رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قناة السويس خط أحمر

هذا ما يقوله دستور ٢٠١٤، الذى تلزم مادته رقم ٤٣ الدولة، شعبًا وقيادة وحكومة وجيشًا، بحماية قناة السويس وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممرًا مائيًا دوليًا مملوكًا لها. كما تلزمها، أيضًا، بتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزًا اقتصاديًا متميزًا. ولا نعرف كيف استجاب بعض الطيبين لمزاعم، أو وساوس، مَن فى قلوبهم غرض أو مرض، بأن الهدف من إنشاء «صندوق هيئة قناة السويس» هو التفريط فى القناة!. 

صندوق له شخصية اعتبارية مستقلة، سينشأ حال إقرار مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥، الخاص بنظام هيئة قناة السويس، تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب، الذى وافق عليه، فى المجموع، خلال جلسته العامة، أمس الأول الإثنين، ثم أعلن المستشار حنفى جبالى، رئيس المجلس، عن تأجيل إجراءات الموافقة عليه بصورة نهائية إلى جلسة قادمة.

سيكون الصندوق مملوكًا لهيئة قناة السويس، التى ستسعى من خلاله، حسب مشروع القانون، إلى زيادة قدرتها على المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق الهيئة وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله، وفقًا لأفضل المعايير والقواعد الدولية، لتعظيم قيمتها والمساعدة على تمكين الهيئة من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة، التى تحدث نتيجة أى ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء فى الأحوال الاقتصادية.

موارد الصندوق حدّدها مشروع القانون فى عدة مصادر هى: رأسمال الصندوق.. نسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال الهيئة بعد الاتفاق مع وزير المالية فى بداية العام المالى، وفى حالة عدم الاتفاق يتم العرض على مجلس الوزراء لإقرار ما يراه مناسبًا.. عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق.. وموارد أخرى يقرها مجلس إدارة الصندوق، ويصدر بقبولها قرار من رئيس مجلس الوزراء.

بهذه الموارد، سيتمكن الصندوق من «القيام بجميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما فى ذلك مساهمة الصندوق بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات، أو فى زيادة رءوس أموالها، والاستثمار فى الأوراق المالية». وبها سيقوم بـ«شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها»، وهذا هو السطر، الذى استند إليه مَن فى قلوبهم مرض أو غرض، ليزعموا، أو ليوسوسوا للطيبين، بأن الصندوق يمكنه بيع أصول القناة، مع أن هيئة قناة السويس هى التى تملك الصندوق، وليس العكس. 

الصندوق، إذن، لا يملك أى أصول تابعة للهيئة، وبالتالى لا يمكنه التصرف فيها. كما أن الهيئة نفسها لا تستطيع بيع أو تأجير أصولها بموجب المادة ٤٣ من الدستور، والمادة الأولى من القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥، التى لم يقترب منها مشروع التعديل، والتى تنص على أن «تتولى هيئة قناة السويس القيام على شئون مرفق قناة السويس وإدارته واستغلاله وصيانته وتحسينه ويشمل اختصاصها فى ذلك مرفق القناة بالتحديد والحالة التى كان عليها وقت صدور القانون رقم ٢٨٥ لسنة ١٩٥٦ بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية».

إزاء «التخوفاتِ المشروعة لبعض المواطنين»، التى تؤججها «ادعاءات ومغالطات» صدرت عن «أُناس لهم مكانتهم العلمية والأدبية والثقافية بل والقانونية فى المجتمع»، أكد رئيس مجلس النواب، فى الجلسة العامة، أمس الثلاثاء، أن ما تضمنه مشروعُ القانونِ «لا يتضمن أى أحكام تمس قناة السويس؛ لكونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها»، موضحًا أن ما تضمنه مشروع القانون من حق الصندوق المزمع إنشاؤه، فى بيع أو شراء أو استئجار أو استغلال أصوله الثابتة أو المنقولة «لا يمس بشكل مباشر أو غير مباشر قناة السويس، لأن لفظ الأصول لا يمكن أن ينصرف، بأى حال من الأحوال، إلى القناة ذاتها». 

.. وأخيرًا، لا نعتقد أن هذا التأكيد، أو التوضيح، أو كل ما ذكرناه سابقًا، سيوقف «هبد» الهابدين، الذين أعماهم الغرض أو المرض عن بديهيات لا يمكن أن تغيب عن «أناس لهم مكانتهم العلمية والأدبية والثقافية بل والقانونية فى المجتمع»، أو عن محسوبين، كما حسبهم رئيس مجلس النواب، على النخبة المثقفة.