رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا شىء مجانيًا عند الغرب.. ونحن أيضًا

ربما في يوم من الأيام تطلب الولايات المتحدة الأمريكية من دول الشرق الأوسط لنفسها تطبيعًا كما تلح في طلبه دائمًا منذ 75 عامًا لإسرائيل.

واشنطن تسعى مؤخرًا لهذا التفاعل مع منطقة الشرق الأوسط لتحقيق مصالحها العليا، وفرض سلام في المنطقة الأكثر توترًا في العالم منذ سنوات، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية وإقامة دولتها على حدود 1967.

في الجامعة العربية، قرر العرب إطلاق مبادرة لإنهاء الصراع مع إسرائيل أطلقوا عليها "الأرض مقابل السلام"، إلا أن الجيران غير المرحب بهم شعبيًا يريدون سلامًا دون أي تنازلات، كما هو الحال في الجانب الأمريكي الساعي لتحقيق مصالحه دون مقابل.

في 5 يونيو الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمام لجنة الشئون العامة للعلاقات الإسرائيلية الأمريكية، إنه من الضروري والطبيعي تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، لافتًا إلى أن هذه العلاقات ستحافظ على جزء من أمن واشنطن القومي.

الدبلوماسي الأمريكي أصر على ربط المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، وشدد على أن أمن إسرائيل والتزام بلاده به، فيما أشار إلى أن التطبيع مع الرياض لن يغفل قضية السلام مع فلسطين، وطالب تل أبيب في النهاية بالموافقة على حل الدولتين.

الحقيقة، أسلوب الدبلوماسي الأمريكي ليس مستغربًا كونه الأسلوب الأمريكي المتبع في التعامل مع الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط بين رام الله وتل أبيب، والضغوط الأمريكية لحل الأزمة ليست كبيرة للحل الفعلي، أو وقف الاستيطان أو العمليات العسكرية ضد الطرفين.

الغرب عادة لا يفضل التنازل أو الدفع مقابل المصالح، واشنطن تسعى لتطبيع مجاني بلا تنازلات في صالح القضية الفلسطينية، بل إنه من المضحك أن تل أبيب اعترضت على تدشين الرياض برنامج نووي سعودي سلمي، في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل للتطبيع مع المملكة بكل السبل، وهو نفس المنهج الذي تتبعه أمريكا في علاقتها مع دول المنطقة العربية.

الأهم عند الأمريكان هو مصالحهم، فواشنطن لم تقدم أي تسهيلات أو امتيازات لأمن المنطقة، حتى مع إعلانها الإنسحاب من العراق، أو حتى أفغانستان، فهى خططت ونفذت لمصالحها فقط.

في الجانب الآخر، أعلنت إيران عن قرب تشكيل تحالف يضم السعودية، الإمارات، البحرين، قطر، والعراق، إلى جانب الهند وباكستان يضمن أمن مياه الخليج العربي، ولم يخرج تصريح واحد ينفي التصريحات الإيرانية، سوى من الولايات المتحدة التي اعترضت على التحالف.

الشرق الأوسط هذه الفترة، أمام تحديات كبرى وخطط تنموية ورؤى طموحة، تحتاج لمزيد من الاستقرار والتعاون الجمعي، هذا الاستقرار ليس في الصالح الأمريكي على مر العصور.

الاستقرار الشرق أوسطي، لا بد له من حل كل المشكلات الخلافية بين دول المنطقة دون تدخلات خارجية لتحقيق مصالح أجنبية.

عودة الاستقرار في الشرق الأوسط ستقلل من النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية، وتأثيرها سيكون أضعف وقدرتها على مساندة تل أبيب سيكون غير حقيقي.