخدامها لهذا الغاز الضار، بل في تسربه منها نتيجة عدم إحكام الوصلات الداخلية فيه، حيث يتم ذلك في الغالب دون أن يشعر المستخدم بهذا التسريب خاصة إذا كان داخل الماكينة الخارجية منه، مشيرًا إلى أن ذلك التسريب يعمل على مضاعفة أخطار هذا الغاز على البيئة وطبقات الغلاف الجوي.

ونصح عزيز بضرورة الصيانة المستمرة لأجهزة المكيفات من خلال تنظيف الفلاتر الخاصة بها، والكشف عن مستوى الفريون بها أولًا بأول، وملاحظة حالات التسريب، وذلك للتقليل من أخطار هذه الأجهزة على البيئة قدر الإمكان مشيرًا إلى أن ذلك لن يمنع من تلك الأخطار، ولكنه فقط يقللها.

 

مستشار دولي في التنمية المستدامة: السلوك الإنساني الخاطئ يضاعف خطر "التكييفات"

الأمر نفسه أكده الدكتور حسين أباظة عضو اللجنة الوطنية للمشاريع الخضراء ومستشار وزارة البيئة للتنمية المستدامة، موضحًا أن غاز الفريون المستخدم في التكييفات هو أحد الغازات التي تسببت في ثقب طبقة الأوزون بالغلاف الجوي والتي ينتج عنها أضرار خطيرة على المناخ، وبالتالي فهو واحدًا من المسببات للعديد من الظواهر مثل زيادة معدلات التصحر، والجفاف وارتفاع درجات الحرارة وغيرها من أشكال التغيرات المناخية الخطيرة.

وأضاف حسين أن السلوك الإنساني لبعض الأشخاص يضاعف من أثر هذا الفريون الضار المستخدم في مكيفات الهواء وهو المتمثل في تشغيل تلك المكيفات لعدد ساعات كبيرة متواصلة، أو تشغيلها على درجات حرارة منخفضة، الأمر الذي يحتاج إلى المزيد من استهلاك غاز الفريون لتخفيض درجة الحرارة وتحقيق الدرجة المطلوبة، وهو ما يعني المزيد من الضرر على البيئة،لافتًا إلى أن الدرجة المثالية لتشغيل جهاز مكيف الهواء هي 26 درجة، كما أوضح أنه لا يجب على الإطلاق تشغيله لفترات طويلة تجنبًا للأخطار التي يسببها على الإنسان والبيئة. 

وأردف موضحًا أن البديل الأمثل لتجنب الأضرار الخطيرة لأجهزة مكيفات الهواء هو الاتجاه نحو استخدام بعض المكيفات التي تستخدم أنظمة طبيعية في التبريد مثل تلك التي تعتمد الماء والتهوية فقط، كما أوضح أنه يجب تغيير نظم العمارة كذلك والعودة إلى المواد الطبيعية فيها التي تساهم في عزل درجات الحرارة مثل الطين والطوب اللبن، والتي كانت تستخدم في المناطق الريفية مع إضافة التطوير إليهما بما يتماشى مع العصر الحالي.

رجّح علماء المُناخ أن شهر يوليو الماضي هو الأكثر سخونة في العالم منذ "مئات إن لم يكن آلاف السنين"، معتبرين العام الجاري هو الأكثر سخونة

 

كما رجح العلماء تصاعد درجات الحرارة في العالم لتتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية، وهي الحد المقرر لارتفاع حرارة الأرض، موضحين أن هناك احتمالية بنسبة 66 في المئة بأننا سوف نجتاز عتبة 1.5 درجة مئوية من احترار الأرض في وقتٍ ما بين الآن وعام 2027.

المصدر:وكالة ناسا

 

مستشار برنامج المناخ العالمي: تستهلك كهرباء منتجة من الوقود الأحفوري الضار بالبيئة

بينما رأى الدكتور مجدي علام مستشار برنامج المناخ العالمي وخبير البيئة، أن الضرر الحقيقي الذي يسببه استخدام المكيفات، هو تلك الطاقة الكبيرة التي تحتاجها للتشغيل والتي تنتج عن محطات كهرباء تعمل في الغالب بالوقود الأحفوري، موضحًا أن أجهزة المكيفات طوال شهور الصيف أصبحت منافسًا قويًا لباقي مؤسسات ومشاريع الدولة في كل المجالات التي تحتاج إلى استخدام طاقة كهربائية، تلك الطاقة التي مازال يستمد الجزء الأكبر منها من محطات تعمل بالوقود الأحفوري.

لفت علام كذلك إلى أن بعض الأجهزة الحديثة من مكيفات الهواء تعتمد على مكونات أقل تلويثًا للمناخ، ويعبر عن ذلك بالتدوين على أغلفتها عبارة "صديقة للبيئة"، مشيرًا إلى أنها تمثل خطوة جيدة نحو طريق محاولات تقليل ضرر هذه الأجهزة.

من المتوقع أن يرتفع معدل انتشار مكيفات الهواء من 1.6 مليار وحدة تعمل حاليًا إلى 5.6 مليار وحدة بحلول عام 2050، وذلك تزامنًا مع تحسن الدخول في اقتصادات الأسواق الناشئة، سيبلغ الطلب على الكهرباء اللازمة لتبريد الأماكن سيبلغ ثلاثة أضعاف المستوى الحالي.

المصدر: الوكالة الدولية للطاقة 

رئيس شعبة المعدات الكهربائية والكابلات السابق: البدائل النظيفة ليست منتشرة

من جانبه؛ قال عاطف عبد المنعم رئيس شعبة المعدات الكهربائية والكابلات السابق، إن مكيف الهواء يستهلك كميات كبيرة من الكهرباء وهو ما يفسر الضغط الكبير على شبكات الكهرباء، إذ أن الجهاز الواحد ذو القدرة 3 حصان يستهلك نحو ثلاث أربع كيلو وات في الساعة، وهو ما يعادل الكهرباء اللازمة لإضاءة نحو سبعون لمبة ليد في الساعة، الأمر الذي يؤثر على مخزون الطاقة في البلاد خاصة مع الارتفاع الكبير في أعداد أجهزة مكيفات الهواء بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى تأثيره على المناخ.

في الوقت نفسه أشار عاطف إلى أنه في السنوات الأخيرة اضطرت بعضًا من كبرى الشركات العالمية إلى تصنيع أجهزة مكيفات هواء صديقة للبيئة، نتيجة ضغط الاتفاقات الدولية التي اهتمت حاليًا بقضايا المناخ وألزمت عدد كبير من الدول باتباع سياسات تقلل من انبعاثات الكربون والغازات السامة حفاظًا عليها، إلا أن أعداد هذه الأجهزة الصديقة للبيئة مازالت محدودة للغاية، مشيرًا إلى أن معظم الأجهزة المنتشرة بالأسواق هي أجهزة تتسبب في أضرار على البيئة ومناخها.

في 22 مارس 1985 تم توقيع اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون التي اعتمدها ووقع عليها 28 بلداً، وفي سبتمبر 1987، أدى ذلك إلى صياغة بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون.

 

توصلت الأطراف في بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون إلى اتفاق في اجتماعها الثامن والعشرين للأطراف في 15 أكتوبر 2016 في كيغالي ورواندا للتخلص التدريجي من مركبات الكربون الهيدروفلورية

أستاذ أمراض الصدر: تسرب "الفريون" يصيب ببكتيريا "ليجونيلا" الخطيرة

التسرب في غاز الفريون وهو الغاز الرئيسي المستخدم في مكيفات الهواء يؤدي حسب الدكتور طه عبد الحميد عوض أستاذ أمراض الصدر كلية الطب جامعة الأزهر، إلى حدوث تسمم في الشعب الهوائية وكذلك في الحويصلات الهوائية مسببًا رشح بها وهو ما ينتج عنه شعور الشخص بالغرق ثم الاختناق الذي ينتهي بالوفاة موضحًا أن زيادة غاز الفريون تقلل من نسبة الأكسجين في الدم، وهو ما يعطل عمل الخلايا المسئولة عن عملية التمثيل الغذائي الأمر الذي يسبب التسمم أيضًا والذي قد ينتج عنه الوفاة في أي لحظة.

وأضاف عبد الحميد أن خطر أجهزة مكيفات الهواء على البيئة لا يتمثل فقط في استخدام غاز الفريون في تشغيلها بل في ما يعرف كذلك باسم النظام المائي الموجود بها أو "الووتر سيستم" والذي يهدف إلى ترطيب الهواء الخارج منها، فهو يتسبب حسب عبد الحميد في إصابة المتعرضين لها بنوع من البكيتريا التي تدعى "ليجونيلا" وهي بكتيريا خطيرة تصيب الرئة وقد تهدد حياة الانسان برمتها، مشيرًا إلى أنه قد أجريت الولايات المتحدة الأمريكية عدة دراسات وتبين أن المعرضين للجلوس في أجهزة التكييف عدد ساعات أطول هم الأكثر عرضة للإصابة بهذه البكتيريا.

وتابع أستاذ أمراض الصدر أن انتشار الفيروسات بشكل عام وكذا جميع الأمراض التي تنتقل عن طريق التنفس يمثل واحدًا من أخطر أثار المكيفات التي تمثل بالنهاية تلوثًا للبيئة والمناخ عن طريق نشر المزيد من الفيروسات والبكتيريا في الجو، إذ أن المكيفات تساهم في نقل الفيروسات بين الأفراد الموجودة داخل الغرفة الواحدة التي يقوم جهاز التكييف بتبريدها.

حسب مدونة بالبنك الدولي فقد تحول مصنعو مكيفات الهواء عن استخدام مركبات الهيدروفلوروكربون التي تسبب تآكل طبقة الأوزون مثل غاز آر-410 أيه (R-410A)، (الأقوى تأثيرًا من ثاني أكسيد الكربون بمقدار 2000 ضعف) إلى مواد تبريد أقل ضررًا مثل غاز آر-32 (R-32) (الأقوى تأثيرًا من ثاني أكسيد الكربون بمقدار 675 ضعفًا) وغاز آر-290 (R-290) (الأقوى تأثيرًا من ثاني أكسيد الكربون بمقدار 3 أضعاف.

ووفق المدونة ذاتها فإن تقنيات التبريد الجديدة في الأسواق لم تنطلق بسرعة كافية، بالإضافة إلى ذلك، فإن بدائل الغاز المعالج بالفلور بها عيب خطير يجعل انتشار استخدامها في المناطق التي ترتفع فيها درجات الحرارة مصدر خطر، فهي قابلة للاشتعال بدرجة كبيرة، ويمكن أن تنفجر في درجات الحرارة المرتفعة، بالإضافة إلى سهولة اشتعالها بشكل عام.

 

مخلفاتها بين إلقاؤها في مقلب شبرامنت وبيعها في المزادات 

يُشار كذلك إلى أن واحدًا من الآثار الناجمة عن مكيفات الهواء والمسببة للأضرار على البيئة والمناخ تلك المخلفات الناتجة عنها من مواد يصعب تدويرها في حال أتلفت.

الأمر الذي نفاه مصطفى أحمد أحد العاملين في مجال تدوير القمامة، مشيرًا إلى أن أجهزة المكيفات التالفة والقديمة يتم التعامل معها في البداية من قبل تجار "الروبابيكيا" الذين يبيعون الأجزاء الصالحة للاستخدام مرة أخرى إلى بعض تجار الخردة ومراكز الصيانة، بينما يتم طرح باقي الأجزاء في مزادات لشرائها من قبل العديد من الشركات بهدف إعادة تدويرها، واستخدامها.

بينما قال عادل شكري أحد العاملين في مجال القمامة، إن الأجزاء غير الصالحة يتم الانتهاء بها عند مقلب شبرامنت للقمامة العمومي، بعد قيام عربات هيئة النظافة بإلقائها ناك، لتنضم إلى سلسلة المخلفات الصلبة.

 

يصل حجم المخلفات الصلبة الناتجة سنويًا في مصر لنحو 90 مليون طن،  حيث يصل المتوسط اليومي لنحو 55 ألف طن

المصدر: وزارة التجارة

 

أقرأ أيضًا: