رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تزامنًا مع الاحتفال بذكراه.. قصة القديس سيسوي الكبير الناسك

القديس سيسوي الكبير
القديس سيسوي الكبير الناسك

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في مصر، اليوم، بذكرى رحيل القديس سيسوي الكبير الناسك، وتزامنًا مع الاحتفال بذكراه ، ترصد "الدستور" أبرز المعلومات عنه في السطور التالية.

ووفقًا للأب وليم عبد المسيح الفرنسيسكاني،  فقد ولد سيسوي في مصر نحو عام 339، وقضى حداثته في بيت أبيه، فكان مثال البر والنقاوة، وقد شعر منذ نعومة أظافره بدافع يحمله على إتّباع طريقة أنطونيوس، فترك الدنيا وذهب إلى القفر في الصعيد المصري فنسك هناك، وبدأ يمارس على أيدي معلّمين ماهرين في الأمور الروحيّة وأعمال النسك الشديدة. 

وتابع الأب وليم عبد المسيح الفرنسيسكاني،  كان مثال الطاعة والتواضع والصلاة العقلية والصيام الدائم والسهر المتواصل، حتى أعجب به كل من علافه واتّصل به. فصار الناس يأتون جميعهم على مناسك معلّميه ومنسكه لينالوا بركة ويحظوا بكلمة روحيّة وحكمة سماويّة، وواصل لمّا رأى سيسوي إقبال الناس عليه، وكانت نفسه تتعشّق حياة الإنفراد والصمت والتفرّغ الدائم لمناجاة الخالق، ترك مكانه وتوغّل في الصحراء، وأتى جبل القديس أنطونيوس وحطّ رحاله هناك. فوطّن النفس على أن يقضي حياته هو أيضاً في تلك الصحاري، وحده مع الملائكة وقدييه. أمّا حياته فكانت حياة صلاة وصيام وصمت وشغل.


 وأضاف " الفرنسيسكاني"، أمّا صلاته فكانت تسبحة متواصلة، وكان يشعر كأنّ الجبل يصلّي معه بصمت الهيب، ٔأمّا صياماته فكانت شديدة. فكان يأكل كل يومين مرّةً، ولا يقتات إلاّ من حشائش الصحراء، ولا يذوق الخبز مطلقاً، ما عدا مرّةً أكل خبزاً ناشفاً يوم عيد الفصح نزولاً عند رجاء أحد الرهبان إخوانه، وتابع كان القديس سيسوي الكبير الناسك يحافظ بكل دقّة على الصمت الدائم ليتفرّغ للاتحاد الدائم بالله. فكان يذهب إلى الكنيسة وهو مطرق إلى الأرض، لا يكلّم أحداً ولا يلتفت إلى أحد، ثم يعود كذلك، ويغلق عليه باب قلايته ويبقى هناك مع الله وحده ولمّا كبر في السن رضي أن يقبل عنده أحد الرهبان، ليكون تلميذاً له ويخدمه في أمور الحياة، وكان ذلك الراهب يدعى إبراهيم. 

و استكمل، فكان رغم ذلك محافظاً على الصمت، إلاّ عندما كانت تدعو إليه الضرورة القصوى. فكانت له تلك الأيام نعيماً صافياً وهناءً روحيّاً لذيذاً،وكان سيسوي من بعد الصلاة يتفرّغ لشغل الأيدي وصنع السلاسل، وكان يبيع تلك السلال، ليشتري بثمنها ما يحتاج إليه من ضروريات الحياة، ويتصدّق بالباقي على الفقراء، 

وطعن سيسوي في السن وصار شيخاً كبيراً، وبقي مثابراً على حياته الشديدة وإماتاته وصلواته، ولمّا دنت منيّته أعلمه الله بقرب أجله، فأعلم بذلك إبراهيم تلميذه. واتّصل الخبر بالجوار، فأقبلوا نحوه وأحاطوه به هالةً ملائكيّة من النسّاك والرهبان. ورأوه، وإذا به يشرق وجهه ويضيء كأنّ أنواراً سماوية تنعكس عليه، فأكبر الرهبان تواضعه، ولبثوا صامتين خاشعين أمام ذلك الشبح العظمى المتمدّد أمامهم على حصيرة بالية مقطّعة.


وبقي وجه سيسوي يتلألأ لمعاناً مدّةً طويلة بعد موته. فصلّوا عليه وواروه في التراب، وعادوا إلى مناسكهم يحملون ذكر فضائله وبهجة ساعاته الأخيرة.