رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حوار مجتمعى حول الموازنة

ست جلسات حوارية بشأن موازنة العام المالى الجديد ٢٠٢٣/٢٠٢٤، ستعقدها وزارة المالية، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بتكليف رئاسى، مع ممثلى اتحاد الغرف التجارية، واتحاد الصناعات، والمجالس التصديرية، واتحاد المستثمرين، وجمعيتى رجال الأعمال وشباب الأعمال، ومجالس الأعمال المشتركة، ومجلسى الشيوخ والنواب، والمرأة، و«القادرون باختلاف»، وشباب وأساتذة الجامعات ومراكز البحوث، والصحفيين والإعلاميين، وخبراء الاقتصاد، و... و... وتوسيع أنشطة «الموازنة التشاركية»، التى تتبنى تنفيذها وحدة «الشفافية والمشاركة المجتمعية» بالوزارة، فى مختلف المحافظات.

تلك، إذن، مرحلة أو خطوة سابعة تضاف إلى المراحل أو الخطوات الست، المعتادة، التى يمر بها إعداد الموازنة العامة للدولة، والتى تبدأ بإصدار «منشور إعداد الموازنة»، الذى تقوم كل جهات الدولة، على أساسه، بالخطوة الثانية، وهى إعداد موازنتها وفقًا لرؤيتها، ثم تقوم وزارة المالية، فى الخطوة الثالثة، بمناقشة تلك الجهات، حول تفاصيل الموازنات الخاصة بكل منها، قبل أن تقوم الوزارة، فى الخطوة الرابعة، بعرض مشروع الموازنة على مجلس الوزراء لمراجعته وتعديله، وتقديمه فى الخطوة الخامسة للبرلمان لدراسته ومناقشته واعتماد صيغته النهائية، التى يتم رفعها، فى الخطوة الأخيرة، إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليها.

منشور إعداد مشروع الموازنة أصدرته وزارة المالية فى ديسمبر الماضى، وعرفنا منه أن موازنة العام المالى المقبل، ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، برغم التحديات الاقتصادية العالمية غير المسبوقة، تستهدف تسجيل معدل نمو بنسبة ٥.٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وتحقيق فائض أولى مستدام يصل إلى نحو ٢٪ فى المتوسط، ووضع معدلات العجز والدين فى مسار نزولى، وخفض عجز الموازنة ليكون فى مستويات ٥٪ على المدى المتوسط، مع استهداف تراجع معدل المديونية الحكومية إلى أقل من ٨٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى مع نهاية ٢٠٢٧. مع خفض تكلفة الاقتراض وخدمة الدين الحكومى من ٧.٦٪ فى موازنة العام الحالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ إلى ٦.٥٪ من الناتج المحلى بحلول عام ٢٠٢٦/ ٢٠٢٧، بما يقلل نسبة الفوائد إلى إجمالى مصروفات الموازنة إلى أقل من ٣٠٪ مقارنة بنسبة ٣٣.٤٪ المستهدفة فى العام المالى الحالى.

عرفنا من هذا المنشور، أيضًا، أن تحقيق المستهدفات الاقتصادية سيكون من خلال تعظيم جهود الانضباط المالى، ودعم الإصلاحات الهيكلية، والتركيز على ضم الاقتصاد غير الرسمى، وتعزيز التنافسية، وتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات لتحفيز الاستثمار، ودفع معدلات الإنتاج والتصدير، وتعميق المكون المحلى، والاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التحويلية، والتوسع فى التوجه نحو التحول الأخضر، وجذب مزيد من الاستثمارات النظيفة، بالاستغلال الأمثل للبنية الأساسية القوية، و... و... والإشارة، هنا، قد تكون مهمة إلى أن وزارة المالية انتهت، فى أغسطس الماضى، من حصر الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص، ومن المفترض أن تكون قد بدأت، خلال الشهر الجارى، إجراءات تقنين أوضاعها ووضع لوائح موحدة لأنشطتها، لتحقيق الانضباط المالى وضمان الإدارة الرشيدة للمال العام.

المهم، هو أن جلسات الحوار المجتمعى، التى سيديرها الدكتور محمد معيط، وزير المالية، تهدف إلى تحديد أولويات الإنفاق العام، ومعرفة رؤية مجتمع الأعمال بمختلف شرائحه لمتطلبات تحفيز النشاط الاقتصادى، والتوزيع العادل للاعتمادات الموازنية بشكل يراعى الاستجابة لمتطلبات النمو والتنمية لكل المناطق وشرائح المجتمع، مع التركيز على استكمال المشروعات التنموية ذات الأولوية، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، والتعامل مع آثار التحديات الاقتصادية الدولية والمحلية؛ بما يسهم فى الحد من تداعيات الموجة التضخمية العالمية على المواطنين، بقدر الإمكان؛ جنبًا إلى جنب مع استكمال المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، والتوسع فى البرامج الفعَّالة بهذين القطاعين الحيويين.

.. وتبقى الإشارة إلى أن موازنة العام المالى الحالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، كانت الأضخم فى تاريخ مصر، إذ تجاوزت الثلاثة تريليونات جنيه، كان حوالى ٤٩٠ مليار جنيه منها، أى سدسها تقريبًا، من نصيب برامج الدعم والحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية، فى ظل الظروف الاستثنائية التى يشهدها الاقتصاد العالمى، والتى فرضت، ولا تزال، ضغوطًا بالغة الصعوبة على موازنات كل دول العالم.