رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملتقى "شبهات وردود" فى الجامع الأزهر يفنّد "انتشار الإسلام بالسيف"

الجامع الأزهر
الجامع الأزهر

واصل ملتقى "شبهات وردود" بالجامع الأزهر الشريف، مساء أمس الثلاثاء، فعالياته وذلك بعد توقفه طوال شهر رمضان الماضي، حول تفنيد علماء الأزهر الشريف شبهة "انتشار الإسلام بالسيف"، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإشراف الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف على الرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.

وحاضر في ملتقى هذا الأسبوع الدكتور إبراهيم الهدهد، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر الشريف، والدكتور حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية وعضو لجنة الفتوى الرئيسية بالأزهر الشريف.

وأكد د. إبراهيم الهدهد، أن شبهة انتشار الإسلام بالسيف شبهة واهية تتعارض مع المنطق والعقل، فلو كان الدين ينتشر بقوة معداته وأتباعه وسطوتهم وحروبهم، فإن الدول الإسلامية الآن على ضعفها، ومع ذلك ينتشر الإسلام في جميع بقاع الأرض انتشارًا هائلًا، ولو كان الإسلام ينتشر بالسيف لكان عدد المسلمين الآن في تراجع، وهو ما لا يقره الواقع المُعاش.

ولفت رئيس جامعة الأزهر الأسبق، في كلمته بملتقى "شبهات وردود"، إلى أن عدد المسلمين في فرنسا تجاوز الستة ملايين مسلم، وفي دول شرق آسيا تجاوز الثلاثين مليون مسلم، وفي أمريكا تجاوز التسعة ملايين مسلم، وهذا دليل على أن الإسلام انتشر بأخلاق وسلوك أتباعه، وجميل فضائله.

ونوه أ. د. الهدهد، إلى أن هناك دولًا فُتحت على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام والخلفاء الراشدين، وظل الناس فيها على عقيدتهم ودينهم، مما ينفي شبهة انتشار الإسلام بالسيف، فلم يفرض الرسول الكريم الدين إجبارًا، وإنما بلغ دعوة ربه، وأمَّن الناس على حياتهم وأوطانهم.

من جانبه، بيّن أ.د . حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، أن فِرية انتشار الإسلام بالسيف فرية قيلت قديمًا وما زالت تتردد، وهي لا تنطلي إلا على ضعاف النفوس والإيمان، وفقراء العلم والمعرفة، مؤكدًا أن كثيرًا من المنصفين من غير المسلمين وصفوا هذه الفرية بالسذاجة والوهم، وإن بقوا على دينهم وإلحادهم، ومن هؤلاء الطبيب والمؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون، في كتابه (حضارة العرب)، الذي قال: "إن الحضارة الإسلامية هي الحضارة الوحيدة التي أعطت خيرها للبلاد التي فتحتها، ولم تمتص خيرات هذه البلاد كما فعلت حضارات أخرى كثيرة".

وتساءل الأستاذ بجامعة الأزهر، قائلًا: كيف يقال إن الإسلام انتشر بالسيف، وقد لاقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في بداية الدعوة ألوانًا شتى من العذاب والتحديات حتى إن من الصحابة من مات بسبب التعذيب؟! مذكرًا بأن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته وللمسلمين جميعًا في حروبهم المشروعة خير دليل على انعدام هذه الغربة، فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته قائلًا: لا تقتلوا شيخًا كبيرًا ولا امرأة ولا صبيًا، ولا مَن امتنع عن قتالكم، بل أوصى، صلوات الله وسلامه عليه، ألا تُقْطَعَ شجرة، ولا يُخَرَّبَ بناء عامر، فكيف لمن راعى حتى النبات والجماد في الحرب أن ينشر دينه في الناس بالسيف؟!

من جهته، أوضح أ.د. علي مهدي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الفتوى الرئيسية بالجامع الأزهر، أن شواهد التاريخ هي أكبر دليل على رحمة الإسلام بالدنيا جميعًا، فحين أسلم رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل ولدان له على نصرانيتهم، جاء إلى النبي الكريم، وقال له: أيدخل بعضي النار وأنا شاهد؟! فنزل قول الله تعالى "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".

ولفت عضو لجنة الفتوى، إلى أن أكبر دليل على بطلان هذه الشبهة أن التتار وقد كانوا قوة عظمى بعد أن انتصروا على المسلمين وهم ضعفاء، وأبادوا الأخضر واليابس، لم تملك نفوسهم إلا أن تدخل في الدين الإسلامي، فقد هزموا المسلمين لكن انتصر عليهم الإسلام، والآن لهم دولة مسلمة تسمى تتارستان، فأي دليل أعظم من هذا على أن الإسلام انتشر بطبيعته التي توافق النفس السوية، ومبادئه التي تدعو إلى الرحمة والعدل والمساواة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.