رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جرجى زيدان .. رائد الرواية التاريخية فى الأدب العربى الحديث

جرجي زيدان
جرجي زيدان

جرجي زيدان اللبناني- المولود في مثل هذا اليوم من العام 1861 في بيروت- الذي علا نجمه في مصر، وافتتح التاريخ مقاربة التاريخ العربي، من زاويتين، الرواية التاريخية والنص البحثي.

 

أعاد جرجي زيدان إنتاج التاريخ العربي والإسلامي وقدمه للناس قبل أكثر من قرن، مما طرح إشكاليات تداعي صداها عبر صحف ذلك الزمان.

 

تعود جذور أسرة جرجي زيدان إلي مدينة حوران، تعلم القراءة والكتابة في مدرسة متواضعة، بينما تعلم اللغة الفرنسية في مدرسة الشوام، والإنجليزية في مدرسة ليلية. عمل لفترة في مطعم والده البسيط، ثم تعلم صناعة الأحذية ومارسها لمدة عامين.

 

التحق جرجي زيدان بالكلية السورية ودرس الطب لمدة عام واحد، ثم هاجر إلي القاهرة في عام 1883، حيث بدأ عمله في الصحافة محررا بجريدة "الزمان"، ثم عين مترجما في مكتب المخابرات البريطانية ورافق الحملة الإنجليزية إلى السودان. عاد بعدها إلي بيروت عام 1885 حيث انضم إلى المجمع العلمي الشرقي حيث تعلم العبرية والسريانية، ثم زار لندن ومكتباتها ومتاحفها، قبل أن يعود إلي القاهرة ويتولى إدارة مجلة "المقتطف" وتأسيس مطبعة الهلال عام 1891، وفي العام التالي 1892 أصدر وحرر مجلة "الهلال"، التي أصبحت أوسع المجلات انتشارا وضمت إليها عمالقة الفكر والأدب وقتها، وترأس تحريرها كبار الأدباء والكتاب.

 

أشتهر جرجي زيدان برواياته عن تاريخ العرب والإسلام والتي بدأها برواية "المملوك الشارد" عام 1891. وبلغت روايته حوالي 22 رواية لاقت رواجا كبيرا وترجمت إلى لغات عدة.

 

ومن مؤلفات جرجي زيدان أيضا: جغرافية مصر، العرب والإسلام في العصر الحديث، طبقات الأمم، أبو مسلم الخراساني، علم الفراسة الحديث، العرب قبل الإسلام، تاريخ التمدن الإسلامي في خمسة أجزاء، وتاريخ آداب اللغة العربية وغيرها.

 

ــ فكر النهضة الحديثة

ويعد جرجي زيدان واحدا من مفكري النهضة الحديثة خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وهو كاتب موسوعي، يبحث في الأدب والفن والتاريخ، وكان من المهتمين بفكرة تنوير الشعب العربي الشرقي للدخول في العصر الحديث الذي اصطدموا به منذ مجيئ الحملة الفرنسية إلي مصر.

 

استخدم جرجي زيدان فن الرواية لتقديم التاريخ، ويكاد يكون هو مؤسس الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث بحسب الناقد الدكتور خيري دومة أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة. وقد استفاد من التراث في المادة التاريخية، وثم بعض العناصر القصصية، التي أقام عليها الأحداث الخيالية في رواياته، وكان مصدره في المادة التاريخية كتب التاريخ، كما كان مصدره في بعض العناصر القصصية القصص الشعبي.

 

وقد مثل جرجي زيدان نقطة تحول وانطلاق حقيقي للرواية التاريخية في الأدب العربي، حيث تبني الاتجاه التاريخي للرواية، ولم يغير اتجاهه هذا حتي آخر حياته، فكتب 22 رواية تاريخية، وأطلق عليها تسمية "روايات تاريخ الإسلام"، وقد كانت رواياته أفضل حالا وأكثر تماسكا من سابقاتها في الناحيتين الفنية والموضوعية، ويعده معظم النقاد رائد الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث.

 

وقد تأثر جرجي زيدان بالرواية الأوربية تأثرا شكليا ظاهريا فقط، فهو لم يلتفت إلي الخصائص الفنية للرواية كفن أدبي خيالي، وإنما أراد للرواية أن تكون خادمة للتاريخ معلمة له، بخلاف الرواية التاريخية في الغرب التي قدمت الرواية علي التاريخ، فاعتمدت علي بعض الحوادث التاريخية، إلا أنها تحررت من قيود التاريخ، وأعطت الرواية حقها في بعدها الفني والخيالي. ثم لم تظهر العاطفة القومية في روايات جرجي زيدان، تلك العاطفة التي واجهت رواد الرواية التاريخية في الغرب، فقارئ روايات جرجي زيدان التاريخية، لن يلحظ أي تعاطف أو حنين من طرفه تجاه التاريخ العربي الإسلامي. مثلما يذكر الباحث محمد حسن في أطروحته تحولات الرواية التاريخية.