رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حادث اقتحام الحرم النبوي


بعد شهور تحل الذكرى الرابعة والأربعين لأخطر حادث وقع في تاريخ الحرم النبوي الشريف. والتي عرفت حينها باسم «حصار مكة» حين اقتحم إرهابيون مسلحون يقودهم جندي سابق بالحرس الوطني السعودي يدعى جهيمان العتيبي ساحات المسجد الحرام.
يعتبر الإرهابي جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي، قائد المجموعة المتشددة التي اقتحمت الحرم فجر يوم 1 محرم 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979، عمل سائقا بالحرس الوطني السعودي عدة سنوات
بدأ جهيمان وصهره القحطاني نشر أفكارهما بين عدد من الشبان، وهي الأفكار التي لاقت صدى كبيرًا لدى البعض، خاصةً في المساجد الصغيرة بالمدينة المنورة، حتى تحول أتباعه إلى جماعة ما لبثت أن تنامت وكبرت، وبات أفرادها يُعدون بالآلاف، وخلال تلك الفترة، تزوج القحطاني من شقيقة جهيمان مما زاد من أواصر التقارب بينهما.
ومن خلال الرسائل التي كان يكتبها جهيمان لأتباعه، يتضح أنهم يأخذون بتكفير المجتمع، لأنه لا يحكم بشرع الله، داعين إلى هجر المجتمع ووسائله المدنية، مثل: الصحافة، والتلفزيون، والانعزال عنه، تجنبًا لتفشى الفساد والرذيلة، رافعين شعار عدم موالاة الأنظمة التي لا تحكم بشرع الله ولا تنتهي بنواهيه.
في أواخر عام 1399هـ، أخبر القحطاني صهره جهيمان بأنه رأى في منامه أنه هو المهدى المنتظر، وأنه سوف يُحرر الجزيرةَ العربية والعالم كله من الظالمين، فآمن جهيمان بكلام صهره دون تردد أو تشكيك، وبدأ يُفكر في الطريقة التي سيُعلن من خلالها للعالم أجمع ظهور المهدى الذي ينتظره المسلمون، ووجد في بداية القرن الهجري الجديد موعدًا مناسبًا لتنفيذ خطته التي ستبدأ باحتلال بيت الله الحرام، لكي يتلقى المهدى البيعةَ بين الركن والمقام، كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة.
آمن جهيمان بكابوس صهره، وبدأ التفكير في الطريقة التي يُعلن بها للعالم ظهور المهدى المزعوم، وبث ذلك الحلم إلى شريكه وشقيق زوجته، بعدما تَوَافَقَا فكريًّا، ليُقررا معًا اعتزال المجتمع ورفضه بدعوى أنه مجتمع كافر.
بعد صلاة الفجر يوم 1 محرم 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979، في عهد الملك خالد بن عبد العزيز، وقف جهيمان العتيبي حين استولى أكثر من 200 مسلح على الرحم المكي وهو أهم المقدسات الإسلامية، مدعين ظهور المهدي المنتظر، هزت العملية العالم الإسلامي برمته، فقد وقعت مع فجر أول يوم في القرن الهجري الجديد، وتسببت بسفك للدماء في باحة الحرم المكي، وأودت بحياة مصلين مدنيين، ورجال أمن، ومسلحين متحصنين داخل الحرم. الكثير من المسلمين شجبوها وأنكروها ووقفوا ضدها. 
قام جهيمان وجماعته بتنفيذ حلم صهره، وقام قبل انطلاق أذان فجر القرن الهجري الـ 15 ومن المكان المخصص لدخول الشاحنات، تمكن بعض رجال جهيمان من إدخال شاحنتين محملتين بالتمر والماء والذخيرة إلى الحرم المكي، كما تمكن قرابة 200 شخص من الدخول إلى الحرم الشريف، حاملين عددًا من النعوش الممتلئة بالأسلحة
وقف جهيمان يطالب وجماعته بتطبيق الشريعة بالمملكة و معاداة الكفار واستغل جهيمان كثرة وجود مصلين بالمسجد الحرام حيث كان بعد موسم الحج مباشرة و امسك ميكروفون إذاعة الحرم يطالب بتطبيق الشريعة, وفي هذه الأثناء، قامت مجموعة من الرجال التابعين له باستخراج أسلحة آلية سريعة الطلقات من التوابيت التي أدخلت قبل الصلاة باعتبارها تحوي جثامين لموتى للصلاة عليهم في المسجد، لكنها كانت معبأة بالأسلحة والذخيرة بدل ذلك، وهذه الاسلحة كانت من مخزن الحرس الوطني الذى يعمل به جهيمان وبعض الذين انضموا معه ، وتمكنوا من إغلاق الأبواب وسد منافذ الحرم والتحصن داخله، وعلى الرغم من التخطيط المحكم للعملية، إلا أنها استهلت بمقتل أحد رجال الحرس على يد أحد المنفعلين، حيث أن من بدء بأطلاق النار هم رجال الحرس وما كان من الاخوة الا الدفاع عن انفسهم .
و من المذكور أن جهيمان ألقى خطبة عبر مآذن الحرم أثناء الحصار، بتتها الإذاعات العربية والعالمية وكانت تحوي على الكثير من الاتهامات للأسرة الحاكمة السعودية وبعض الاعتراضات على نمط الحياه العامة للناس وكيف استشرى الفساد فيها.
قامت القوات السعودية بمهاجمة جهيمان ورجاله، وانفجرت قنبلة بين يديه، ولم يتمكن الرجال من إنقاذه، لتسحب القوات جثمان القحطاني خارج الحرم، دون أن تدري أنه المهدى المزعوم.
واستمر احتلال المسجد أربعة عشر يومًا حتى تمكنت القوات من تحريره وتمت محاكمة جهيمان ومن تبقى من رجاله، ونفذ في الكثيرين منهم حكم الإعدام.