رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صاحب الصوت العذب

القارئ محمد السعدني: نذرني والدي للقرآن.. ولقبني الشيخ البنا بـ«البنا الصغير» (حوار)

القارئ محمد السعدني
القارئ محمد السعدني ومحررة الدستور

منذ نعومة أظافره نما بقلبه حب القرآن وازداد عشقه له بشكل لا يوصف، وكان تعلقه بكتاب الله عوضًا من الله له بعد فقدانه نعمة البصر وكان  بمثابة النور الذي أضاء طريقه لسنوات عديدة، ليتمكن من حفظ القرأن الكريم في سن صغير، ويصبح من أشهر قراء محافظة الإسكندرية، ويذاع صيته بين كبار القراء الذين رؤا فيه قارئ متمكن جعلهم يتنبئون له بمستقبل باهر بين عمالقة التلاوة.

وفي أيام شهر رمضان المبارك، حاورت «الدستور» الشيخ القارئ محمد السيد السعدني إبن الإسكندرية  الذي تحدث عن بدايته وحبه للقرآن الكريم، حتى أصبح صاحب الحنجرة الذهبية من أعلام القراء 
وإلى نص الحوار:


منذ متى بدأ تعلقك بالقرآن وكيف اكتشف ذلك؟


قدر لي الله ان أفقد البصر، منذ صغري، حيث ولدت طفلًا طبيعيًا، وبعد عام وعدة شهور قليلة مرضت مرض شديد نتج عنه ضمور في العصب البصري، وفقدت بصري، فأنست بالقرآن وآنار بصيرتي، ومنذ طفولتي نما بداخلي حب شديد للقرآن وقارئي القرآن والأصوات الحسنة، وكنت رغم صغر عمري، احرص على تشغيل الراديو على إذاعة البرنامج العام لسماع كبار القراء من الرعيل الأول وكنت احفظ جدول القراء بالإذاعة، واحب القراء القدامى ابرزهم الشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ البهتيمي، والشيخ البنا وغيرهم.


حدثني عن دور والدك في حفظك للقرآن ومتى أتممت حفظ كتاب الله؟


والدي نذر أنه إذا وهبه الله بطفل ذكر يحفظه القرآن، ولم يوفي هذا النذر مع أخي للأكبر، وعند استشارة الكثير في اختيار التعليم المناسب لي،  البعض أشار عليه إلحاقي بمعهد الموسيقى، ولكن ربنا ألهمه يوفي بنذره فوهبني للقرآن، وألحقني بالمدرسة الابتدائية الأزهرية، بجانب حفظ القرآن في الكتاب على يد شيخ بالمسجد، وحفظت القرآن شفهيًا بالتلقين، فكنت اسمع الآية من الشيخ وارددها خلفه، فكانت تثبت في تلك اللحظة وأتممت حفظ القرآن كاملًا وأنا في سن 11سنة، في الصف الخامس الابتدائي، وكان والدي يحدثني دائمًا أنه يريدني عالم في القرآن وليس قارئ بدون علم، وكنت دائمًا عن حسن ظنه فكنت بجانب القرآن والتلاوة مجتهد جدًا في الدراسة حيث حصدت المركز الاول في الشهادة الاعدادية على مكفوفي الجمهورية وكان عددهم 228 طالب، وحصلت على شهادة تقدير بإمضاء الشيخ محمد الفحام، شيخ الأزهر حينها.


كيف حققت حلم والداك أن تصبح لك بصمة بارزة وسط مشاهير القراء؟


تعلمت أحكام التجويد على يد الشيخ محمد فريد النعمان وزوجته الشيخة أم السعد، وكان من زملائي الدكتور أحمد نعينع، تعلمنا سويًا في منزل شيخة المقرئين، وبرزت في القراءة بالطريقة الصحيحة، وبعد إتمام المرحلة الثانوية ألتحقت بكلية الشريعة والقانون قسم الشريعة الإسلامية، وحصلت على الليسانس في عام 1976 وعُينت مدرس علوم شرعية بمعهد غيط العنب الازهري ومكثت فيه 21 عامًا، ثم انتقلت للعمل بمعهد فتيات محمد رجب، وخرجت على المعاش في عام 2011 بعد 35 عامًا في تعليم النشء العلوم الشرعية والقرآن.

متى بدأت شهرة الشيخ السعدني بين قراء القرأن الكريم؟
 

كتب الله لي القبول من الناس، منذ بداية رحلتي مع التلاوة، حيث كنت حينها في سن 14عامًا عندما رافقت أحد القراء المحترفين في حفل افتتاح فطلب مني الجمع تلاوة القرآن، وعندما قرأت وجدت ثناء على قرائتي وصوتي، وبدأت بعد ذلك القراءة في الاحتفالات والسرادقات وذاعت شهرتي بين القراء واصبحت مطلوبًا في الكثير من المناسبات داخل وخارج الإسكندرية.

 

من هم كبار القراء الذي قرأت بجانبهم وما المواقف التي جمعتك بهم؟


قرأت كثيرًا مع الشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ محمود علي البنا وكانت علاقتي بهما علاقة أبوة وبنوة، وكنت احب تقليد الشيخ «البنا» وكان يقول عني محمد السعدني «البنا الصغير»، أما شيخ القراء الشيخ محمود خليل الحصري، أحييت معه ليلة كبيرة وكنت أجلس بجانبه وعندما عرف إنني في الفرقة الثانية بكلية الشريعة اكرمني بكرم أخلاقه وقال لي:« أنت كدة استاذنا» فقلت له حينها «أنا نقطة في علمكم»، وطلبت منه إرشادي لو صدر خطأ مني في التلاوة وكان رده الله يفتح عليك، كما قرأت بجانب الشيخ عبد الباسط، والشيخ محمود المنشاوي، والشيخ ابرهيم الشعشاعي، والشيخ أبو العينين شعيشع، والشيخ محمود محمد رمضان صاحب مدرسة مقام الكرد، والشيخ محمد عبد العزيز  حصان، والشيخ عبد المنعم الطوخي، وكانت علاقتي بالجميع علاقة أخوة وصداقة، وفي عزاء الشيخ البنا كنت أول من افتتح قراءة القرآن بالعزاء بمشاركة كبار القراء.

 

علاقتك بالشيخ مصطفى إسماعيل كانت وطيدة كيف بدأت؟


عندما أصبحت في العشرين من عمري، كنت حينها في المرحلة الجامعية، ذاع صيتي، وقيل أن الناس كانت تنبهر بصوتي، بسبب النفس الطويل والقراءة المتقنة والمقامات الموسيقية، واقيمت احتفالات كبرى بالمولد النبوي بأحياء الإسكندرية، بحضور كبار القراء وفي حي الجمرك جاء الشيخ مصطفى اسماعيل لإحياء الليلة، ورشحني أهل الحي للقراءة معه حيث كانوا يفتخرون بي وكان شرف كبير لي، وأثناء قرائتي دخل الشيخ «مصطفى إسماعيل» وطلب مني الأهالي أن أختم لتواجده، قال لي أكمل يا شيخ محمد ربنا يفتح عليك وأعجب بي جدًا وقال لي خلي بالك من القرآن يا محمد انت ليك مستقبل عظيم وكمل دراستك، ومن هنا نشأت علاقة وطيدة بيننا وقرأت معه عدة مرات، وكان يجمعني به جلسات خاصة في منزله، وتبناني في العلم والتلاوة، ولكن العمر لم يمهله ليسمعني في الإذاعة.
 

كيف ألتحقت بالإذاعة ومتى تم اختيارك كقارئ معتمد؟


لم أكن افكر بالإلتحاق بالإذاعة، حيث فوجئت بأحد اصدقائي هو من قدم لي طلب الإلتحاق، وعندما أخبرني ظللت 6 وأشهر اعد نفسي للأختبارت ولكن لم يرسل لي، وعقب ذلك سافرت لإحياء ليلتين عزاء في أحد الاقاليم، وأثناء سفري جاء خطاب موعد الاختبار وكان بعد يومين ورغم عودتي من السفر مرهق ظللت يومين في المراجعة، وقرآت يوم الاختبار أمام لجنة كبيرة، من قامات من التلاوة والموسيقى، وكان باللجنة الموسيقار احمد صدقي، والشيخ سيد طنطاوي، واختبرت وكنت محل إعجاب اللجنة، رغم تعلمي للمقامات الموسيقية سماعي وليس اكاديمي، ونجحت ثم سجلت نصف ساعة واجيزت من المرة الأولى وألتحقت بالإذاعة للقراءة بإذاعة القرآن الكريم، في عام1985، ثم اختبرت في العام التالي بإذاعة الإسكندرية وألتحقت بها في عام 1985 لقراءة القرآن بالافتتاحية والأمسيات.


بعد سنوات طويلة في الإذاعة ما الذي مازلت تسعى لتحقيقه؟

قضيت 40عامًا في الإذاعة بين إذاعة القرآن الكريم وإذاعة الإسكندرية والإذاعات الأخرى، وكنت دائمًا اسعى أن تذاع تلاوتي بالبرنامج العام، فضلا عن قراءة قرآن الجمعة والفجر، فلم تنصفني اللجنة منذ سنوات، وتقدمت مرة آخرى، حتى الآن ما زلت مستمر بالتسجيل المطلوب، رغم وصولي لسن ال 72عامًا، فقد وهبت نفسي للقرأن.

 

حدثني عن مشاركتك بإحياء الليالي الرمضانية بمصر والخارج ؟


شاركت في مسابقة وزارة الأوقاف، والتي كانت لإحياء السهرات الرمضانية بداخل مصر وخارجها،  وكان القراء من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يتاح لهم السفر للخارج حينها، ونقرأ بالسهرات داخل مساجد المحافظة، وتم دعوتي دعوات خاصة لدولة الإمارات عامي1990، 1991، حيث كان الشيخ «زايد» حاكم الإمارات، يستضيف العلماء والقراء من جميع الدول الإسلامية وعلى رأسهم مصر  لإحياء شهر رمضان، وأحييت شهر رمضان في العديد من مساجد الامارات مع كبار القراء.

 

ما الفارق الذي تراه بين قراء الأجيال القديمة والقراء الجدد؟


القراء زمان كانوا على علم وإتقان وبيان، وجميعهم مدارس تركوا بصمات في عالم القراء على مستوى العالم الإسلامي، وكل جيل يعقبه آخر أقل في الكفاءات، ولكن وما زال الخير في أمة سيدنا محمد، ومصر ولادة وعطاءة وبها كفاءات من القراء المحافظين على دولة التلاوة، وكفاءات في مختلف المجالات، وأصبح هناك نهضة بنشاط الأزهر ووزارة الأوقاف، ويوجد متسابقين يحصلوا على مراكز أولي ودرجات عليا ومكافآت بنين وبنات ورجال ونساء، بالإضافة اهتمام الدولة بذوي الاحتياجات الخاصة.

 

بماذا تنصح القراء الجدد وما الرسالة التي توجهها لهم؟


الرسالة والنصيحة للقراء الجدد هي الحفاظ على القرآن احكامًا واداءً،  ومن أكرمه الله بصوت جميل لا يفتن بصوته، ولا بد من مراعاة الأحكام والتجويد، قبل المقامات الموسيقية، حتى لا تطغى على الاحكام، والأنغام  والصوت الجميل 
يجذب المستمعين، ولكن يجب أن يراعي القارئ كلام الله، ويكون هناك توازن: «اسمع وتعلم كثير وراعي ربنا في احكام القران»، ولا تقدم المكسب المادي على حساب القرآن فمن يتقي الله في القرآن ربنا يجازيه خيرًا، ربنا ينفعنا ويرفعنا بالقرآن ويجعله زاد لنا.

القارئ محمد السعدني
القارئ محمد السعدني

القارئ محمد السعدني
القارئ محمد السعدني