رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقائق ربما لا تعرفها عن ابن حزم الأندلسى

ابن حزم الاندلسي
ابن حزم الاندلسي

يعد ابن حزم الأندلسي من أكبر علماء الأندلس وأكبر علماء الإسلام بعد الطبري، وهو إمام، وفقيه ومجدد وأديب وشاعر وناقد ومحلل، وصاحب العديد من المؤلفات المعروفة في الفقه والتاريخ والأدب ومقارنة الأديان، وقد وصفه البعض بالفيلسوف والعالم الذي كان من أوائل من اعتقدوا بكروية الأرض.

هو أحد أعلام المسلمين في القرن الخامس الهجري، وقد صفوه فقالوا: هو الإمام الكبير، والمجتهد المطلق، بحر العلوم، وجامع الفنون، الفقيه الحافظ، الأديب الوزير، المؤرخ الناقد، صاحب التصانيف الباهرة.

كان ابن حزم إمام المذهب الظاهري ومجدده، وحاملاً للوائه من خلال موسوعته الأصولية «الإحكام لأصول الأحكام»، ودراساته الفقهية «المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار».

ومن أعم ما وصف به ذلك الفقيه الكبير أنه المناهض القوي للرق والعبودية، والنصير البليغ للنساء والرائد الأول لحقوق المرأة.

ولد ابن حزم في 30رمضان 384 هـ / 7 نوفمبر 994م بقرطبة وعاش ابن حزم الأندلسي في أوائل حياته في قصر أبيه الذي كان وزيرًا من وزراء المنصور بن أبي عامر، وشارك في عدد من الفتوحات الإسلامية، وقد احتلَّت أسرته مكانة رفيعة في الأندلس، حيث امتلكت قرية كاملة هناك وهي قرية "منت ليشم"

أمَّا تعليمه فقد درس ابن حزم المنطق على يد محمد بن الحسن القرطبي، ودرس الحديث على يد يحيى بن مسعود، وأخذ الفقه الشافعي على يد عدد من شيوخ قرطبة، وبعد أن تعلَّم المذهب الشافعي انتقل إلى الظاهري فعُرف بابن حزم الظاهري.

وككثير من الناس قاسى ابن حزم نار الفتنة التي قامت في قرطبة في الفترة التي كان يكتب فيها كتابه «طوق الحمامة في الألفة والأُلاف» ثمَّ ترك ابن حزم قرطبة وهاجر إلى ألمريَّة، وبسبب انشغاله بالسياسة ونضاله من أجل إعادة بناء الدولة الأموية في الأندلس، لقي ابن حزم عذابًا كبيرًا، فتعرَّض للنفي والتشريد إلى أن سقطت الخلافة الأموية في الأندلس.

أما ما يتعلق بإنجازاته، فقد قضى ابن حزم حياته ساعيًا وراء العلم، حتَّى كان موسوعة تمشي على قدمين، فلم يترك علمًا من العلوم إلَّا وطرقه، كما أنَّه ألَّف وأثرى المكتبة العربية بمجموعة من المؤلفات المفيدة في كثير من العلوم والمعارف، ولعلَّ أبرز كتبه: كتاب «الفِصَل في المِلَلْ والأهواء والنِّحَل» وكتابُ «طوق الحمامة» وكتاب «جمهرة أنساب العرب» وكتاب «نُقَطُ العروس»، كما أنَّه له في التصنيف كتاب «التقريب في بيان حدود الكلام وكيفية إقامة البرهان» وكتاب «الأخلاق والسير» وكتاب «الدرة في الاعتقاد». وكتاب «الرد على من قال إن ترتيب السور ليس من عند الله بل هو فعل الصحابة» وكتاب «النبذ في الأصول» وكتاب «النكت الموجزة في إبطال القياس والتعليل والرأي» وكتاب «النقض على أبي العباس بن سريج» وكتاب «الرد على المالكية»، وألف أيضًا كتاب «الاتصال في شرح كتاب الخصال» وكتاب «المحلى» وكتاب «المعلى في شرح المحلى».

قال عنه العز بن عبدالسلام: «ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم والمغنى لابن قدامة». وقال جلال الدين السيوطي: «كان صاحب فنون وورع وزهد وإليه المنتهى في الذكاء والحفظ وسعة الدائرة في العلوم».

كلُّ هذه الإنجازات التي وصل عددها لحوالي 400 مجلد جعلت من ابن حزم الظاهري قامة فكرية وعلمية من القامات التي يفخر بها تاريخ الأندلس بشكل خاص وتاريخ المسلمين بشكل عام، ولكنَّ ما يبعث على الحزن واليأس هو أنَّ معظم هذه المؤلفات العظيمة أحرقت في إشبيلية بعد أن ألَّبَ الفقهاء الناس والحاكم على ابن حزم أيام الفتنة. وهذه الحدة أورثت نفورًا في قلوب كثير من العلماء عن ابن حزم وعلمه ومؤلفاته، وكثر أعداؤه في الأندلس. وتمكنوا من أن يقلبوا عليه المعتضد بن عباد أمير اشبيلية، فأصدر قرارًا بهدم دوره ومصادرة أمواله وحرق كتبه، وفرض عليه ألاّ يغادر بلدة أجداده "منت ليشم"، كما توعد من يدخل إليه بالعقوبة، وهناك توفي سنة 1064م.

وفي السطور التالية بعض من أقوال ابن حزم الأندلسي:  

  • لا مروءة لمن لا دين له.
  • العاقل لا يرى لنفسه ثمنًا إلا الجنة.
  • إذا تكاثرت الهموم سقطت كلها.
  • طوبى لمن علم من عيوب نفسه أكثر مما يعلم الناس منها.
  • استبقاك من عاتبك وزهد فيك من استهان بسيئاتك.
  • ثق بالمتدين وإن كان على غير دينك ولا تثق بالمستخف وإن أظهر أنه على دينك.
  • من استخف بحرمات الله تعالى فلا تأمنه على شئ مما تشفق عليه.
  • وطن نفسك على ما تكره، يقل همك إذا أتاك، ويعظم سرورك ويتضاعف، إذا أتاك ما تحب.
  • لا تنقل لصديقك ما يؤلم نفسك ولا ينتفع بمعرفته ولا تكتمه ما يستضر بجهله.
  • لا يسرك أن تمدح بما ليس فيك ولا تأس إن ذممت بما ليس فيك.
  • لا تصاهر إلى صديق ولا تبايعه فما رأينا هذين العملين إلا سببًا للقطيعة، وإن ظن أهل الجهل أن فيهما تأكيد للصلة فليس كذلك.
  • من ساوى بين عدوه وصديقه  لم يزد على أن زهد الناس في مودته، وسهل عليهم عداوته.
  • من أراد خير الآخرة وحكمة الدنيا ومحاسن الأخلاق فليقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وليعمل بأخلاقه ما أمكنه ذلك.
  • غاية الجود أن يبذل في وجوه البر وأفضل ذلك في الجار المحتاج وذي الرحم الفقير وذي النعمة الذاهبة ومن حضرته فاقة.
  • لا ترغب فيمن يزهد فيك فتحصل على الخيبة والخزي ولا تزهد فيمن يرغب فيك فإنه باب من أبواب الظلم.
  • إعلم أن رياضة الأنفس أصعب من رياضة الأسود لأن الأسود إذا سجنت في بيوت الملوك آمنوا شرها، والنفس إن سجنت لم يؤمن شرها.
  • كلما نقص العقل توهم صاحبه أنه أوفر الناس عقلًا وأكمل تمييزًا.
  • من أراد الإنصاف ليتوهم نفسه مكان خصمه فإنه يلوح له وجه تعسفه.
  • لا تتكلم إلا بما قربك من خالقك وإن خفت ظالمًا فاسكت.
  • أشد الأشياء على الناس الخوف والهم والمرض والفقر وأشدها إيلامًا للنفس فقد المحبوب وتوقع المكروه ثم المرض ثم الخوف ثم الفقر.