رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأسعار يا حكومة

النظم السياسية والنظريات الاقتصادية أيًا كان مصدرها، سواء كانت رؤية فلسفية أو تطورات اقتصادية أو تجربة سياسية. فلا يمكن أن تطبيق هذه الرؤى وتلك النظريات بعيدًا عن الواقع المعيش. فالواقع بمعطياته الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية هو الذى يعطى النظرية البعد التطبيقى، الذى يختلف من مكان لمكان، بالرغم من وحدة هذه النظرية. ولذا فكل النظم السياسية والاقتصادية تأخذ من بعضها البعض وتتاثر بعضها بالبعض على أرضية الخصوصية المكانية والزمانية للموقع والدولة؛ فوجدنا أن النظام الرأسمالى قد أخذ من إيجابيات النظام الاشتراكى حتى يطيل عمره ويتخطى النتائج السلبية الناتجة عن التطبيق الرأسمالى كما أن التغيرات السريعة والمتلاحقة التى تجتاح العالم سلبًا وإيجابا جعلت تلك الأنظمة بكل مسمياتها تتخلص من المفهوم الأيديولوجى الجامد. فالآن نجد كلامًا حول مفهوم الديمقراطية النيابية تأثرًا بتأثير وسائل التواصل الاجتماعى. كما أننا نجد على أرض الواقع التداخل الظاهر بين الأنظمة فى أى نظام سياسى أو اقتصادى . فلا نجد تلك الحدة فى التطبيق لأى نظام من الأنظمة. ففكرة السوق الحرة "دعه يعمل دعه يمر" لم تعد تطبق بنفس المعايير وبذات الأسلوب الذى كان عند تبنى النظرية الرأسمالية. فالأزمات الاقتصادية العالمية وكورونا أسستا لكثير من التغيرات العولمية؛ فعادت النظرة القومية والوطنية إلى الصدارة. لذا فهل ونحن فى ظل تلك الأزمة الاقتصادية التى يمر بها العالم، والتى نمر بها، بل تسيطر على حياتنا، والتى يعانى منها الجميع، خاصة تلك الطبقة المتوسطة "سابقا" والطبقة الفقيرة التى تزداد عددًا وعلى مدار الساعة، وذلك نظرًا لأمور اقتصادية عديدة ومتعددة أهمها تلك الدخول الثابتة "مرتبات ومعاشات"، ومن ليس لديهم هذا المرتب أو المعاش، والتى تنخفض قيمتها الشرائية نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه فى مقابل الدولار. وذلك يظهر فى عمليات الشراء لكل السلع الحياتية والمعيشية وغير ذلك وعلى كل المستويات الشرائية بأسعار تتغير ليس على مدار اليوم أو الساعة، لا نبالغ لو قلنا على مدار الدقيقة، فالسلعة الواحدة لها سعر متغير بلا مبرر ومن تاجر لآخر وحسب المزاج . والرد أصل الأسعار زادت!!، ولا نعلم أى مبرر لزيادة هذه الأسعار التى يتم ربطها بسعر الدولار. مع العلم أن أغلب هذه السلع لاعلاقة له بسعر هذا الدولار الملعون، ولو كانت هذه العلاقة، فهل هناك قاعدة اقتصادية صحيحة تبرر هذا الانفجار فى الأسعار، الآن ومنذ حوالى شهر هناك شبه استقرار فى سعر الدولار. فلماذا لا يقابله استقرار فى الأسعار؟ وهل هذه الزيادات التى تدخل فى إطار السرقة وليس التجارة تتأثر ارتفاعا وانخفاصا بنسبة التضخم؟ أم أن العملية قد أصبحت بلا ضابط ولا رابط؟ هنا نقول إن المواطن عليه متابعة ذلك بالمقاطعة لتلك السلع. هنا وكيف يقاطع المواطن الغلبان سلع قمة الضرورية للحياة ولا نتكلم عن سلع ترفيهية لأنه لاعلاقة له الآن وقبل الآن بما يسمى ترفيهًا؟ ثانيًا: يقولون متابعة الأسعار والإبلاغ عن التاجر. هنا فليقل لنا أى مسئول كيف أتابع هذه الأسعار؟ هل هناك أسعار تقريبية كما أعلن؟ هل هناك زمن لهذه الأسعار التقريبية؟ وكيف أبلغ والسعر يتحرك جزافًا؟ فهل الحكومة وأجهزتها لا تعلم هذا الواقع المرير؟ أليس هناك حل بعيدًا عن التحجج بحرية السوق هذه. فهل نحن نظام رأسمالى بالفعل للعرض والطلب بالرغم من أن النظام الرأسمالى عند الطوارئ وعندما يكون هناك ما يهدد  سلامة الوطن فلا قانون لعرض ولا طلب. الأهم أن تاجر التجزئة يتحجج بأن تاجر الجملة والوسطاء هم الذين يحددون الأسعار ليجنوا الأرباح استغلالًا للظروف الاقتصادية الحاكمة. فهل لا توجد آليات لضبط هؤلاء، بل محاكمتهم نظرًا لاستغلالهم ظروف الوطن والمواطن مما يجعل المواطن فاقدًا الأمان . والأمان هنا غير الآمن. الأمان أننى أشترى السلعة اليوم بسعر مغالى فيه فاضطر للشراء، ولكن الأهم أننى فاقد الأمان فى الغد وبعد الغد الذى لا أعلم فيه ماذا سيكون السعر. فى الوقت الذى أعلم فيه تمام العلم أن هذا ضد القانون وضد العدل وضد الوطن. نعم هناك من يستغل الظروف ليس لصالح الوطن فلابد من تضافر الجهود الحكومية والشعبية لمواجهة هذه الشرذمة التى لا تريد سلامة الوطن حتى نتخطى هذه الظروف مثلما تخطينا الكثير والكثير قبل ذلك . حمى الله مصر وحفظها وحفظ شعبها العظيم.