رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تنافس العلمين دبى والرياض؟

على إحدى صفحات فيسبوك، كتب شاب متحمس «آن الأوان أن تنافس العلمين دبى والرياض فى السياحة».. تحليلى لأداء الدولة والحكومة يختلف قليلًا مع ما ذهب إليه هذا المصرى المتحمس.. أعتقد أن الدولة المصرية تفكر فى التكامل مع الأشقاء العرب لا فى التنافس معهم.. لا أحد يأخذ فرصة أحد، ولكن من حق كل بلد أن يبحث عن فرصته.. العلمين مثلًا لا يمكن أن تتنافس مع دبى ولا الرياض لأسباب متعددة، منها أنها تملك عبقرية المكان.. إنها موجودة على البحر الأبيض المتوسط.. إنها ببساطة مصيف عالمى مثل كان ونيس وموناكو.. إن روعة الطبيعة فيها فى الصيف لا يمكن تخيلها ولا المنافسة معها.. إن هذه الميزة الربانية تزيد كلما زاد الاحتباس الحرارى فى الكرة الأرضية، وتحولت شهور الصيف إلى جحيم لا يطاق.. أى سائح يرغب فى ممارسة حياة طبيعية فى الصيف يجب أن يذهب إلى العلمين وأخواتها.. هناك مئات الآلاف والملايين يدفعون الغالى والنفيس من أجل الهروب من الحر ومن برد التكييفات الصناعية التى تُشعر الإنسان بأنه قطعة لحم فى ثلاجة.. إن هذه ميزة تتكامل بها العلمين ومدن مصر الشمالية كلها مع دبى التى تطل على الخليج العربى والرياض التى لا تطل على بحر ما حتى مع نيوم.. حلم السعودية المستقبلى على البحر الأحمر.. إن الكثيرين يعتبرون الأجواء هناك مناسبة أكثر للشتاء، ولكن هذا ليس موضوعنا.. حقيقة الأمر أن معظم برامج السياحة ينطوى على زيارة عدة دول فى منطقة واحدة.. يرتبط السائح بشركة سياحة توفر له زيارة عدة مدن فى الشرق الأوسط مثلًا.. لا مانع أبدًا أن ينطوى بعض البرامج على زيارة العلمين ودبى والرياض، أو شرم الشيخ والعلمين ودبى، أو العلمين والغردقة والرياض.. إن إطلاق العلمين ودخول فنادقها الخدمة ليست العلامة الوحيدة على أننا نسير فى الطريق السليم.. لقد حققنا أعلى عائدات من السياحة هذا العام منذ عام ٢٠١٠، وما زال أمامنا المزيد.. حققنا ١٥ مليار دولار نتطلع لمضاعفتها فى سنوات قليلة.. تدفقات السياحة مكّنت مصر من التفاوض بثقة أكبر مع صندوق النقد، وكبح جماح تجار الدولار، وما زلنا نتطلع للمزيد والمزيد.. وزير السياحة أحمد عيسى أثبت أنه اختيار صائب، لأنه أدار السياحة بعقلية إدارة المشاريع العالمية الكبرى.. لقد قال الوزير إن السياحة لدينا ترتكز على أربعة محاور «الشواطئ- الثقافة والتاريخ- العائلات- المدن» هذا جميل جدًا، ولكننا نطمح للمزيد والمزيد.. ما زالت أمامنا السياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات وسياحة التسوق.. إن ما يلفت النظر أن السوق المصرية نفسها مغرية لبعض المدن السياحية مثل دبى! إننى أتلقى يوميًا رسائل إلكترونية واتصالات لعروض سياحية فى دبى.. الفنادق هناك تراسل آلاف المصريين وتغريهم بعروض لقضاء الصيف فى دبى.. دبى رائعة بكل تأكيد، ولكن الصيف بالنسبة لى هو شاطئ المتوسط حتى ولو فى مدينة بسيطة مثل رأس البر أو حتى بلطيم! لا شىء يضاهى نسيم المتوسط وانخفاض الحرارة الربانى فى قيظ يوليو وأغسطس.. ما يدعو للفخر أننا أعدنا المصريين لقضاء الصيف فى مصر ومعهم آلاف السياح العرب.. قبل يناير ٢٠١١ شد الأثرياء الرحال لدبى وبيروت.. لم تكن هناك مقاومة أو محاولة لاستبقاء المصريين فى بلادهم.. البعض اعتبر هذا نوعًا من أنواع التقصير المقصود، ولكننى أعتبر أنه مجرد كسل.. كان الكسل طابع المرحلة لأسباب متعددة يطول شرحها.. وصول عائدات السياحة لـ١٥ مليار دولار بعد ١٢ عامًا من التراجع مؤشر على أننا نسير على الطريق الصحيح.. وهو نفس ما يقوله نشاط مثل مهرجان العلمين، وما سيقوله بعد شهور افتتاح مجمع الأديان فى سانت كاترين، ومسار العائلة المقدسة، ومسارات آل البيت، وحديقة الفسطاط، ومدينة مجرى العيون السكنية الرائعة.. هذه كلها وغيرها أشجار زرعتها مصر فى الزمن الصعب، وما زالت تنتظر جنى الثمار.