رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عائشة إبراهيم: الرواية الجيدة تُحدث شرخًا في نفس الكاتب والقارئ

ندوة لمناقشة رواية
ندوة لمناقشة رواية صندوق الرمل

حلّت الروائية الليبية عائشة إبراهيم ضيفة على مكتبة "الميكروفون"، مساء أمس، لمناقشة روايتها "صندوق الرمل"، الصادرة عن دار المتوسط والتي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية. 

ضحايا الحرب

روت إبراهيم، في الندوة التي أدارتها الكاتبة نورا ناجي، دوافعها لكتابة روايتها التي تبدأ أحداثها منذ العام 2011 مع الغزو الإيطالي لليبيا قائلة إنه في 26 أكتوبر من العام 1991 أعلن التلفزيون الليبي أن ذلك اليوم هو يوم الحداد في كل عام، إحياء لذكرى الليبيين الذين قيدوا ودفعوا في صفوف طويلة باتجاه سفن لترحيلهم إلى المنافي الإيطالية بعد معركة المنشية وشارع الشط. 

وتابعت: منذ عام 1991 نستذكر هذه المناسبة الأليمة في كل عام، وعندما كتبت رواية "صندوق الرمل"، كنت قد تشبعت بهذه القضية التاريخية وقرأت المعلومات المتاحة حول نفي الليبيين سواء من خلال مقالات باولوا فاليرا وكتب التاريخ الليبي ووثائق مركز جهاد الليبيين، فأردت استرجاع الحادثة التي كان ضحيتها الكثير من النساء والأطفال بلا أي ذنب، فالنساء تحملن التعذيب وأصبن بالأمراض وكلهن قضين نحبهن، كما تؤكد الوثائق الصادرة عن مركز جهاد الليبيين.

قالت إبراهيم: الحرب في أي وقت ضحيتها النساء والأطفال الذين تحملوا العبء الأكبر، ونفس مشاهد تشريد النساء والأطفال تتكرر في كل حرب، وعندما شرعت في كتابة الرواية كنا أيضًا في حالة حرب، وكنت ضحية لها إذ اضطررت للنزوح وشعرت أنها قضيتي الخاصة، فأنا امرأة عانت من الحرب، وما زال هناك الكثير من النساء يعانين بسبب الحروب.  

الرواية التاريخية 

تستند الرواية إلى أحداث تاريخية وقعت بالفعل ووقائع باتت مسجلّة في ذاكرة الليبيين، لكن الروائية الليبية احتفظت بمفهومها الخاص عن الرواية التاريخية، فلفتت إلى أن الرواية التاريخية لا تكتب من أجل الحادثة وإنما للإسقاط على الواقع، إذ يجب أن تتخلص الرواية من فكرة علاقتها بالواقع نحو دورها في بناء وعي جمعي تجاه الحرب.

وأضافت: على الرواية التاريخية أن تمنح لقارئها المعرفة والوعي وأن تظهر الجانب المخفي من كتب التاريخ الذي لا ينقل سوى الأحداث الكبرى المفصلية بينما تظل أصوات الضحايا غير موجودة. 

زاوية محايدة

ارتكزت الكاتبة في روايتها على الراوي العليم جزئي المعرفة ليكون ناقلًا لصوت الجناة والضحايا، لافتة إلى أن هذا الخيار جاء بسبب رغبتها في عدم تركيز السرد عن التعاطف سواء مع الجانب الإيطالي  أو الليبي. 

واستطردت: الرواية إن لم تحدث شرخًا في نفس الكاتب والقارئ لا تكون رواية ناجحة، إذ عليها أن تكون محاكمة لكل القوى الغاشمة، مشيرة إلى أنها ابتعدت عن ثنائية الملاك والشيطان في تناولها لجانبي الصراع بالرواية لأن ذلك التناول التبسيطي لم يعد ملائمًا للجيل الجديد. 

تجربة مؤلمة

انتقلت إبراهيم للحديث عن تجربتها في كتابة رواية "حرب الغزالة"، التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر في العام 2020 قائلة: "تجربتي في تلقي روايتي تلك كانت مؤلمة، إذ جرى التعامل معها على أنها كتابة تاريخية عن التراث الليبي وهذا غير صحيح".

وأوضحت: هذه الرواية صنعتها من العدم، فهي تتناول فترة تاريخية موغلة في القدم منذ العصر الحجري الوسيط، عندما كانت الأم هي الإله، فهناك سلسلة جبال بالجنوب الليبي بها حوالي عشرين ألف لوحة صخرية توضح تفاصيل الحياة آنذاك في وقت لم تكن فيه الكتابة قد ظهرت بعد. 

وتابعت: ارتكزت على بعض اللوحات الموجودة هناك لبناء قصة متخيلة حول امرأة ملكة وغزالة تحظى بمكانة خاصة لدى هذه الملكة، فصنعت شخصيات وأساطير وهو أمر لم يكن سهلًا لأنه معتمد كليًا على الفانتازيا والخيال لكن فوجئت بأن لجنة البوكر تعاملوا معها على أنها رواية عن التراث الليبي وهذا غير صحيح.