رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلاده.. «يعقوب صنوع» بين المسرح والسياسية

يعقوب صنوع
يعقوب صنوع

رغم أن يعقوب صنوع الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، انتمى إلى الجاليات التي وفدت إلى مصر واستقرت بها ولعبت دورها في النشاط الاقتصادي واستعان بها محمد علي وخلفاؤه في نقل بعض مظاهر النهضة الأوربية، وإعادة تشكيل إدارة البلاد وتحديثها، فإنه أسهم في اليقظة الفكرية والوطنية التي شهدتها البلاد منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فقد كان في طليعة من أسسوا المسرح المصري ومن استعملوا اللغة العامية في الصحافة واقترن اسمه بصحيفة أبو نظارة التي جعلت من سخرية النقد أداة لنقد بعض التصرفات الحكومية وبعض العادات القديمة.

يعقوب صنوع ينشىء مسرح وطني

فكر يعقوب صنوع في عام ١٨٦٩، في إنشاء مسرح وطني يقدم تمثيليات عربية وقام بالتمثيل في القصر الخديوى أمام باشوات ويكوات البلاط الذين شجعوه على عرض مسرحياته في حديقة الأزبكية، وبعد أن أحرز مسرحه الإعجاب قرر أن ينشىء فرقة مسرحية لم يسبقه إليها أحد من المصريين أو الشوام الذين نزحوا إلى البلاد واحترفوا التمثيل، وفي تلك الفترة كان بعض الرجال يقومون بأداء أدوار النساء الى أن عثر على فتاتين فقيرتين قام بتعليمهما القراءة ودربهما على التمثيل، وكان لظهورهما على خشبة المسرح أثر طيب على الجمهور الذي أعجب بهما وشجعهما.

وكان نجاح يعقوب صنوع في هذه التجربة بمثابة انتصار للفن وهزيمة للرجعية، ولهذا مضى في التأليف والتمثيل بحيث حصل على إعجاب الخديو إسماعيل الذي أطلق عليه لقب «موليير مصر» تشبها بلويس الرابع عشر ملك فرنسا الذي شجع بعض الأدباء والممثلين ورعاهم.

واحتك يعقوب صنوع بالدائرة الفكرية التي تحلقت حول جمال الدين الأفغاني الذي شجعه هو وغيره على الكتابه في الصحف، وهاجم صنوع وأترابه نظام حكم اسماعيل والتدخل الأجنبي في الوقت الذي نشطت فيه الصحافة الوطنية التي شجعها الخديو إسماعيل في البداية واشترك فيها عدد متزايد من المصريين الذين اقتنعوا بضرورة الاصلاح وتحولوا من الأدب إلى السياسة، وكان جمال الدين الأفغاني الذي التحق بالتنظيمات الماسونية وشجع كثيراً من الشبان النابهين على الاشتغال بالصحافة ونقد الأوضاع القائمة هو المحرك الرئيسي للمعارضة فشجع صنوع على إنشاء صحيفة عربية تكتب بالعامية هى «أبو نظارة زرقاء» التي تلقت وحيها من الأفغاني وأحرزت نجاحا كبيراً أزعج الحكومة آنذاك، وقد تلقت أبو نظارة وحيها من الأفغاني ومحمد عبده، ونددت بزيادة الضرائب والتدخل الأجنبي وهاجمت الوزراء بأسلوب ساخر، وتناولت الحياة الاجتماعية بمباهجها ومفاتنها وشجعت المصريين على الشكوى وبصرتهم بحقوقهم إن لم يستطيعوا الثورة على الظلم.