رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فيما عدا كرة القدم.. لم تكن المواقف السياسية لـ«بيليه» تحظى دائمًا بشعبية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

غالبًا ما تعرض البرازيلي بيليه، الذي توفي أمس، لانتقادات أثناء وبعد مسيرته، بسبب قربه من الشخصيات الحاكمة وتعاملاته التجارية، وطموحه لأن يكون رئيسًا، لذلك كان مثيرا للجدل ليس في الكرة فحسب.

بحسب موقع «lemonde»، مرت البرازيل بفترة ديكتاتورية عسكرية (1964-1985)، عندما تولى الجنرال إميليو غاراستازو ميديشي السلطة في عام 1969، حيث عُلقت الحريات وانتشر تعذيب المعارضين، ولإخفاء جرائمه كان المجلس العسكري بحاجة إلى نجاح باهر على الساحة الدولية، وأصبح الفوز في مونديال المكسيك 1970 أولويته.

في سن الثلاثين تقريبًا، كان بيليه أشهر شخصية بشرية في العالم، وبالنسبة إلى ميديشي كان من الضروري تحسين صورته، ومع اقتراب البطولة وضعت الديكتاتورية ملك كرة القدم على ملصقاتها الدعائية جنبًا إلى جنب مع الشعارات القومية "البرازيل، تحبها أو تتركها"، "لا أحد يستطيع أن يعيق هذا البلد".

لم يحتج بيليه، وأصبح بلا تردد وجهًا مبتسمًا لديكتاتورية شريرة، فبعد عودته إلى البلاد بعد فوزه على إيطاليا، ذهب على الفور إلى برازيليا، لحمل كأس جول ريميه، وكان مبتسما أثناء وقوفه بجوار الجنرال ميديشي متجاهلا ما يفعله من ديكتاتورية، ولم يحاول حتى دعم السجناء السياسيين، حتى إنه قال: "البرازيليون لا يعرفون كيف يصوتون"، وهو لا يثق بالديمقراطية.

يُتودد إليه من قِبَل كل رئيس

قال أديمير تاكارا، أمين مكتبة في متحف ساو باولو لكرة القدم: "لم يكن بيليه، بالمعنى الدقيق للكلمة، من مؤيدي الديكتاتورية"، ولم يكن للاعب دائمًا علاقة جيدة بالجنرالات، ولبعض الوقت عانى من غضب النظام لرفضه المشاركة في كأس العالم 1974، حتى إنه تحول من دمية تتبع النظام إلى"خائن للبلاد".

قال بيليه: "كنت أفتح الأبواب دائمًا للحكام الذين كانوا يبحثون عني"، وبعد الانتصارات، تم الترحيب بالنجم بالفعل والتودد إليه من قبل كل رئيس متعاقب، من الديمقراطيين والديكتاتوريين على حد سواء، من اليمين ولكن أيضًا من اليسار، ومن بينهم، مؤسس برازيليا، جوسيلينو كوبيتشيك، الداعم العمالي جواو جولارت، أو لاحقًا لولا، واختصر السيد تاكارا: «لقد تمسك بموقف غير سياسي ونال مباركة كل حكومة».

وفي فترة توهج بيليه كان هناك رجل أسمر آخر فى الشمال يسجل مواقف دونها التاريخ بأحرف من نور وهو "محمد على كلاي"، والذي وقف وحيدًا أمام سياسات الولايات المتحدة وتحمل العواقب، بينما بيليه اختار الصمت واتبع سياسة الباب المفتوح مع الساسة وكان يدخل ويخرج في سلام.

ويؤكد منتقدو بيليه أنه كان لديه الكثير ليفعله فى العديد من القضايا، فقد كانت أقدامه قادرة على إيقاف الحروب، وهذه ليست مبالغة إنما حقيقة جرت في عام 1967، فعندما ذهب بيليه مع فريقه لإقامة مباراة ودية فى نيجيريا، وكانت وقتها واقعة في أهوال الحرب الأهلية بين فصيلين من شعبها، إلا أن حضور "بيليه" كان له مفعول السحر أو أكبر، وكان كافيا لإعطاء هدنة من الحرب.

وفي موقف أصاب العالم كله وقتها بالذهول، قرر الفصيلان المشاركان في الحرب الأهلية النيجيرية وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة، حتى يتمكنا من مشاهدة بيليه وهو يلعب مباراته الاستعراضية في لاجوس.

تخيل أن أقدام بيليه فعلت ذلك، فماذا كان سيكون الوضع إذا تحدث وقتها وتبنى مواقف واضحة كما قال منتقدوه؟.