رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيد الجلاء

تحتفل مصر في الثامن عشر من يونيو من كل عام بذكري خروج آخر جندي بريطاني من الأراضي المصرية وهو ما يسمي بعيد الجلاء. 
تبدأ القصة عندما قرر الخديو توفيق التخلص من القائد أحمد عرابي ومطالباته الفئوية في عام ١٨٨٢ ميلادية، واستعان آنذاك بالقوات البريطانية التي انتهزت الفرصة وسارعت بالتوجه بأسطولها وعتادها إلي ميناء الإسكندرية في ١١ يوليو ١٨٨٢، وقامت باحتلالها وإنزال قرابة ٤٠ ألف جندي بريطاني وتدمير الجيش المصري هناك، الذي كان قوامه لا يزيد علي عشرة آلاف جندي مصري.
وبينما كانت القوات البريطانية تحاول الوصول إلى القاهرة عن طريق الإسكندرية استراحت لمدة خمسة أسابيع في كفر الدوار. في شهر أغسطس قام الجنرال جارنيت ويلسلي قائد الحملة باحتلال قناة السويس، وفوّض للقضاء على الثورة العرابية وجميع الثوار.
حاول عرابي أن يستعيد القناة عندما هاجم القوات البريطانية بالقرب من القصاصين في 10 سبتمبر. وقد فوجئت القوات البريطانية بالهجوم. ونشب قتال ضار تكبد البريطانيون فيه خسائر كبيرة. إلا أنه لحسن حظ البريطانيين وصلت إمدادات حديثة بما فيها قوات الحرس السابعة ولواء المرتفعات، مما أجبر القوات المصرية المنهكة على التراجع.
وفي 13 سبتمبر عام ١٨٨٢ قامت معركة التل الكبير وكانت آخر مواجهات العرابيين، وعززت سيطرة الخديو توفيق مرة أخرى من الإنجليز بعد هزيمة الجيش المصري هزيمة نكراء، وتم اعتقال زعماء الثورة العرابية والضباط والأعيان الذين أيدوها ما عدا عبدالله النديم الذي اختفى عن الأنظار، ولم تستطع عيون الحكومة أن تصل إليه. وأصدرت المحكمة العسكرية في ديسمبر ١٨٨٢ م حكمها بـ:
* إعدام قادة الثورة وهم: أحمد عرابى، طلبة عصمت، عبدالعال حلمى، محمود سامي البارودي، وعلى فهمى.
* عدل حكم الإعدام إلى النفى المؤبد ومصادرة أملاكهم، حيت تم نفيهم إلى جزيرة سيلان بالهند.
كانت الحماية البريطانية على مصر هي حماية صريحة فرضتها بريطانيا على مصر بين 18 ديسمبر 1914 و28 فبراير 1922، وغُيّر فيها اسم الدولة إلى السلطنة المصرية. 
لم يستسلم الشعب المصرى، وقام بالعديد من الثورات، لعل أهمها وأشهرها على الإطلاق ثورة 1919، بقيادة الزعيم الراحل سعد زغلول، التى كانت صاحبة اليد العليا فى بداية الحصول على الاستقلال التام، ورفعت شعارها الاستقلال التام أو الموت الزؤام. 
استمرت الحركات الثورية لنيل الاستقلال، مرورًا بالزعماء مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول، والشباب الذي باع روحه للفداء على كل بقعة من ثرى الوطن.
وبحلول عام ١٩٣٦ حصلت مصر على استقلالها ولم يكن كاملًا، فالإنجليز، احتفظوا بسيطرتهم على منطقة قناة السويس، وفي عام ١٩٥١ أعلن الوفد إلغاء معاهده ٣٦ من جانب واحد، وتبدأ المقاومة المسلحة في منطقة القناة وتتبعها مذبحة الإسماعيلية.
وأخيرًا رحل جنود الجيش البريطاني عن الأرض المصرية، وفقًا لما نصت عليه اتفاقية جلاء الإنجليز عن مصر التي وقعها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مع اللورد "ستانسجيت" في ١٩ أكتوبر عام ١٩٥٤، ليتم خروج آخر جندي بريطاني من مصر في ١٨ يونيو ١٩٥٦.
ذكريات يجب ألا تنسي من صفحات تاريخ الوطن.. نستعيدها لنحتفل سويًا بعيد الجلاء .