رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المحتوى الدرامى

منذ متابعتنا للمؤتمر الصحفي الذي أقامته الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تحت شعار "سنوات من التطوير"، والإعلان عن استراتيجية إدارة المحتوى الدرامي للشركة، والأمل في التطوير معقود ويتجدد ويتأكد لنا أننا بتنا بالفعل على عتبات عصر جديد وناجح للدراما المصرية والعربية..
فقد كان من ملامح تلك الاستراتيجية الإعلان عن خطوات جديدة للتعاون مع كبار المنتجين المصريين لأعمال جديدة طوال العام، وتضمين الخطة متابعة الدراما لإنجازات أصحاب قصص النجاح والتغيير الحقيقية في مجالات البطولات الوطنية والإشراقات الثقافية والعمل الاجتماعي لتكون ملهمة لمختلف الأجيال والطبقات، وأنه من الأهمية بمكان تنقية مشاهد العنف غير المبرر دراميًا والعبارات الخادشة واستبدالها بحوار جيد يسهم في ترقية الذوق والسلوكيات العامة  للمتلقي، والإشارة لأهمية تناول قضايا الأحوال الشخصية والإدمان والأمية وغيرها من القضايا الاجتماعية والإنسانية، بما للدراما من تأثير مباشر وقوي على المشاهد، وإتاحة الفرص لمواهب مصرية جديدة، والعناية في اختيار أعمال درامية بحيث تعكس تفاصيلها الشخصية المصرية، وخلق آلية ذاتية لتصحيح الأخطاء، استعادة نصوص لكبار المؤلفين وإعادة تقديمها بما يلائم الزمن الذي نعيشه، وإطلاق مسابقة ضخمة سنوية من أجل الحصول علي نصوص درامية وروايات من الموهوبين في مصر؛ لتكون ضمن خطط الإنتاج المقبلة..
وكما عودتنا مؤسسات وأجهزة دولة 30 يونيو على سرعة الإنجاز والذهاب بجدية والعمل بحرفية عالية نحو تحقيق الأهداف، حدث بالفعل إنجاز العديد من المسلسلات الناجحة والمهمة متنوعة المجالات والموضوعات، ومن حيث نوعية الإطار والمحتوى الدرامي لعام 2023: منها "الكتيبة 101"، "سره الباتع"، "مذكرات زوج"، "الكبير أوي"، "سوق الكانتو"، "1000 حمد الله على السلامة"، "حضرة العمدة"، "تحت الوصاية"، "علاقة مشروعة"، "ضرب نار"، "رسالة الإمام"، "عملة نادرة"، "جميلة".. وجميعها أعمال حققت نجاحات نقدية وجماهيرية وتستحق المشاهدة والتحية بمقاييس تقدير متعارف عليها..
ولكن فقط باستثناء الاستظراف وثقل الظل وهيافة المحتوى غير الدرامي في "1000 حمدالله على السلامة"، أما مسلسل "جعفر العمدة" فقد ضرب وخالف وخرج عن كل أهداف الاستراتيجية التي أعلنتها الشركة المتحدة، فلا تنقية لمشاهد العنف ولا وجود لقيم أسرية إيجابية ولا دعم لمواقف رشيدة، فالنموذج البطل في المسلسل يمارس أحكام الغبن والديكتاورية مع زوجاته، ويمارس التعدد في الزواج من باب المفاخرة بالقدرات المادية والفحولة الذكورية، فيطلق الأحكام بالتوقف عن الإنجاب وأحكام أخرى بالعودة للإنجاب، ويفاخر أمام أحدث الزوجات بشراء مطعم كبير لمجرد منع إدارته من الدخول بالجلباب، وتفاصيل تعتمد الصدفة وبشكل ميلودرامي ساذج على طريقة مغنواتية       "أبوزيد الهلالي" حيث البحث على مدى الحلقات عن ابن البطل وحواديت مقابلات الأب والابن اللي مش عارفين ليه تبادلا المشاعر والعواطف، وتقديم الأخ الأكبر الطيب على أنه عبيط غلبان يستحق إهانة الأم الحاكمة والمتحكمة بسياط وجبروت البطل.. والمجال لايتسع لعرض سلبيات العمل الذي يقدم دراما سابقة التجهيز والناجحة جماهيريًا بنسخة مقلدة لــ(عائلة الحاج متولي) بكل التجاوزات المهنية والمثبطة لآمال من ينتظرون دراما تنمية الوعي، ولكن لدينا أمل في تجاوز تلك الرؤية المحبطة في الجزء الثاني!
وعليه، أسعدني كمتابع صدور قرار تولي الناقدة الرائعة "علا الشافعي" مهمة إدارة المحتوى الدرامي للأعمال التي تنتجها الشركة المتحدة بما تتمتع به من خبرات وإمكانات مهنية مؤهلة "الشافعي" خريجة معهد السينما (سيناريو) ولديها فيلم روائى طويل، وصاحبة تجارب في التقديم التليفزيونى، فضلًا عن متابعاتها التقدية عبر كل الوسائط الإعلامية والحضور المهني في العديد من المهرجانات السينمائية والدرامية.
وأرى أن قرار تأسيس اتحاد منتجي مصر، بمشاركة 18 شركة إنتاج على رأسهم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، لضبط وتطوير سوق الإنتاج الدرامي، خطوة مهمة وإيجابية في هذا التوقيت لصالح جودة المنتج الدرامي..
وفي هذا السياق كان الاجتماع التأسيسى لاتحاد منتجى مصر خطوة شديدة الأهمية وإيجابية للغاية فى هذا التوقيت، خصوصًا أننا في حاجة إلى وجود تنسيق بين شركات الإنتاج المختلفة، لضمان جودة المنتج وعدم تكرار الموضوعات التى يتم مناقشتها في تلك الأعمال، حيث ضرورة أن يكون هناك رؤية واضحة وتنوع للفئات المختلفة في إطار التنسيق بين الشركات لأهمية ذلك في إطار التنافس الموجود في الشرق الأوسط..
وعليه، هل لي أن أحرر برقيات مختصرة لراعية المحتوى الدرامي؟
• لأن المحتوى الدرامي مسئولية الكاتب بداية، فلتكن في باكورة القرارات تنظيم اجتماع عاجل مع أهل التأليف الدرامي، وفي الصدارة حضور ومشاركة رواد وشيوخ الكتابة الدرامية بعد أن تم حجبهم بإقصاء غريب عن المشهد الإبداعي ليطرحوا أفكارهم لتطوير العمل الدرامي..
• إعداد دراسة أكاديمية وفنية حول تجربة القطاع العام في الستينيات ودور "هيئة السينما" في تجربتها الإنتاجية، ودراسة نجاحات قطاع الإنتاج برئاسة السيناريست المبدع والقدير الراحل ممدوح الليثي للاسترشاد والإفادة..
• تشكيل لجنة من أهل الفكر وصناع الدراما والنقاد لقراءة الأعمال وتقييمها وترشيح الأهم للإنتاج..
• المطالبة بقرارات وتشريعات ميسرة لأعمال المنتج والكاتب والمخرج مثل الحق في الاستفادة بقوانين الملكية الفكرية والتمتع بعائدها مثل المطرب والشاعر الغنائي، وإتاحة التصوير في كل ربوع المحروسة وبمقابل يحفز على تطوير شكل الصورة التليفزيونية، ودعم الدولة للأفلام الدرامية القصيرة والسماح بعرضها في دورالسينما..
• إعادة تفعيل برامج مسرح التليفزيون القديمة، التي وثقت العديد من المسرحيات الناجحة في الستينيات من القرن الماضي..
•  لابد من الانتباه لعدم إنتاج أعمال لا تقدم من البيئة إلا البيوت وأشكال العمارة والحي، بينما تغيب تفاصيل المكان والزمان على وجه التحديد، وهذا ما يتطابق مع مفهوم الفانتازيا التي لا مكان ولا زمان محددين لها.. 
ومعلوم في النهاية أنه لا يمكن لمجتمع ما أن يخوض معركة ترتبط بتنمية الوعي دون أن تكون الدراما في مقدمتها، لما لها من دور مهم وحيوي في اتساع رؤية المتلقي للتحديات التي تواجه مجتمعه.