رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالتزامن مع مئوية ميلاده..البابا شنودة الثالث في عيون الكنيسة الأسقفية

المطران منير حنا
المطران منير حنا

تتأهب الكنيسة الأرثوذكسية اليوم 3 أغسطس 2023 للاحتفال بمئوية ميلاد البابا شنودة الثالث، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الـ117.

وفي تذكار مئويته أجرت “الدستور” حوارا مع المطران منير حنا رئيس الكنيسة الأسقفية السابق والذي جمعته علاقة محبة مع البابا شنودة الثالث.

وفي حواره أكد المطران منير حنا أن البابا شنودة صاحب أول مبادرة لقانون الأحوال الشخصية الموحد عام 1997، نافيًا ما يقال عن البابا الراحل بأنه متعصب.. وإلى نص الحوار:-

◄ في البداية كيف بدأت علاقتك بالبابا شنودة؟

بدأت علاقتي مع قداسة البابا شنودة الثالث منذ أن كان أسقفًا للتعليم وكان وقتها أحد المرشحين للبطريركية وذلك في سبتمبر 1971، وذلك خلال سفر البابا شنودة إلى النمسا في فيينا لحضوره أول مؤتمر يعقد بعد 1500 عام من الانفصال بين الكنائس الشرقية والغربية حيث كان البابا شنودة الثالث ممثلاً عن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، فتقابلت معه على متن الطائرة المتجهه إلى فيينا، إذ كنت متجهًا إلى فيينا لتدريب بإحد مستشفياتها، وعند وصولنا إلى مطار فيينا كان في أستقبالنا الكاردينال كونك كاردينال الكنيسة الكاثوليكية بروما، وكان برفقتنا القمص صليب سوريال كاهن الكنيسة القبطية بالجيزة، وعند وصولنا إلى فيينا قامت الكنيسة الكاثوليكية بإعطائي غرفة في سكن البابا بفيينا ووقتها كنت طالبًا بكلية الطب وكنت أعرف قداسته عندما كان يأتي ليلقي محاضراتًا لطلبة كلية الطب وكان يحاضر أيضًا بأسرة لوقا الطبيب الخاصة بطلبة كلية الطب بجاردن سيتي فهذة أول مرة اتعرف عن قرب عن البابا شنودة وجلست معاه 5 ايام متصله في فيينا.

◄ ما أبرز ذكرياتك عن البابا شنودة في فيينا؟

البابا شنودة كان إنسانًا بسيطًا للغاية لامست فيه الراهب المتقشف، كما لامست فيه أنه مفكر عظيم ويتعمق في الأمور ويتأمل في الأمور بعمق شديد، ومن أكثر المواقف الذي لامستني أنا شخصيًا عن قرب انه في نهاية مؤتمر فيينا عام1971، اصر انه يعطيني أموالاً من عملة النمسا ووقتها قال لي «انا ابوك»،وفي هذة اللحظة انا شعرت أنه راعي حقيقي يرعي أولاده كما لمسني حنانه وأبوته، ولامست محبة غير عادية من قداسة البابا.. كما أوصي أحد الاطباء بالنمسا أن يتم مساعدتي في تدريب بأحد المستشفيات بالنمسا، كما لاحظت وطنيتة الشديدة خارج مصر فكان البابا شنودة خلال زيارته للمهجرهو سفير لمصر، يتحدث عن مصر بمحبة غير عادية فكان يحب مصر من قلبه.

◄ كيف لامست قوة ذاكرته؟

البابا شنودة الثالث كان يتمتع بذاكره قوية جدًا.. فالبابا شنودة كان شاعرًا وكان حافظًا لكثير من الشعراء.. فأنا تقابلت مع قداسة البابا شنودة الثالث في عام 1971 ثم تقابلت معه عندما انٌتخب اسقفًا في عام 1999 اي بعد 28 عامًا وعند مقابلته أفتكرني على طول فذاكرته في منتهي القوة.. كما من أهم مايميز البابا شنودة الثالث في قوة ذاكرته هو حفظه للكتاب المقدس. .واستقبلني البابا بترحاب شديد، وأنه بعث مجموعة من الأساقفة للمشاركة في احتفال تكريسى مطرانًا للكنيسة الأسقفية، وأهداني صليب من الفضة عندما قمت بزيارته في المقر البابوي بالعباسية.

◄وماذا عن قوة ذاكرته في آخر أيامه؟

البابا شنودة الثالث في أواخر أيامه كان محافظًا على ذاكرته وكانت ذاكرته حديديه حتي لاخر أيام حياته كان يعلم الشعب، ولم يؤثر عليه المرض، ولاحظنا ذلك في أخر عظة أسبوعية ألقاها يوم 7 مارس قبل وفاته بـ10 ايام.

◄كيف رأيت البابا شنودة وتأسيسه لاجتماع الأربعاء؟

البابا شنودة الثالث بعد تخرجه عمل مدرسًا قبل أن يصبح راهبًا وكان يُعلم في المدرسة التابعة للكنيسة الأسقفية وهي مدرسة السلام بكوبري القبة، وبسبب أنه كان معلمًا فهو الذي أنشأ خدمة مدارس الأحد وساعد على أنتشارها في الكنائس، كما ساعد تدريسه في الكلية الإكليريكة، جعل البابا كيرلس السادس يترأس رسامته أسقفًا للتعليم، وذلك لأول مرة في تاريخ الكنيسة كلها أن يصبح أسقف متخصص للتعليم في الكرازة كلها فالتعليم في دم البابا شنودة الثالث فهو كان فريدًا كان معلمًا ولايوجد أسقفًا أو بطريركًا في العالم يكون حريصًا أن يعلم شعبه كل يوم أربعاء، بالطريقة الذي أسسها البابا شنودة فكان دائمًا يحرص خلال سفره أن يعود يوم الاربعاء ليترأس اجتماعه الأسبوعي، فمن النادر نجد البابا شنودة الثالث معتذرَا عن أجتماع الأربعاء، فكان يعلم بطريقة بسيطة للغاية رغم علمه الكبير، فهو فريدًا في كل شئ وفريدًا كمعلم وكنت بستفيد منه على المستوي الشخصي عندما أحضر أجتماع الأربعاء الاسبوعي، رغم عدم مواظبتي على حضور أجتماع الأربعاء الإسبوعي إلا أنه كل مرة في خلال حضوري أجتماع الأربعاء كنت أستفيد من تعاليم قداسته فكان موهوبًا في التعليم.

◄كيف رأيت فترة التحفظ عام 1981 وما ذكرياتك عنها؟

البابا شنودة الثالث قال لي عن تلك الفترة «أنه الله استخدمها للخير، لأنه لو لم يكن السادات يقوم بالتحفظ عليا فكنت قتلت مع السادات في عرض اكتوبر إلا أنه الله نجاني بالتحفظ»، لأنه وقت ذلك الشخص الذي قتل مع السادات هو الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة.

ولكن في فترة التحفظ لم يقف البابا شنودة الثاثل عن التأمل والكتابة للحظة واحده فلقد أثري مكتبة الكنيسة خلال تلك الفترة بالعديد من الكتب وكان ايضًا خلال فترة تحفُظه بالدير قامت العديد من الشخصيات بزيارته خلال تلك الفترة، فكان المطران غايس عبد الملك مطران الكنيسة الأسقفية السابق قبل رسامته مطرانًا للكنيسة الأسقفية قام بقضاء خلوة في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، أثناء فترة التحفظ على البابا شنودة الثالث وقداسة البابا شنودة أعطي له العديد من خبراته خلال فترة التحفظ وبالتزامن مع قضاء فترة الخلوة، وبداية العلاقة القوية بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والكنيسة الأسقفية كانت أثناء فترة التحفظ على البابا شنودة وكان المطران غايس عبد الملك يترأس خلوة قسوس الكنيسة الاسقفية كل عام بمقر البابا شنودة الثالث بدير الأنبا بيشوي، وذلك بتشجيع من البابا شنودة الثالث.. فكانت علاقة قوية بين الكنيستين في عهده.

هل كان في تعاون بين الكنيسة الأسقفية والكنيسة الأرثوذكسية في عهد البابا شنودة؟

بالفعل كان في تعاون بين الكنيستين في عهد البابا شنودة الثالث إذ كان يرسل رئيس أساقفة كانتبري مندوبًا عنه  بزيارة البابا شنودة الثالث خلال فترة التحفظ، والذي بدأت في عام 1981، وذلك لقضاء معه فترة العيد كنوع من التضامن مع البابا شنودة وأن الكنيسة الأسقفية متضامنه مع البابا شنودة وأنا أعتقد أنه قبل انتهاء فترة التحفظ على البابا شنودة عام1984 قام مجموعة من الكنيسة الأسقفية في أفريقيا وزاروا قداسة البابا في الدير، وبعدها تمت مقابلة الرئيس حسني مبارك وطالبوا بالإفراج عن البابا شنودة الثالث وبعد تلك الزيارة بفترة قصيرة أنهي فترة التحفظ عن البابا شنودة، ولكن العلاقات بين الكنيسة الأسقفية والأرثوذكسية قديمة جدًا فعند أفتتاح أول كاتدرائية عام 1938 كان يوجد وقت ذلك مندوبًا عن البابا ووقت رسامة المطران غايس مطرانًا للأسقفية ووقت رسامتي مطرانًا للكنيسة الأسقفية كان يوجد مندوبًا عن البابا ممثله في 5 أساقفة فالعلاقات قوية جدًا وكان يوجد مشروعات مشتركة بين الكنيستين منها ترجمة إنجيل مرقس الرسول إلى لغة الإشارة ووافق قداسة البابا شنودة على ترجمة الإنجيل وكل عام نقضي خلوة قسوس الأسقفية في مقر البابا، ومستمرة هذة الخلوة في عهد البابا تواضروس الثاني، والمطران سامي فوزي رئيس الكنيسة الأسقفية الحالى.

كيف رأيت علاقة البابا شنودة بالطوائف المسيحية؟

كانت الشهرة أن البابا شنودة متشدد أو متعصب.. فالبابا شنودة الثالث كان حريصًا أن يحافظ على العقيدة الأرثوذكسية، ولكنه كان غير متعصبًا أو متشددًا كما يراه البعض وكان دائمًا حريص أن يوضح الفروق بين الطوائف المسيحية، الأمر الذي راه البعض أنه كان متشددًا.. هو كان يريد أن يحافظ على عقيدة الإيمان الأرثوذكسي، وعلى الجانب الأخر نري البابا شنودة الثالث هو رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط، وهو أول من وافق على بداية مجلس كنائس مصر، وأعلن عنه في الأسبوع قبل أنتقاله.. وكان يتقابل مع كل رؤساء الطوائف ولكن البابا شنودة في الحقيقة كان متمسك بالعقيدة ولكن غير متعصب.. وفي خلال الفترة الذي تلامست فيها مع قداسة البابا شنودة رأيته غير متعصبًا، بل يتعامل بصدر رحب للغاية ويتحاور مع الجميع والدليل على ذلك أول مرة تقابلت معه فيها كان في مؤتمر مسكوني يتحاور مع الكنائس الغربية والشرقية ذلك في عام1971.

كيف رأيت تعامل البابا شنودة في ملف الحوارات المسكونية؟

البابا شنودة الثالث كان له العديد من الحوارات المسكونية مع الكنائس المختلفة ومن ضمنها الكنيسة  الاسقفية الإنجليكانية والكنيسة الكاثوليكية، كما أنه أشترك بثقل شديد في مجلس كنائس العالمي إذ زاره العديد من المرات، كما المطران الانبا بيشوي مطران دمياط الراحل والذي كان معروف عنه التمسك بالعقيدة، وجعله مسئولاً عن ملف الحوارات المسكونية .

كيف رأيت علاقة البابا شنودة الثالث بشيوخ الأزهر؟

علاقات البابا شنودة كانت وديه للغاية وكان يردد دائماَ أن المصريين واحد دائمًا، نختلف في العقيدة، ولكن لايوجد بيننا فروقات.

كيف تأسس مجلس كنائس مصر؟

حصل بعض الخلاف في مجلس كنائس الشرق الأوسط مابين الكنيسة القبطية والروم الأرثوذكس والبابا شنودة تضايق من الخلاف الذي حدث ففي الوقت ذلك كان أرسل البابا شنودة خطاب للأنسحاب من مجلس كنائس الشرق الأوسط، والذي مقره الدائم في لبنان.. فقدمت للبابا اقتراحًا لإنشاء مجلس كنائس مصر، وبعدها طلب مني أخذ رأي الكاردينال أنطونيوس نجيب بطريرك الكنيسة الكاثوليكية أنذاك، وبالفعل وافق الكاردينال على الفكرة، ومن هنا بدأت فكرة مجلس كنائس مصر وذلك كان اواخر 2011 وبدايه 2012..وأبلغ الأنبا بيشوي مطران دمياط الراحل أن يشترك في وضع لوائح مجلس كنائس مصر، وتم الإنتهاء منه في الأسبوع الأخير قبل وفاته، وانا لا انسي موقف البابا شنودة الثالث عندما اصر على وجود الكنيسة الاسقفية في مجلس كنائس مصر.

علاقة البابا شنودة بالدولة؟

علاقة البابا شنودة الثالث بالرئيس السادات لم تكن أفضل شئ وذلك لانه البابا شنودة كان يعول هم شعبه دائمًا فكان متعاطف دائمًا مع شعبه ممايجعله يطالب بحقوق الأقباط دائمًا في عهد الرئيس السادات، البابا كان ينادي بحقوق الأقباط وهو السبب في التوتر بين العلاقات بينه وبين السادات وكانت علاقته جيده مع الرئيس حسني مبارك..اكتر وقت قضاه مع الرئيس مبارك وكانت علاقته وطنية وكان يحترمه احترام كبير.

كيف تعامل مع البابا ملف الأحداث الطائفية في السنوات الأخيرة؟

وقت حادثة ماسبيرو والجنازة كان البابا متأثر لأقصي درجة ووقتها كان متألم المًا شديدًا لم أراه من بعد فلك ان تتخيل كمية الألم الذي كان يعتصر قلب البابا شنودة.. البابا عندما كان يتضايق من موقف سياسي ضد شعبه فكان يذهب إلى الدير.. ففي عهد السادات كان البابا يطالب بحقوق شعبه أما في عهد الرئيس مبارك كان البابا يتحدث بالصمت ويتجه إلى خلوة في دير الأنبا بيشوي.. وكان أعتكافه يسبب قلقًا على المستوي الدولة فكانت الدولة ترسل له بعض الشخصيات القريبة من قلبه مثل الدكتور مصطفي الفقي لانه كان قريبًا من قلبه فكان وسيط بينه وبين الدولة.

ابرز الشحصيات السياسية والعامة القريبة من قلب البابا شنودة؟

كان البابا يحب جدًا الدكتور على السمان وكان يزوره بصفة مستمرة وكان يتمتع بعلاقة طيبة مع الدكتور فاروق سيف النصر وزير العدل.

علاقة البابا شنودة ولجنة البر؟

البابا شنودة كان يتمتع بقلب رقيق جدًا فكان البابا شنودة يحب الأطفال جدًا وكانت ملحوظة كبيرة انه كان حبيًا للأطفال أما للفقراء كان البابا حريص جدًا أنه يحضر اجتماع الخميس وكان يعطي بسخاء وكان لايهمه أنه البعض ممكن يستغله لكن كان يهمه أن يعطي بكرم وكان لايرد فقير.

كيف تعامل البابا شنودة مع أزمة قانون الأحوال الشخصية ومتضرري القانون؟

البابا شنودة كان صاحب أول مبادرة لقانون الأحوال الشخصية الموحد ونجح فيها إذ كان البابا شنودة كان يريد أن يحل أزمة الأحوال الشخصية ففي عام1997 دعا رؤساء الطوائف المسيحية للإجتماع المستمر وعمل قانون للأحوال الشخصية موحد أستمرت الإجتماعات على مدار عام واشتركت فيه كافة طوائف المسيحية وبمشاركة مجموعة من كبار القانونين  وانتهت الكنائس المسيحية للمرة الأولى على قانون للأحوال الشخصية الموحد ولكن ظل حبيس الأدراج بعد وصوله لمجلس الشعب في عام1998.. والبابا شنودة قال مؤقتًا لاطلاق إلا لعله الزنا وكان يريد البابا شنودة أن الخلافات الزوجية يتناولها قانون الأحوال الشخصية الموحد، ومازلنا في نفس المشكلة حتي الأن بسبب عدم صدور قانون الأحوال الشخصية الموحد. فالحقيقة قانون1998 يتيح عده أسباب للطلاق منها استحالة العشرة والهجر وحالات الجنون والأمراض المعدية.

ما هو الأثر السياسي والاجتماعي الذي تركه البابا؟

البابا شنودة ترك ارثًا سياسيًا وإجتماعيًا كبيرًا فالبابا شنودة ترك لنا أرثَا من كتبه ففكر البابا شنودة موجوده وهذا من اكبر الأشياءالذي تركها البابا لنا كما ترك لنا البابا شنودة ارثَا في التعليم وأجتماع الأربعاء والبابا تواضروس حريص على نفس النهج وهو اجتماع الأربعاء.. وترك لنا اهتمامه بالفقراء وخدمة مدارس الأحد الذي يعتبر مؤسس لها.. كما ترك لنا أهتمامه بالشباب والذي يعتبر أول بطريرك يقوم بتأسيس أسقفية خاصة للشباب ورسامة أسقفًا لها وهو الأنبا موسي أسقف الشباب وذلك لأول مرة في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كما ترك لنا أرثًا في خدمة المجتمع بتاسيس وتنميه أسقفية الخدمات فتاريخ الكنيسة لاينسي  البابا شنودة فقد سجل أسمه بحروف من النور في تاريخ الكنيسة العالمي.. فهوواحد من اباء الكنيسة فالبابا شنودة معلم فريد وراعي فريد وحامي العقيدة والأيمان ولاهوتي فريد من نوعه واخيرًا البابا شنودة اب من اباء الكنيسة المميزين جدًا