رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جثث على الطريق.. خطر كارثي يهدد السودان (تقرير)

مرضى الكوليرا
مرضى الكوليرا

وكأن الرصاص ليس كافيا لقتل السودانيين، تنتشر في مناطق القتال جثث الضحايا في الطرقات والأزقة، يعجز أقاربهم عن القيام بالواجب الأخير، ودفن الجثث، خوفا من الرصاص الطائش، وهو ما ينذر بكارثة صحية قد تصل لانتشار الطاعون أو الكوليرا وغيرها من الأمراض الفتاكة، حسبما أكد خبراء في الأوبئة والأمراض المعدية والمناعة في حديث لـ"الدستور".

وأكد الدكتور محمد عز العرب، استشاري الباطنة بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية، أن انتشار الجثث في شوارع السودان مشكلة صحية وبيئية كبيرة جدا، وهناك تقارير عن وجود آلاف الجثث في مشارح المستشفيات، مع انقطاع الكهرباء أغلب الأحيان، وهي مشكلة أخرى داخل المنشآت الطبية. 

واندلعت حرب الشوارع في السودان بين قوات الدعم السريع المتمردة بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" والقوات المسلحة السودانية قبل ما يزيد على 4 أشهر، أدت لنزوج ولجوء نحو 5 ملايين سوداني من الخرطوم، فضلا عن ارتفاع نسب الفقر إلى 80% بين السكان بحسب تقديرات رسمية للحكومة السودانية.

سيناريوهات مرعبة

وأضاف عز العرب لـ"الدستور"، أن المسألة تنذر بسيناريوهات مرعبة حول تحلل الجثث، والتعامل معها، وكيفية دفنها، وخطر الإصابة بالأمراض، والخوف من إجراء عمليات الدفن وسط الرصاص العشوائي، فتحلل الجثث سيؤدي لانتشار ميكروبات تشمل البكتيريا والفيروسات، والديدان والطفيليات، وجميع الميكروبات التي يمكن تخيلها.

CliniDo | احجز فى عياده دكتور محمد عز العرب تخصص امراض الكبد كود العيادة  15415
عز العرب

وتابع: هذه الجثث تتعرض للنهش من الكلاب الضالة والقوارض، والحيونات ناقلة للمرض، وأيضا البراغيث التي تعيش على هذه الحيوانات، ما ينذر بالطاعون المميت الذي تنشره القوارض والحشرات الناقلة، لافتا إلى أن التاريخ مليء بالحوادث المماثلة.

وحذر من أنه في حال وصول هذه الجثث لمنابع المياه والأنهار المستخدمة في الشرب، فإنها ستساعد على انتشار الأوبئة وأخطرها الكوليرا والتيفود والنزلات المعوية بجميع أنواعها، وكثير منها يؤدي للوفاة. 

وأشار “عز العرب”  إلى أن العبث بالجثث، أو التعامل معها عن طريق المتطوعين للدفن لا بد أن يشتمل على الإجراءات الوقائية حتى لا تنتشر الأمراض أو تنتقل عن طريق اللمس والإفرازات، مثل الدرن والإيدز والتهابات الكبد.

واختتم تصريحاته: بعض الدول كالصومال يعقمون الجثث بالكلور، ولا توجد توصية من الصحة العالمية بهذا الأمر إلا في حالة انتشار الكوليرا، مشددا على أن الأمراض الأخرى تشكل خطورة صحية كبيرة، تتطلب تضافر الجهود الإفريقية والدولية للتدخل في حل هذه المشكلة بشكل سريع.

كارثة بيئية

وقال الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن ترك الجثث في العراء كارثة بيئية، باعتبارها خطرا بيولوجيا محتملا، لأن السوائل المنبعثة بعد الوفاة يمكن أن تحمل أحيانا مسببات الأمراض المنقولة بالدم.

وأضاف بدران لـ"الدستور"، أن رتفاع درجات حرارة الجو والرطوبة ومياه الأمطار أو الفيضانات تزيد من تحلل الجثث، ما يؤدي لتلوثها على مدار الساعة أيضا عن طريق القمامة ومياه المجاري، وحيوانات الشوارع، والملوثات البيئية.

مجدي بدران: لا يوجد دليل أن متحور "أوميكرون" أكثر شدة في الأ | مصراوى
بدران

وعدد خبير الحساسية والمناعة، المخاطر البيولوجية للجثث الملقاة في الشوارع، مثل انتشار الدرن والفيروسات المنقولة بالدم، مثل فيروس الالتهاب الكبدي بي، وفيروس الالتهاب الكبدي سي، وفيروس الإيدز، والكوليرا، والسالمونيلا، والحمى التيفية.

وأوضح أنه يمكن أن تنتقل الفيروسات المنقولة بالدم من الجثث عن طريق  التلامس المباشر مع الجلد غير السليم ، أو الغشاء المخاطي من تناثر الدم، أو سوائل الجسم، أو شظايا العظام، وكذلك يمكن أن تنتقل عدوى الجهاز الهضمي من الجثث في الشوارع عن طريق الفضلات المتسربة من الجثث، والملابس الملوثة.

وتقول اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، إنه يصعب تقدير عدد الضحايا في البلاد، بعد أن اضطرت العديد من الأسر لدفن موتاها في البيوت، لعدم إمكانية الوصول للمقابر، في المناطق التي تشهد اشتباكات مستمرة، فضلا عن روايات تتحدث عن جثث تنتشر في الشوارع لم تدفن بعد.