رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صالح غازى: الممارسات الشخصية للمبدع لا يجب الوقوف عندها بتأمل وتفنيد

أحمد زويل يدخن الشيشة
أحمد زويل يدخن الشيشة

مع انتشار صورة دكتور أحمد زويل يدخن الشيشة، وهو المزاج المشترك بينه وبين كثير من المبدعين، كـ نجيب محفوظ، وتحية كاريوكا، وسعاد حسني وغيرهم، فتح الحديث عن مزاج المبدعين، وهل يرتبط بطقوس الكتابة والإبداع؟

وفي هذا الصدد قال الشاعر صالح غازي لـ "الدستور": كنت في أمسية أدبية خارج مصر، وأثناء حفل العشاء مع كتاب من دول مختلفة، جلسنا على طاولة واحدة وانفرد أحدهم يحكي عن عشقة لممارسة الرياضة وعلاقتها بالإبداع وكيف تكون ممارسة التمرينات الرياضية أسلوب حياة، وقلت له ممازحًا، كيف للمبدع أن يلعب رياضة، متى يدخن إذن! فاستغرب مداخلتي المتهكمة وأجاب يعدد كيف تنظم الرياضة الوقت وكيف تحفزك وأعطى أمثلة لمشاهيرمبدعين عالميين معاصرين.

وطبعًا لم أعجز عن ذكر مشاهير الكتاب بناء على تاريخ طويل من الذكريات لأمسيات الكتاب وحكاياتهم عن عاداتهم أثناء الكتابة والتي لا تخلو من الكئوس والدخان.

وتابع "غازي": "وطرأت في رأسي عدة أفكار لم أجد أهمية كبيرة للوقوف عندها مثلًا فكرة ارتباط بعض المجتمعات باجترار الألم والبؤس كوسيلة للإبداع مثل المبدع في المنطقة العربية أو في أمريكا اللاتينية، وفكرة أخرى أن الثقافة التركية طغت بشكل الشيشة والصورة الذهنية للباشا أو السلطنة على شكل الممارسات الحياتية لأغلب العرب مثلًا تجد الشيشة طقسًا أساسيًا في أغلب بيوت المناطق التي احتلتها تركيا وأيضًا أغلب المطاعم، ناهيك عن المقاهي، فكرة ارتباط الإبداع باللهو أو التوهان أو التغييب كلها أفكار لا تستحق الوقوف عندها حقًا".

واستطرد "غازي": أعتقد أن لكل شخص تركيبته ومزاجه وبالتالي محفزات خاصة على الإبداع سواء بمزيد من الاسترخاء أو بمزيد من النشاط. هناك أصدقاء تحفزهم الموسيقى الكلاسيكية مثلًا وهي بالمناسبة لا تسبب الاسترخاء إنما تضع المستمع في صراع فكري.

كما أعرف أصدقاء يكثرون من شراب الشاي والقهوة أثناء الكتابة، وعرفت من يتحمس بعد ممارسة الرياضة كما أسلفت، وعرفت من يمارس تدريبات للتركيز.

ولفت "غازي" إلى: ملاحظتي أن محفزات الكتابة أو حتى تهيئة الأجواء للتركيز تختلف من فرد لآخر وقد لا يحتاج المبدع لأي منها، لكن الأكثر مداومة الإبداع هو صاحب الموهبة المخلص لموهبته والأكثر تنظيمًا لوقته والأكثر قراءة والأكثر تفكيرًا وصاحب التجربة.

كما أن العالم المبتكر طريقه هو التفكير العلمي الأكثر بحثًا والأدق في التحليل. وهذه الملاحظة هي الأبرز من وجهة نظري للتأمل فيها للمهتمين وأيضًا للمخططين للسياسات الثقافية وآليات التشجيع والتحفيز على الإبداع.

وعن الصورة المنتشرة لأحمد زويل وهو يدخن أضاف: أولًا الصورة لا تعدو كونها صورة لرجل يجلس على مقهى يدخن الشيشة وليست دليلًا على مزاج يرتبط بالإبداع أو الابتكار، إنما قد يكون الأمر مشاركة طقسية أو احتفالية أو شعورًا يجب أن يشعر به أو عادة خاصة به.

ثانيًا: الممارسات الشخصية للمبدع أو المبتكر لا يجب الوقوف عندها بتأمل وتفنيد زيادة عن اللزوم، فهي مثلًا لن تعطي أثناء تكرارها نفس النتيجة، لذلك الاهتمام بفحص هذه الأشياء لا يعدو أن يكون بمثابة الانشغال بممارسات غير مفيدة.

ثالثًا: الأمر الذي يجب نقله والحديث عنه وإثارته بالدراسة والرعاية والعناية والتأمل هو المحتوى والإنجاز الذي قدمه لنا هذا المبدع أو العالم أو المبتكر.