رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل نحن مستهدفون؟

هل مصر مستهدفة فى محيطها الحيوى؟ انظر حولك وحاول الإجابة على السؤال.. استرجع الأحداث منذ ٢٠١١ حتى الآن.. ماذا جرى فى ليبيا الجار الغربى لمصر وكيف جرى؟ ثم ماذا جرى فى سوريا الشريك السياسى التاريخى لمصر وكيف جرى؟.. ثم ماذا جرى فى السودان منذ أيام وكيف جرى؟.. كى نفهم أكثر فإن هذه الدول ليست دولًا جارة لمصر فقط ولكنها بحكم التاريخ جزء لا يتجزأ من أمنها القومى.. وهى مجال تأثير وتأثر ثقافى وسياسى واقتصادى متداخل مع مصر عبر آلاف السنوات وليس مئات السنوات فقط.. فالدول لم تولد مع اتفاقيات ترسيم الحدود التى وضعها الاستعمار منذ بداية القرن الماضى.. إطلاقًا.. دولتنا وما جاورها موجودة قبل الاستعمار وقبل ظهور دوله من الأساس.. تاريخيًا كان التداخل بين مصر والسودان كبيرًا.. وفى العصر الحديث كانتا دولة واحدة.. والعاصمة الخرطوم بناها محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة.. وعندما ظهر تمرد المهدية ردت الحركة الختمية كبرى الحركات الصوفية هناك بطلب الاتحاد مع مصر وظهر حزب الأشقاء.. وحين حاول الاحتلال البريطانى تقليص الوجود المصرى فى السودان ظهرت حركة النيل الأبيض بقيادة الضابط السودانى على عبداللطيف الذى رفع شعار الوحدة مع مصر وألقى القبض عليه ١٩٣٨.. الأكثر من هذا أن أول رئيس جمهورية لمصر اللواء محمد نجيب من أم سودانية ومن مواليد السودان وبين البلدين تعاون وتاريخ ومحبة وصداقة.. أكبر من أى حديث.. فى ١٩٥٦ فرض الاستعمار إجراء استفتاء يقرر فيه السودانيون الاستمرار مع مصر أو الانفصال وقرروا الانفصال وتولى الحكم إسماعيل الأزهرى.. ودخل السودان فى متواليات لا نهائية من الحكم المدنى والعسكرى.. ولم يعرف الاستقرار أبدًا.. والسبب من وجهة نظرى أن السودانيين أقرب إلى الرومانسية والشاعرية.. وأنهم بقدر ما غير عمليين، لذلك كانوا يترددون بين الحكم المدنى الذى يرفع شعارات لا يستطيع تنفيذها وبين الحكم العسكرى الذى يفرض الاستقرار الضرورى لتحقيق أى إنجاز.. فى الستينيات كانوا من الشعوب القليلة التى صعد فيها شيوعى لمنصب رئيس الوزراء هو محمد أحمد المحجوب.. وربما انخدع بعضهم فى التسعينيات بشعارات الإسلام السياسى والابتعاد عن مصر.. وبعيدًا عن التفاصيل فلا أحد يعلم هل كان أفضل لهذا البلد الشقيق أن يختار الوحدة مع مصر أم لا؟.. فحرف «لو» يفتح عمل الشيطان.. ومصر رفعت شعار عدم التدخل فى الشأن الداخلى لأى دولة.. ما يسرى على السودان يسرى على ليبيا التى قامت حركة الضباط الأحرار فيها طلبًا للوحدة مع مصر عام ١٩٦٩ لا لأى سبب آخر.. ومنذ التسعينيات عادت ليبيا مجالًا حيويًا للعمالة والصادرات المصرية.. وهناك تداخل سكانى كبير بين البلدين.. وكثير من القبائل العربية موجودة هنا وهناك.. وكل اضطراب فيها يؤثر على أمننا المباشر من خلال الحدود.. وعلى أمننا الاقتصادى وفرصنا فى التنمية والتصدير.. وقد تم ضرب ذلك كله منذ ٢٠١١.. بالنسبة لسوريا الوضع لا يختلف.. تاريخيًا كانت مصر والشام إقليمًا سياسيًا واحدًا.. من يحكم هنا يحكم هناك.. فى ١٩٦١ جاءت القيادات السورية تطلب الوحدة مع مصر بشكل عاجل.. وكان تأييد الشعب السورى منذ ١٩٥٦ لسياسات مصر فوق أى وصف وأى روايات.. وقد حارب البلدان معًا من أجل تحرير الأرض.. واختلفا ثم اتفقا وشكلا محورًا عربيًا مع السعودية طوال سنوات التسعينيات وبداية الألفية.. كل استهداف للاستقرار فى سوريا هو استهداف للاستقرار فى مصر.. كل صعود للإرهاب فى سوريا هو إرهاق لمصر.. كل مؤشر لعدم الاستقرار هناك هو نذير متاعب هنا.. وقد استهدف استقرار سوريا وأمنها منذ ٢٠١١ حتى الآن.. تمامًا كما حدث فى ليبيا ثم كما حدث فى السودان.. وكما كان يُراد أن يحدث فى مصر لولا وعى ويقظة جيشها وشعبها وتحالفهما معًا ضد الفوضى.. هل ما حدث فى نطاق الأمن الحيوى لمصر فى الدول الثلاث صدفة؟ هل هو مخطط؟ وإذا كان لكل مخطط هدف فما هو الهدف؟ هل يكتفى صاحب الخطة بحصارنا فقط؟ هل الهدف منعنا من التمدد الحيوى أم إسقاط مصر أيضًا؟ ولماذا؟ وبأى طريقة؟ وفى أى وقت؟ وما هى خطتنا للرد؟ وهل علينا التماسك ووحدة الصف فقط؟ أم أن علينا شيئًا آخر؟.. هذه أسئلة مهمة تستحق أن نفكر فيها قبل أن ننشغل بالهجوم على هذا الشعب أو النقاش حول النازحين أو حول تلك القضية أو تلك.. هل نحن مستهدفون؟ هذا هو السؤال وليس أى سؤال آخر.