رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطة تأمين شواطئ البحر الأحمر: رصد لحظى بالأقمار الصناعية لأخطر 3 أنواع من أسماك القرش

جريدة الدستور

بدأت وزارة البيئة تنفيذ خطة مُحكمة لتأمين شواطئ البحر الأحمر من هجمات أسماك القرش، عبر استيراد أجهزة متخصصة فى رصد حركة الكائنات البحرية متصلة بالأقمار الصناعية؛ لتوفير معلومات دقيقة عن تحركات وسلوكيات الأسماك المستهدفة.

وتركز الوزارة على دراسة سلوكيات ٣ أنواع خطيرة من أسماك القرش فى مياه البحر الأحمر تقف وراء غالبية الهجمات المسجلة على مدى السنوات الأخيرة، من خلال تنفيذ برنامج مكثف لدراسة سلوكيات أسماك القرش وتتبع حركتها لمدة ١٨ شهرًا؛ بإشراف الخبيرة الدولية المتخصصة فى هذا النوع من الدراسات، جوليا سبات، من جامعة كامبريدج البريطانية، يعاونها فريق مصرى من الباحثين وخبراء البيئات البحرية.

 

«البيئة»:  انطلاق أولى الجلسات التدريبية لفريق حماية الطبيعة

شهدت وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، أمس، أولى جلسات التدريب العملى لفريق عمل قطاع حماية الطبيعة بمدينة الغردقة، وذلك لدراسة سلوكيات أسماك القرش على السواحل المصرية للبحر الأحمر.

وتعد تلك الجلسات الأولى من نوعها فى البحر الأحمر بأكمله، ومن المقرر أن تمتد على مدار يومين تحت إشراف الخبيرة الدولية والمتخصصة بهذا المجال الدكتورة جوليا سبات.

وأكدت وزيرة البيئة أن الدورة تهدف إلى تدريب فريق عمل قطاع حماية الطبيعة على كيفية تركيب أجهزة الرصد والحساسات لرصد سلوك القرش، التى تستهدف ثلاثة أنواع من أسماك القرش والمسئولة عن جميع الحوادث المسجلة بالبحر الأحمر خلال السنوات الأخيرة طبقًا للإحصائيات المحلية والدولية.

كانت وزيرة البيئة أعلنت عن بدء المرحلة التحضيرية لدراسة سلوكيات أسماك القرش على السواحل المصرية للبحر الأحمر، تمتد لمدة تصل إلى ١٨ شهرًا على ثلاث مراحل، حيث تعتبر المرحلة الأولى مرحلة تمهيدية لجمع البيانات عن الحوادث السابقة وتحليل الوضع الراهن والقيام بتصنيع الحساسات، بحيث تلائم الوضع الوطنى.

وسيتم خلال المرحلة الثانية تركيب الحساسات وستتطلب بضعة أشهر لرصد سلوك الأنواع المختلفة من القرش المستهدفة، كما تتضمن المرحلة الثالثة تحليل البيانات التى تم جمعها من قبل الحساسات على فترات زمنية مختلفة.

رئيس شعبة المصايد: نستهدف رصد «التايجر» الأشرس بين الأسماك

أوضحت الدكتورة سحر مهنا، رئيس شعبة المصايد بالمعهد القومى لعلوم البحار، أن مشروع رصد سلوك أسماك القرش صعب للغاية، لافتة إلى أنه يتطلب استقلال مراكب الأبحاث والبحث داخل البحر عن أماكن وجود أسماك القرش واصطيادها، ثم وضعها فى مكان مخصص لحين تركيب أجهزة الرصد بجسدها، قبل إطلاقها مرة أخرى فى المياه.

وقالت: «المشروع يحتاج، أيضًا، إلى أدوات معينة، حتى يتمكن الفريق المسئول من اصطياد أسماك القرش ثم تركها حية مرة أخرى فى المياه، وهذا أمر لا يستطيع تنفيذه سوى متخصصين، وهذا هو سبب تأخر تفعيل مشروع رصد وتتبع حركة أسماك القرش فى مصر». وأشارت إلى أن المشروع الحالى يستهدف فى الأساس سمكة القرش من نوع «التايجر»، كونها الأشرس على الإطلاق، ومن المعروف أنها تفترس أى شىء، وليس لها أى حدود فى نوعية طعامها.

وأضافت: «ما حدث مؤخرًا فى الغردقة يؤكد أن سلوكيات هذه السمكة غير طبيعية، لأن القرش يبتعد فورًا عن المكان الذى هاجم فيه فريسته، لكن هذه السمكة ظلت فى مكانها حتى تم اصطيادها، وذلك عكس السلوك الطبيعى لأسماك القرش».

المستشار العلمى للمحافظة: الصيد بالكهرباء أو المتفجرات تسبب فى تغيير سلوكيات الكائنات البحرية

قال الدكتور محمود حنفى، أستاذ البيئة البحرية بجامعة قناة السويس والمستشار العلمى لمحافظة البحر الأحمر وجمعية المحافظة على البيئة «هيبكا»، إن أجهزة رصد وتتبع أسماك القرش يجرى استخدامها فى العديد من دول العالم، ولا يقتصر دورها على متابعة سلوكيات أسماك القرش فقط، لكنها توفر معرفة تامة بملابسات البيئة البحرية التى تعيش فيها هذه الأسماك.

وأضاف: «تفعيل مشروع رصد وتتبع أسماك القرش فى مصر كان يحتاج إلى وقت طويل، بداية من استيراد الأجهزة المخصصة فى هذا الأمر، ثم الاستعانة بخبراء أجانب متخصصين فى التعامل مع الأجهزة؛ لأن مصر ليست لديها كوادر مؤهلة للتعامل مع سلوكيات أسماك القرش أسفل المياه، كما أن المشروع عبارة عن دراسة علمية لمتابعة حركة أسماك القرش الأساسية فى المياه على المستويين الأفقى والرأسى».

وتابع: «الأجهزة لها أدوار مختلفة، أيضًا، من حيث قياس درجة الملوحة فى البحر، وقياس درجات الحرارة فى المياه، فضلًا عن البيانات التى توفرها بشأن مدى حركة وقرب أسماك القرش من الشواطئ التى يتردد عليها عدد كبير من المصطافين».

وأشار أستاذ البيئة البحرية إلى دراسة أجهزة الدولة المصرية هذا الأمر بتمعن شديد، من أجل منع تكرار هجمات أسماك القرش فى البحر الأحمر، حيث تعتبر أسماك القرش فى مصر من أفضل مصادر الاستثمار السياحى، إذا يقبل الغواصون والباحثون على تجربة الغوص لتصوير الأنواع النادرة أو دراستها، لذا تعمل وزارة البيئة على وضع حلول فعالة تحافظ على أرواح المصطافين، ولا تعرض أسماك القرش للخطر داخل المياه.

وأوضح أن وقف الصيد لمدة ٣ أو ٤ أشهر فى مصر يعتبر أحد الحلول الرئيسية لتقليل الضغط على الأسماك؛ لأن عمليات الصيد الجائر بالكهرباء أو المتفجرات يعد سببًا أساسيًا فى تغيير سلوكيات الكائنات البحرية، الأمر الذى تسبب فى زيادة حدة هجمات أسماك القرش على البشر، ما يتطلب تدخلًا من أجهزة الدولة لرفع الوعى البيئى للصيادين وإرشادهم لطرق الصيد السليمة التى لا تضر بالبيئة.

أستاذ الجيولوجيا البحرية:  الأجهزة الحديثة تساعد فى التتبع ومصر الأقل عالميًا فى الهجمات

أكد الدكتور محمود عبدالراضى دار، أستاذ الجيولوجيا البحرية بالمعهد القومى للبحار، أن رصد وتتبع حركة أسماك القرش عبر شرائح إلكترونية مثبتة فى جسم السمكة، حسب نوعها وحجمها، هو أمر يتم تنفيذه فى العديد من الدول التى تعانى من هجمات القروش، على رأسها الولايات المتحدة وأستراليا، اللتان حققتا أعلى معدلات فى حدوث هجمات أسماك القرش على مدار التاريخ. وأضاف: «وفقًا للملف الدولى لهجمات القرش، بلغ معدل الحوادث فى أمريكا ١٥٦٣ هجمة، وفى أستراليا ٦٨٢ هجمة، وذلك منذ عام ١٥٨٠ حتى عام ٢٠٢٢، فى حين كانت فى مصر بمعدل ٢٢ حادثة فقط، ما يعنى أن عدد هجمات القرش فى مصر مقارنة بدول العالم التى تمتلك سواحل طويلة وأعدادًا كبيرة من مرتادى الشواطئ، هو الأقل».

وأضاف: أنه من المعروف أن القرش يظهر فى المنطقة التى يستهدفها قبلها بيوم من أجل تأمين مكانه قبل الهجوم بهدف التغذية، لذا فإن استخدام الأجهزة الحديثة هو أمر مهم للغاية من أجل رصد هذه الكائنات فور ظهورها». 

خبير الحياة البحرية: تنفيذ المشروع يتطلب وقتًا لتحليل البيانات.. واتباع التعليمات يقلل الخطر

أوضح أيمن طاهر، خبير الحياة البحرية فى البحر الأحمر، أن مشروع رصد وتتبع حركة أسماك القرش لن ينتهى تنفيذه سريعًا كما يعتقد البعض، رغم أن مصر استوردت الأجهزة المطلوبة من الولايات المتحدة، لأن الأمر يحتاج إلى مجهودات كبيرة لتركيب الأجهزة فى جسم الأسماك، ثم مراقبة أوضاعها لفترة لا تقل عن عام على الأقل، حتى التيقن من الأسباب الرئيسية وراء ظهور هذه الكائنات المتزايد على الشواطئ المصرية، ومدى احتياجها للتغذية. وأضاف: «هناك عدة دول تستخدم أجهزة رصد وتتبع لمراقبة حركة أسماك القرش وسلوكها، وحماية مرتادى الشواطئ من هجماتها، ومن بين هذه الدول أستراليا وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا». واستطرد: «كل ذلك لا يضمن حماية السائحين ومرتادى الشواطئ بشكل تام، فقد تحدث حالات طارئة أو غير متوقعة، وقد تفشل الأجهزة فى بعض الأحيان، وقد يتجاهل البعض التعليمات والإرشادات، لذا يجب أن يكون هناك جهد مشترك بين جميع الأطراف لزيادة فرص السلامة والأمان فى المياه».

أستاذ أحياء بحرية: 

استوردنا أجهزة الرصد قبل 18 شهرًا لكن «كورونا» عطلت التنفيذ

قال الدكتور محمود معاطى، أستاذ الأحياء البحرية بالمعهد القومى لعلوم البحار بالبحر الأحمر، والباحث المتخصص فى مجال أسماك القرش، إن مشروع الرصد بدأ التخطيط لتنفيذه منذ عام ٢٠١٨، وجرى استيراد الأجهزة بنجاح من الولايات المتحدة قبل أكثر من عام ونصف العام، كما تولت وزارة البيئة توفير مخصصات مالية كبيرة لتنفيذه بالتعاون مع وزارة السياحة، لكن جائحة فيروس كورونا عطلت تنفيذ المشروع فى ذلك الحين». 

وأضاف، لـ«الدستور»، أنه جرى اتخاذ إجراءات تفعيل مشروع رصد وتتبع حركة أسماك القرش بعد الهجمة الأخيرة فى الغردقة، وبالفعل كانت هناك خطوات استباقية قبل وقوع الحادث، لكن الوضع اختلف تمامًا بعد هجوم سمكة القرش على السائح الروسى، وأصبحت هناك ضغوط كبيرة لدى وزارة البيئة فى تفعيل هذا المشروع بأسرع وقت ممكن. 

وأشار «معاطى» إلى ضرورة توفير ميزانية مخصصة لتدريب وتأهيل كوادر مصرية تشرف على هذا النوع من المشروعات بشكل عملى، على أن تبدأ التدريبات منذ السنة الأولى للالتحاق بالمعهد، بجانب خوض التجارب العملية داخل البحار على كيفية التعامل مع أسماك القرش، وتركيب هذه الأجهزة بشكل سليم. وأوضح أن أجهزة التتبع يجرى تركيبها على الزعنفة الظهرية لسمكة القرش، بعد تخديرها باستخدام الحقن، ثم إطلاقها فى المياه مرة أخرى، بحيث إذا اقترب القرش من سطح المياه يظهر على أجهزة الرادار وتنطلق إشارات تحذيرية لتنبيه المسئولين لوجوده.

وتابع: «لدينا فى البحر الأحمر ٤٤ نوعًا من أسماك القرش، بكميات كبيرة لا يمكن تركيب أجهزة تتبع لها جميعًا، لأنه من الصعب السيطرة على الكم الكبير من أسماك القرش داخل البحر، بجانب التكلفة العالية لتنفيذ مثل هذه المشروعات بشكل موسع، لكن حاليًا سيجرى تركيز الجهود على تتبع أنواع محددة قد تمثل خطرًا على البشر».