رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعاون التنين والعرب.. الأنظار تتجه إلى «الرياض» والقمة العربية الصينية

القمة العربية الصينية
القمة العربية الصينية

تشهد العلاقات العربية الصينية تقاربًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، في ضوء المتغيرات العالمية، وتنوع موازين القوى، وصعود الصين كقوة كبرى، فيما يبحث العرب عن شركاء يمكن الاعتماد عليهم في التبادل التجاري، وتبادل الخبرات التكنولوجية والصناعية، وتتميز العلاقات بين الجانبين بالاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الدول، حسبما يرى خبراء ومحللون تحدثوا لـ"الدستور".

وقال الكاتب والباحث السعودي عماد المديفر، إن عقد هذه القمم يأتي محملاً ليس فقط بدلالات التوقيت؛ بل دلالات التوقيت والمكان، والحجم والأطراف المشاركة ونوع الملفات المزمع التباحث والاتفاق حولها، وهي دلالات جيوسياسية مهمة على المستويين الإقليمي والعالمي، في إطار حرص المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على تنمية العلاقات الثنائية، والخليجية والعربية المتعددة مع الجانب الصيني، في سياق توجهها الاستراتيجي لتعزيز علاقاتها وشراكاتها مع جميع الدول.

وأضاف المديفر في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أنه على سبيل المثال تسعى المملكة إلى بناء شراكة استراتيجية تدعم التجارة والاستثمار مع الجانب الصيني، وتجعل المملكة ودول الاعتدال في المنطقة الشريك الاستراتيجي الأول الموثوق للصين.

وتابع قائلًا: “هذه قمم عربية صينية غير مسبوقة، لاسيما وأنها تأتي في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، ومع اتخاذ الولايات المتحدة سياسات متذبذبة تم على إثرها تراجع مستوى الثقة وتراجع الدور الأمريكي في أجزاء واسعة من العالم والمنطقة”.

وأشار إلى أنه ستنعقد خلال زيارة الرئيس الصيني للرياض ثلاث قمم، (السعودية الصينية، والخليجية الصينية، والعربية الصينية) بحضور أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية، ما يعكس أهمية انعقاد هذه القمم، وما تحظى به من اهتمام إقليمي ودولي.

وتوقع المديفر أن توقع على هامش القمة السعودية الصينية أكثر من 20 اتفاقية أولية بقيمة تتجاوز 110 مليارات ريال، إضافة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والصين، وخطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030، ومبادرة الحزام والطريق، و جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية والصين.

وواصل الباحث السعودي: العلاقات الصينية العربية تعززت خلال السنوات الأخيرة ووصلت إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية والاستراتيجية الشاملة، كما أن عدداً من الدول العربية انضمت إلى مبادرة الحزام والطريق.

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي محمد خلفان الصوافي، إن الموقف تجاه بعض الدول لم يتغير بشأن تداعيات الحرب الأوكرانية-الروسية وكذلك فيما يخص الاستقرار الإقليمي وبالتالي وجب على السعودية وشقيقاتها البحث عن حليف دولي آخر تستطيع الثقة فيه.

وأضاف الصوافي في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن القمة محاولة سعودية لتوفير الأجواء العربية المناسبة لتوسعة آفاق العلاقات الصينية-العربية من خلال عقد ثلاث قمم مرة واحدة، وفي وقت واحد، في وقت المنطقة تشهد عدم استقرار في الجوار العربي خاصة أفغانستان وإيران وباكستان بفعل "ترهل" الموقف الأمريكي.

وأوضح الصوافي، أن الصين تركز على الملفات التجارية والاستثمارات في البنية التحتية، خاصة الموانئ والمطارات، وهذا الجانب سيكون محل اهتمام الجانب الصيني الذي لديه مشروعه الاستراتيجي (طريق الحرير)، أما الجانب العربي وخاصة السعودية فهي تحاول الانفتاح على الدول البديلة للولايات المتحدة استدراكا من أي مفاجآت في النظام الدولي. 

وتابع بقوله: الصين تريد تعميق علاقاتها العربية أكثر كونها لديها علاقاتها مع كل العرب ولكن طبيعة القمة وتوقيتها تعني أنها تعزيز هذه العلاقة خاصة وأن الرئيس شي جي بينج بدأ تواً عهده الثالث في رئاسة الصين ما يعني انطلاقة جديدة. أما العرب فيسعون لتنويع علاقاتهم الاستراتيجية في مختلف المجالات بدلاً من تركيزها على قوى دولية واحدة خاصة في هذه اللحظة التي يمر فيها العالم نحو تشكيل النظام الجديد متعدد الأقطاب.

ويرى الصوافي، أن الوقت عن الحديث حول حلول الصين بديلا لأمريكا ما يزال مبكرًا، بسبب عمق تفاصيل العلاقات الأمريكية العربية الممتدة لأكثر من 70 عامًا، ولأن الصين ما زالت مترددة في الدخول في ملفات غير تجارية واقتصادية مع العرب في الوقت أن العرب يحتاجون إلى حليف يعتمد عليه في توفير الأمن والاستقرار العسكري.

في السياق، قال الإعلامي الصيني نادر رونج، إن السنوات الأخيرة شهدت تطورًا كبيرًا على مستوى العلاقات العربية الصينية، خصوصا في وقت يشهد فيه العالم ومنطقة الشرق الأوسط أزمات طاحنة، فيما يتعلق بالوضع السياسي وحتى الأمني، والجميع يبحث عن التعاون لمواجهة التداعيات الاقتصادي وتأثير هذه الأزمات على سلاسل الإمداد.

وأضاف رونج في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن الصين تريد التعاون مع الدول العربية للحفاظ على الاستقرار، واستقرار سلاسل الإمداد والإنتاج، وخاصة أن الدول العربية لها دور كبير فيما يتعلق بإنتاج الطاقة العالمية بشكل آمن، وكذلك الصين أيضًا يمكن أن تساعد الدول العربية فيما يتعلق بالإنتاج المحلي.
وتابع بقوله: أعتقد أن أبرز الملفات في القمة هو التعاون في مختلف المجالات، سواء ما يتعلق بالطاقة، أو الاستثمارات الصينية في الدول العربية، ومنها مساعدة المملكة العربية السعودية في تطوير إنتاجها المحلي لبناء سلسلة إنتاج قوية، وكذلك التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا والطيران. 

وأوضح الإعلامي والمحلل السياسي الصيني، أن القمة ستشهد تنسيق المواقف بين الصين والدول العربية في مختلف المحافل الدولية، ومناسبات العالمية، فبكين والدول العربية، تسعى كلاهما إلى التماسك والاستقلال في سياستها الخارجية.

وأشار إلى أن القمة سوف تتميز بمبدأ المكاسب المشتركة للجميع، لأن بكين تتمسك بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، وكذلك منفتحة على التعاون أيضًا، ولديها الموارد البشرية والطاقة وكذلك التكنولوجيا العالية. 

ونوه بأن الدول العربية أيضا تمتلك موارد الطاقة، ويمكن أن تقدمها للصين، ما يعني وجود ما يعرف بالتكامل الاقتصادي على الجانبين، وهنا يمكن للجميع تحقيق مكاسب مشتركة بدون أي شروط سياسية مسبقة.

واختتم رونج تصريحاته بالقول: “الصين تريد من الشرق الأوسط أولا يضمن إمداد الطاقة بشكل آمن، وكذلك فتح الأسواق في الشرق الأوسط للبضائع الصينية، فضلًا عن التعاون في مبادرة الحزام والطريق، والبنية التحتية التي يمكن أن توفرها الصين للدول العربية”.