رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسى وإفريقيا.. شمس القارة تشرق من مصر القاهرة

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

تظل إفريقيا بحرارتها وعنفوان أرضها وخصوبتها مثلما هى بصلابة أبنائها قارة تقترن دومًا بالشمس ونورها.. الشمس التى لم يزل الاستعمار بوجهه المتجدد يحاول دومًا فى الحاضر مثلما الماضى أن يخفيها لينعم بسرقة ثرواتها ومواردها فى غياهب الظلمات.. لكن الطامعين فى قارة الأمل يغيب عنهم أحيانًا مطالعة صفحات التاريخ وحقائق الجغرافيا فينسون حينًا ويتناسون أحيانًا حقيقة أن للشمس موضع شروق.. وأنهم كلما ظنوا أن بإمكانهم إخفاء نور الشمس عن إفريقيا فإنها ستشرق فى بداية يوم جديد.. ستشرق غدًا مثلما أشرقت بالأمس ومنذ فجر التاريخ من هنا.. من مصر.. من مصر القاهرة.
ولشروق الشمس على قارتنا دومًا علامة.. علامة عنوانها "الإيمان بالمصير المشترك وتكامل المصالح بين دول وشعوب إفريقيا".. وعلامة شروق الشمس لم تعد شعارًا تصيغه العبارات السياسية بل تحول فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى واقع وأفعال تتجسد يومًا بعد يوم بعدما غرست مصر بذور الأمل فى تربة قارتنا الخصبة وروتها بمبادرات وسياسات وآليات وجهود ومواقف ورؤية متكاملة وبمقدرات دولة رائدة لا تألُ جهدًا فى تقاسمها مع أشقائها.. أمل فى إفريقيا من أجل الأفارقة.. أمل فى إفريقيا التى يستحقها أبناؤها ويتمتعون بخيراتها.. أمل فى إفريقيا الفاعلة والفعالة.. أمل فى إفريقيا بلا نزيف لدماء أبنائها فى صراعات وحروب.. وبلا استنزاف لمقدراتها وثرواتها.
ويرى المراقبون أن السياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا فى ظل القيادة السياسية الطموحة لمصر منذ عام 2014 باتت لها سمات أكثر وضوحًا، فى مقدمتها بُعد النظر والقراءة المبكرة لمسار المتغيرات على الساحة الدولية وفى الدوائر الإقليمية المرتبطة بمصر.
بُعد نظر جسدته السياسة المصرية مع القارة الإفريقية، ليس فقط استنادًا إلى إرث تاريخى وحضاري أو تموضع فريد على خارطة الجغرافيا بل وبيقين لدى القيادة المصرية، تترجمه بشكل متواصل بمبادرات وتحركات إزاء كل القضايا الإفريقية، ودفاع عن مصالح شعوب القارة، وتواصل مستمر على مستوى القمة وعلى مستوى الشعوب، يقين بأن مناطق الفراغ فى القارة الإفريقية إن تركت هكذا ستملؤها قوى دولية يقتصر طموحها فى الحاضر والمستقبل مثلما كان فى الماضى على استنزاف مقدرات وثروات شعوب الدول الإفريقية، استنزاف يتوازى مع مشروطيات سياسية على دول القارة بعيدًا عن الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والمتوازنة بل وبعيدًا عن استقرار الدول الإفريقية ومستقبل أبنائها.
ومثلما كانت شعوب القارة تتطلع فى عقود سابقة ليد إفريقية قوية تدعم كفاحها فى التحرر من الاستعمار، فإن هذه الشعوب تتطلع الآن- خاصة مع تعقد المتغيرات فى النظام العالمى- إلى يد إفريقية قادرة وأمينة تزرع بذور الأمل فى ربوع القارة، وتسهم فى دفع عجلة البناء والعمران فى الدول الإفريقية، وتدافع عن مصالح الأفارقة فى قضايا وحقوق عادلة تتجاوز ملفات السياسة والاقتصاد وصولًا إلى المناخ والصحة، وإعداد جيل إفريقى قوى يكون ذخيرة للعلم والعمل لتتبوأ القارة الإفريقية المكانة التى يصبو إليها أبناؤها.
ومثلما وجدت الدول والشعوب الإفريقية فى مصر خلال حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى اليد القوية التى تساعد الأفارقة على التخلص من نير الاستعمار، فقد وجدت الشعوب الإفريقية فى الرئيس عبدالفتاح السيسى ومنذ توليه مقاليد السلطة- وتحويله مصر إلى دولة عصرية قوية وفاعلة- اليد القوية الممتدة بالخير نحو الأشقاء الأفارقة من أجل نهضة القارة وتنميتها ورخائها وازدهارها. 
ولم تكن رسائل الثقة فى القيادة المصرية ومصداقيتها وأمانتها من جانب الشعوب والقادة الأفارقة لتخطأها العين.. عين وعقل أى مراقب محايد.. ولعل إجماع الدول الإفريقية على رئاسة واستضافة مصر الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ (كوب 27) فى أكبر حدث وأهم ملف يمس مستقبل البشرية كان رسالة واضحة لحجم الثقة والآمال العريضة التى تعولها إفريقيا على القيادة المصرية.. ثقة فى أمانة القيادة المصرية وثقة فى أنه عندما يقترب الطامعون من مصالح ومستقبل إفريقيا سيجدون فى مصر حائط صد لا ينكسر ولا يلين.
وفى المقابل.. فقد كانت رسائل القيادة المصرية ومنذ اليوم الأول نحو إفريقيا دولًا وشعوبًا رسائل لا يخطؤها البصر ولم تغب عنها البصيرة، ومثلما جعل الرئيس السيسى إفريقيا فى صدارة أولويات سياسة مصر الخارجية.. جاءت وجهة طائرة الرئيس السيسي بعد أيام من توليه السلطة فى 2014 وفى أول رحلة خارجية إلى غينيا الاستوائية فى أقصى الغرب الإفريقى مرورًا بالجزائر الشقيقة الإفريقية والعربية.
مباحثات مهمة تمت سواء خلال زيارة الرئيس السيسي إلى الجزائر أو خلال لقاءاته مع أشقائه القادة خلال القمة الإفريقية بمالابو عكست بوضوح النهج المتكامل والنوايا الصادقة لمصر السيسى مع أشقائها الأفارقة.
ونجحت مصر منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم فى عام 2014 فى تعظيم دورها الريادى والمحورى الفاعل فى عمقها الاستراتيجى الإفريقى، حاملة فعلًا وقولًا راية تسوية الأزمات والصراعات التى تقف عائقًا أمام التنمية والاستقرار فى القارة الأم.
إيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمي والقاري وجهود وتحركات لترسخ وتعظيم الدور الريادي لمصر في القارة، من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة في كل المجالات جاءت فى مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية التى رسمها الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل تسع سنوات، ليكون الانتماء المصري للقارة الإفريقية في صدارة دوائر السياسية الخارجية، بل ويشكل أحد المعالم الرئيسية في تاريخ مصر.
الحفاظ على السلم والأمن فى ربوع القارة الأم كان ولا يزال على رأس أولويات مصر بقيادة الرئيس السيسى، حيث تلعب القاهرة دورًا كبيرًا، وتبذل كل الجهود لحلحلة الأزمات سواء القائمة ومن بينها الأزمة الليبية أو تلك التى تستحدث كما هو الحال بالنسبة للتطورات الأخيرة التى يشهدها السودان، حيث تواصل مصر عبر المبادرات والتحركات و الاتصالات التى يجريها الرئيس السيسى مع القيادات الإفريقية والأطراف الفاعلة والشركاء الدوليين والإقليميين من أجل عودة الاستقرار فى ربوع السودان الدولة الجارة والشقيقة. 
وحرصًا من الرئيس السيسى على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المباشر للسودان واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السودانى وتجنبيه الآثار السلبية التى يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها والحد من استمرار الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة بأكملها، فقد جاءت استضافة القاهرة، الخميس الماضي، مؤتمر "قمة دول جوار السودان"؛ لبحث سبل إنهاء الصراع الحالى.
وقف نزيف الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية وتحقيق تطلعات الشعب السودانى والحفاظ على حقه فى العيش فى سلام واستقرار عكسته كلمة الرئيس السيسى خلال قمة "جوار السودان"، حيث أكد أن مصر ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كل الأطراف؛ لوقف نزيف الدم السوداني الغالي، والمحافظة على مكتسبات شعب السودان العظيم، والمساعدة في تحقيق تطلعات شعبه التي عبرت عنها الملايين من أبنائه، خلال ثورته المجيدة، في العيش في وطنه بأمن وحرية وسلام وعدالة، كما ستعمل على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضي المصرية، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية.
كما طرح الرئيس السيسي تصور مصر لخروج السودان من مأزقه الراهن على الوفود المشاركة في المؤتمر، والتي ترتكز على مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، في مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فورى ومستدام، لإطلاق النار؛ مطالبة كل الأطراف السودانية بتسهيل كل المساعدات الإنسانية، وإقامة ممرات آمنة لتوصيل تلك المساعدات للمناطق الأكثر احتياجًا داخل السودان، ووضع آليات تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية ولموظفي الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم؛ وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية بمشاركة القوى السياسية والمدنية وممثلي المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية؛ وتشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية، على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.
ومنذ اندلاع الأزمة فى السودان الشقيق قبل نحو ثلاثة أشهر تقف مصر إلى جانب الأشقاء فى السودان منذ الاندلاع فى 15 أبريل الماضى، حيث اضطلعت بمسئوليتها عبر استقبال أكثر من 250 ألف مواطن من الأشقاء السودانيين، كما تؤكد فى جميع الفعاليات والمحافل الدولية على ضرورة وضع نهاية للأزمة.
تواصل وتنسيق مستمر مع القيادات الإفريقية حيال كل القضايا القارية والدولية حرص عليه الرئيس السيسى منذ انتخابه رئيسًا للبلاد فى 2014، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات الهاتفية ومشاركة الرئيس فى كل الاجتماعات والقمم التى تعقد على مستوى قادة القارة.
وتأتى زيارة الرئيس السيسي التى بدأت، أمس السبت، إلى العاصمة الكينية نيروبى، حيث يشارك، اليوم الأحد، فى أعمال الدورة الخامسة من قمة منتصف العام التنسيقية التابعة للاتحاد الإفريقى، لتؤكد هذا الحرص المستمر على المشاركة فى الفعاليات والقمم الإفريقية.
وبصفته رئيسًا للوكالة المعنية بالتنمية داخل الاتحاد الإفريقى "النيباد" من المقرر أن يلقى الرئيس السيسى كلمة يستعرض خلالها الخطة العشرية الثانية لأجندة التنمية الإفريقية، ويركز على أهمية الاستفادة من دروس الخطة العشرية الأولى، والتركيز على أولويات الرئاسة المصرية خلال رئاسة "النيباد"، وتطوير البنية تحتية، وإحداث تغير وتطور ملموس في القطاع الصناعي لإفريقيا، بهدف تأسيس بنية صناعية تسمح لإفريقيا الدخول إلى عالم المستقبل، والحديث عن حوكمة النظام المالي العالمي.
كما يلقى الرئيس السيسى أمام القمة كلمة حول التغير المناخى، وذلك فى ظل رئاسة مصر الحالية لمؤتمر المناخ فى دورته السابعة والعشرين "كوب 27" لعرض الرؤية المصرية التي حققت على المستوى الدولي قدرًا كبيرًا من النجاح.
دور قيادى تقوم به مصر منذ 2014 لم يتوقف على مستوى آليات صنع القرار الإفريقي، دور توج برئاسة الرئيس السيسى فى 2019 للاتحاد الإفريقى، ثم رئاسة منظمة السوق المشترك للشرق والجنوب الإفريقي "الكوميسا"، وحاليا "النيباد".
وخلال السنوات التسع الماضية نجحت مصر فى تبوء قيادة العديد من المنظمات والهيئات الإفريقية، حيث تسلمت مصر رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي فى أكتوبر 2020، وقامت بقيادة أعمال الجهاز الإفريقي الرئيسي المعني بموضوعات السلم والأمن في القارة الإفريقية، وضم برنامج رئاسة مصر للمجلس عددًا من الموضوعات التي تحتل أهمية خاصة ومُلحة لدى الاتحاد الإفريقي ومصر، بما يُمثل فُرصة لتعزيز وتنسيق المواقف الإفريقية المُشتركة في العديد من الملفات الحيوية.
وعكست رئاسة مصر للمجلس حجم اهتمامها الكبير والثابت بقضايا مُكافحة الإرهاب والتطرف بإفريقيا وحول العالم، ومن هذا المُنطلق خصصت جلسة لمُناقشة ظاهرة المُقاتلين الإرهابيين الأجانب وخطورة تأثيراتها على حالة السلم والأمن بالقارة، فضلًا عن عقد جلسة أخرى للنظر في سُبل تفعيل مُقترح استحداث قوة إفريقية لمُكافحة الإرهاب كجزء من القوة الإفريقية الجاهزة، والذي كان رئيس الجُمهورية قد طرحه مع ختام رئاسته الاتحاد الإفريقي بناء على طلب القادة الأفارقة، كما أعطت الأولوية الرئيسية التي تمنحها الرئاسة المصرية للمجلس لملف إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، خاصةً مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسى ريادة هذا الملف على المستوى القاري.
كما نجحت مصر فى الفوز باستضافة وكالة الفضاء الإفريقية، حيث اتخذ المجلس التنفيذى للاتحاد الإفريقى قرارًا باستضافة مصر وكالة الفضاء الإفريقية، ويأتى هذا القرار بمثابة تقدير للثقة التامة فى قدرة الوكالة على خدمة القارة بأسرها على صعيد تكنولوجيا الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، لدفع جهود التنمية الوطنية والإقليمية الإفريقية وفقًا لأجندة إفريقيا 2063.
وعلى الرغم مما فرضته تداعيات فيروس كورونا المستجد من تحديات على العالم.. حرصت مصر على استكمال جهودها لتعزيز التعاون مع الأشقاء الأفارقة، حيث كثفت من التعاون على المستوي الثنائي مع كل دول القارة الإفريقية فى هذا الصدد، من خلال تقديم الدعم الصحى والمستلزمات الطبية والوقائية بل والدفاع عن حق دول القارة فى المحافل الدولية فى الحصول على اللقاحات لحماية الشعوب من الفيروس المستجد.
دور تنموى فى القارة غابت عنه مصر لعدة سنوات، وحرصت القيادة السياسية على الدفع به منذ 2014 من أجل مستقبل إفريقيا والأجيال القادمة.. دور انعكس جليًا خلال رئاسة مصر بقيادة الرئيس السيسى الاتحاد الإفريقى فى عام 2019 من خلال تحديد أولويات انطلقت من أجندة عمل الاتحاد الإفريقى وأولويات العمل المتفق عليها فى إطار الاتحاد، ومن أهمها أجندة 2063، وتسخير مصر إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك لآفاق أرحب وحرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات للدول والشعوب العربية فى: التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مد جسور التواصل الثقافى والحضارى بين الشعوب الإفريقية، وتحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى، الإصلاح المؤسسى والمالى للاتحاد، السلم والأمن عبر تعزيز الآليات الإفريقية لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، ودعم جهود الاتحاد فى استكمال منظومة السلم والأمن الإفريقية ودفع الجهود المبذولة لمنع النزاعات والوقاية منها والوساطة فى النزاعات. 
وفى الوقت الذى ينطلق فيه قطار الجمهورية الجديدة صوب التنمية والازدهار، تحرص مصر بقيادة الرئيس السيسى على العمل من أجل تحقيق التنمية فى القارة من خلال العديد من المبادرات المشتركة والدفاع فى كل المحافل الدولية عن حق الدول الإفريقية العادل فى النهوض والسلام والاستقرار والتقدم.
ثوابت للسياسة الخارجية لمصر تتبعها الدولة المصرية دفاعًا عن حق القارة فى التنمية، ثوابت عكستها كلمة الرئيس السيسى قبل أيام خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماعات السنوية بمجموعة البنك الإفريقى للتنمية بشرم الشيخ، حيث أشار الرئيس السيسي إلى أن الدول الإفريقية تحتاج إلى 200 مليار دولار سنويًا؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة طبقًا لتقديرات الأمم المتحدة وبنك التنمية الإفريقى، مضيفًا أن الأزمات العالمية أثرت بقوة على اقتصادات الدول النامية، وعلى رأسها اقتصادات دول القارة الإفريقية.
وأضاف الرئيس السيسي أن الدول الإفريقية تعانى في الأساس من تحديات داخلية عديدة، ما يتطلب أفكارًا غير تقليدية؛ للبحث عن حلول تمويلية تساهم فى دفع عجلة المشروعات الأكثر إلحاحًا وبخاصة فى مواجهة تحديات تغير المناخ والتنمية المستدامة.
كما قال الرئيس السيسي إن الاحتياجات التمويلية لمواجهة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية فى إفريقيا تقدر بنحو ثلاثة تريليونات دولار حتى عام 2030.
وفى ذات الإطار وحرصًا منها على دعم الدول الإفريقية الخارجة من الصراعات، نجحت مصر فى توقيع اتفاقية استضافة مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات بالقاهرة، في خطوة جديدة تؤكد حرص مصر الدائم على دعم الاستقرار والتنمية في الدول الإفريقية الشقيقة، واضطلاعها بدور فاعل في حفظ السلم والأمن بالقارة، خطوة مهمة عكسها حجم الترحيب الذى عبر عنه قيادات ومسئولون لاسيما بالاتحاد الإفريقى، ومن بينهم مفوض الشئون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي السفير "بانكولي أديوي"، الذي أعرب عن تقدير الاتحاد للدور الريادي النشط الذي يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي لدعم أنشطة إعادة الإعمار والتنمية في مختلف أنحاء القارة، مثنيًا على ما يقوم به الرئيس السيسي من جهود في حشد الموارد الدولية لدعم الدول الإفريقية الخارجة من نزاعات.
إنجازات عدة حققتها الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى، حيث أطلقت مصر برئاسة الرئيس السيسى، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية عقب بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية المنظمة لها، والتي كانت ضمن الأولويات التى أعلن عنها الرئيس السيسي خلال رئاسة مصر الاتحاد، وتسارعت الدول الإفريقية لإقامة تكتل اقتصادي بحجم 3.4 تريليون دولار يجمع 1.3 مليار شخص ليكون أكبر منطقة للتجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، وهو ما يقدم فرصة ذهبية لإحداث تحول اقتصادى وتنموى فى القارة.
السياسة المصرية تجاه إفريقيا ارتكزت على عدة مسارات متوازية، أهمها مسار التنمية وزيادة التجارة بين دول القارة الإفريقية، وتحسين البنية التحية والتوسع في مشروعات ريادة الأعمال من أجل تحسين مستوى معيشة المواطن الإفريقي، وعلى رأس هذه المشروعات كانت مشروعات المياه.. وفي هذا الشأن، نفذت وزارة الري المصرية أعمال إنشاء 5 سدود، و6 محطات مياه شرب جوفية، وحفرت أكثر من 100 بئر بعدد من الدول بواقع: "75 بئرًا جوفية، وميكنة بئرين جوفيتين لتوفير مياه الشرب النقية بأوغندا، إضافة إلى حفر 180 بئرًا جوفية في كينيا، و60 بئرًا جوفية في تنزانيا، و10 آبار جوفية بإقليم دارفور.
ووقعت مصر مذكرة تفاهم لمشروع إنشاء سدود حصاد مياه الأمطار بجنوب السودان، وإعداد دراسات إنشاء سد "واو"، بالإضافة إلى الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع درء مخاطر الفيضان بمقاطعة كسيسي غربي أوغندا.
وعلى صعيد الإنشاءات، تتواجد شركة المقاولون العرب الوطنية المصرية بداخل 23 دولة إفريقية عبر تنفيذ حزمة ضخمة من مشروعات البنية التحتية، وأعمال الطرق الكبرى، أحدثها التعاقد على تصميم وتشييد سد ومحطة روفيجي للكهرباء بمنطقة "ستيجلر جورج" في تنزانيا.
كما شهدت فترة التسع سنوات الماضية إقامة أهم وأكبر المشروعات التنموية المصرية بالقارة السمراء، ومن بينها مشروعات الربط بين مصر وإفريقيا، من خلال قطاعي النقل والمواصلات، والكهرباء، وأهمها مشروع "القاهرة- كيب تاون"، والربط الكهربى بين إفريقيا وأوروبا، ومشروع الربط المائي بين مدينة الإسكندرية المصرية وبحيرة فيكتوريا، وكذلك السكك الحديدية للربط بين دول القارة، ومشروع القاهرة- كيب تاون الذى يستهدف الربط بين 9 دول إفريقية من خلال إنشاء طرق برية عابرة لدول القارة، لتسهيل حركة الاستثمار والتجارة، حيث سيمر الطريق البري العملاق عبر دول (مصر، والسودان، وكينيا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي، والجابون، وحتى كيب تاون عاصمة جنوب إفريقيا).
وتؤكد مصر فى جميع الفعاليات الإقليمية، وخلال اللقاءات، الاستعداد لتسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقي المشترك لآفاق أرحب، وحرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الإفريقية، خاصةً من خلال خلق حالة من التوافق حول المهددات الرئيسية للسلم والأمن، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، وقيادة مسار التنمية المستدامة بالقارة، ونقل التجارب والخبرات الفنية المصرية من خلال تكثيف الدورات والمنح التدريبية المختلفة للأشقاء الأفارقة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرسخ الدور المصري المحوري في إفريقيا، بما لديها من إمكانات وأدوات مؤثرة وخبرات فاعلة ورؤى متوازنة.
ومنذ توليه الحكم فى البلاد، تواصل مصر تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي بتوسيع دائرة التعاون مع الدول الإفريقية الأشقاء ومد جسور التواصل الحضاري مع كل شعوبها، وكذلك تفعيل القوى المصرية الناعمة بالقارة والانخراط بفاعلية في صياغة وتطوير مبادئ وآليات العمل الإفريقي المشترك، تحقيقًا للمنفعة لجميع الدول الإفريقية فيما يتعلق بالقضايا المحورية التي تمسها.
ومن هذا المنطلق وحرصًا من مصر على دعم الأشقاء الأفارقة فى مختلف المجالات وفى إطار النهج والتوجه المصري لإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء، تساهم الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في إفريقيا فى بناء قدرات أشقائنا الأفارقة فى مختلف المجالات. 
وتهدف الوكالة منذ إطلاقها فى 2014 إلى المساهمة في تعزيز جهود مصر في مجال التعاون الدولي، خاصةً التعاون بين دول الجنوب، في المجالات ذات الصلة بالتنمية المستدامة في الدول الإفريقية والإسلامية، من خلال تقديم دعم فني في مختلف المجالات، وبرامج لبناء القدرات، ودورات تدريبية، ومعونات إنسانية، ومساعدات طارئة، بالإضافة إلى تنظيم ندوات، وزيارات ميدانية، كما تقوم الوكالة كذلك بدعم جهود الدول الإفريقية في تنفيذ أجندة إفريقيا 2063، وفي تحقيق أهداف الألفية للتنمية؛ وتسعى لمساعدتها على تحقيق أجندة تنمية الأمم المتحدة لما بعد 2015، بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة، خاصةً الأهداف الخاصة بالصحة، والتعليم، وتمكين المرأة؛ بخلاف سعى الوكالة للاستجابة بسرعة للاحتياجات الطارئة للبلدان التي تواجه أزمات أو كوارث طبيعية من خلال تقديم المساعدات الطبية واللوجستية والغذائية والمالية، وتشارك مع وزارة الصحة في إرسال قوافل طبية إلى البلدان الإفريقية، حيثتم تنظيم 416 دورة تدريبية للكوادر من الدول الإفريقية ودول الكومنولث، بمشاركة أكثر من 13 ألف متدرب.
وأوفدت الوكالة كذلك على مدار التسع سنوات العشرات من القوافل الطبية للدول الصديقة، فضلًا عن تقديم معونات متنوعة من خلال أعمال الوكالة.
ارتباط تاريخى ومصالح استراتيجية مشتركة وإيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمى والقاري وحرص على العمل على النهوض بالقارة، وتحقيق طموحات شعوبها ودولها مع الدفاع عن حقوقها تلك جاءت كلها علامات مضيئة فى مسيرة مصر الممتدة فى قارتها الإفريقية منذ تولى الرئيس السيسى رئاسة مصر.
وفي ظل عالم يموج بالمتغيرات ونظام عالمى قديم ينصهر ويتآكل ونظام عالمى جديد يبزغ، فإن رؤية إفريقية واعية تتشكل يومًا بعد يوم أخذًا فى الاعتبار حكمة وواقعية وطموح الرؤية المصرية التى جسدتها إرادة عشرات الملايين من المصريين فى ثورة الثلاثين من يونيو، رؤية واحدة تملأ يومًا بعد يوم كل العقول والقلوب، رؤية مصرية إفريقية عنوانها "أنه وعندما تكون حدودنا ومصالحنا القومية معرضة للخطر فإن واجبًا واحدًا يفرض نفسه على إرادتنا جميعًا، وهو واجب الحفاظ على وحدة أراضينا ووحدة جهودنا ووحدة قلوبنا وهويتنا وتماسك جبهتنا الداخلية".